مستقبل شرق الفرات بإختصار

الأمازيغي: يوسف بويحيى
الحقيقة أن ما يروجه الإعلام المحلي لا يملك ذرة من الحقيقة بخصوص مستقبل شرق الفرات، وما تضارب الأراء المتداولة إلا لخلق زوبعات للأرباح الإعلامية، بينما ما يتم عمليا على الأرض لا علاقة له بما يشاع.
أولا: إن مناطق شرق الفرات هي مناطق تحت الرعاية الأمريكية حيث لا تستطيع لا روسيا و لا إيران و لا تركيا و لا النظام تحديد مستقبلها، فأي شيء لم يصدر و يبصم من البيت الأبيض لن يكون له وجود في المنطقة.
ثانيا: إن موقف أمريكا من قوات “قسد” واضح و لن يتغير إلا بقبول الأخيرة الإملاءات الأمريكية، إذ أن أمريكا لم تتحالف مع “قسد” بشكل ثنائي رسمي بل من باب التحالف الدولي لمكافحة إرهاب داعش وليس مكافحة الإرهاب بشكل عام و مفتوح، وهذه نقطة أخرى يجب على الجميع فهمها.
ثالثا: إن التنسيق بين قوات “قسد” و أمريكا مجرد مرحلي و مؤقت عسكري، بينما أمريكا تستبعد التعامل مع “قسد” سياسيا، ولا يوجد أي إتفاق سياسي من البداية إلى الٱن بين أمريكا و قوات “قسد”.
رابعا: إن ما يسمى تفاوض قوات “قسد” خصوصا القسم الكوردي pyd المتحكم مع النظام السوري مجرد كذبة، لأن الأول جزء لا يتجزأ من منظومة الثاني، زيادة أن قادة pyd ليس لديهم أي مشروع كي يتفاوضوا عليه، ومشروعهم نفسه مشروع النظام السوري.
خامسا: روسيا لن تسمح لتركيا بإحتلال شرق الفرات مهما توسل أردوغان لذلك, ومنطقيا وفق الواقع السياسي فأقرب قرارات “بوتين” هي عودة النظام السوري لها و ليس دخول تركيا، وهذا كله في حالة تم تسليم أمريكا مصير المناطق لروسيا رغم أنه يبقى إحتمال ضعيف جدا.
سادسا: إن أمريكا لن تسمح بعودة النظام السوري لمناطق شرق الفرات، وهذا أكده “جون بولتون” مرات عدة، وفي نفس الوقت أمريكا لن تسمح لتركيا بدخول شرق الفرات، وإلى حد الٱن مازال الكل لا يعلم ماذا تريد أمريكا بالضبط، بينما الروس و الأروبيين يؤكدون أن أمريكا تطمح لفرض حظر جوي على كوردستان روجافا، وهذا واضح جدا في ردود أفعال رجال الدولة العميقة التركية.
سابعا: إن حزب pyd بدأ يضعف بشكل كبير لأن أمريكا لن تمنحه زمام الأمور كما في السابق، وذلك بسبب تباعد الرؤى الإديولوجية و عدم ثقة أمريكا به و حفاظا على مصداقيتها الدولية بعيدا عن الشبهات، بينما ترى أمريكا في تشكيل قوات عربية و إدخال بيشمركة روج البديل المناسب لسد الثغرات، وهذا هو السبب الذي يجعل قادة pyd يصرحون دائما بعدم سماحهم لقوات بيشمركة روج بالدخول.
ثامنا: أمريكا لا تتفاوض مع قادة pyd بل تضغط و تفرض عليهم شروطها، كما تعمل على إضعافهم و تخفيف علاقتهم بالنظام السوري من أجل تعديلهم و تهيئهم.
تاسعا: إن روسيا و أمريكا و إسرائيل يتأبطون شرا لتركيا في المستقبل، والثلاثي لن يسمحوا بتقوية تركيا و توسعها الإستراتيجي مهما كان، لهذا فمنطقة شرق الفرات خاصة و كوردستان روجافا عامة لم تنتهي بعد، ومازال كل شيء ممكنا و متاحا لصالح الكورد في أي لحظة، لأن تركيا ستسقط بالورقة الكوردية عاجلا أم ٱجلا.
عاشرا: أمريكا تعلم جيدا أن خسارة الكورد في كوردستان روجافا سيجعلها تخسر الكثير، لهذا تحاول بناء شريك كوردي متزن يحمل مواصفات الحليف الإستراتيجي، أما pyd  فغير مرغوب فيه سياسيا، ومستقبله مع أمريكا في المنطقة مقرون بنهاية تنظيم داعش لا أقل و لا أكثر، وهذا السبب و التخوف هو الذي يجعل قادة ب ي د في كل مرة يقولون “مستعدون للإنضمام للجيش العربي السوري”.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شيركوه كنعان عكيد تتميز سوريا كما يعرف الجميع بتنوعها القومي والديني وكذلك الطائفي، هذا التنوع الذي استطاعت السلطة البائدة أن تبقيه تحت السيطرة والتحكم لعقود طويلة في ظل سياسة طائفية غير معلنة، ورغم أن علاقة الدين بالدولة بقيت متشابكة، إلا أنها لم تصل إلى حد هيمنة العقلية الدينية أو الطائفية على مؤسسات الدولة بصورة صريحة. أدى ذلك الوضع تدريجيًا إلى…

علي جزيري نشرت جريدة قاسيون، في الخميس المصادف في 17 نيسان 2025 مقالاً تحت عنوان: “لماذا نحن ضد الفيدرالية؟” انتهج القائمون عليها سياسة الكيل بمكيالين البائسة بغية تسويق حجتهم تلك، فراحوا يبرّرون تارة الفيدرالية في بلدان تحت زعم اتساع مساحتها، ويستثنون سوريا لصغر مساحتها…! وتارة أخرى يدّعون أن سويسرا ذات (أنموذج تركيبي)، يليق بها ثوب الفيدرالية، أما سوريا فلا تناسبها…

صلاح عمر منذ أن خُطّت أولى مبادئ القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ترسخ في الوعي الإنساني أن الشعوب لا تُقاس بعددها ولا بحدودها، بل بكرامتها وحقها في تقرير مصيرها. ومنذ ذلك الحين، أُقرّ أن لكل شعب الحق في أن يختار شكله السياسي، وأن ينظّم حياته وفق هويته وتاريخه وثقافته. هذا المبدأ لم يُولد من رحم القوة، بل من عمق…

فواز عبدي في مشهد الصراع السوري، تُستدعى رموز التاريخ الإسلامي بشكل متكرر من قبل الفصائل المختلفة، كلٌّ بحسب توجهه وهويته. ومن بين تلك الرموز، يبرز اسم الدولة الأموية / بني أمية / الأمويين بقوة في خطاب بعض الجماعات والفصائل ذات الطابع السنّي، خصوصاً تلك التي ترى نفسها امتداداً لـ”أمجاد الماضي”. لكن استحضار بني أمية اليوم، في سياق شبه حرب أهلية…