شاهين أحمد
نشرت صحيفة الشرق الأوسط ، وكذلك العديد من المواقع الالكترونية ، وصفحات التواصل الاجتماعي المختلفة ورقةً مكونة من ” 11 ” بنداً ، سميت بـ ” خريطة طريق ” مقدمة من طرف حزب الاتحاد الديمقراطي pyd لرئيس مكتب الأمن الوطني السوري ” علي مملوك ” ، ونسخة للجانب الروسي كطرف راعي لما جرى ويجري من لقاءات بين الحليفين ” النظام و pyd ” ، والمحزن أن وسائل الإعلام التي قامت بنشر ” التسريب المتعمد ” ألصقت زوراً كلمة ” أكراد ” بالمنشور ” الورقة ” وفق : ” أكراد سوريا ” يسلمون مطاليبهم إلى ” الضامن الروسي ” !؟.
وأكد سيبان حمو قائد ماتسمى بـ ” وحدات حماية الشعب ” الجناح المسلح لحزب pyd لـ صحيفة الشرق الأوسط ،إنهم سلموا الجانب الروسي ” خريطة طريق ” مفصلة لمبادئ طرحها خلال زيارتين غير معلنتين إلى دمشق وموسكو نهاية العام الماضي، على أن يكون الجانب الروسي ” ضامنا ” لأي اتفاق بينهم وبين النظام السوري . ومعروف للقاصي والداني بأن كل ماجرى من لقاءات بين الطرفين – pyd والنظام – لايعنينا لامن قريب ولا من بعيد ، ولايمثلنا ، ولايعبر عن إرادة ومطاليب وطموحات شعبنا . ولنستعرض بإيجاز بعض ماورد في ” الورقة ” المذكورة :
البند “1 ” ( سوريا دولة موحدة ، والاعتراف بحدودها الدولية، وأنها دولة مركزية وعاصمتها دمشق ) . الجميع يعلم أنه لم يصدر منذ بدء الثورة السورية ، وتسليم النظام لبعض مناطق كوردستان سوريا لـ حزب pyd ، أية إشارة حول نية الأخير على الانفصال ، لكن مايلفت النظر هنا هو إصرار وتأكيد حزب pyd على ” مركزية الدولة السورية ” !، وذلك إرضاءً للنظام وتماشياً مع رؤيتة وطبيعته ، الأمر الذي يكشف حقيقة الحزب ، والتناقض الواضح بين ماورد في ” الورقة ” المقدمة من قبله ، مع كل ماطرحه من مشاريع وهمية خلال سنوات الثورة السورية الثماني التي مضت – مثل ” الكانتونات وفدرالية شمال سوريا ، أو فدرالية الشمال …..الخ ” – والغاية من كل تلك الشعارات كانت ، إرسال رسائل لأكثر من جهة محلية وإقليمية لإثارة مخاوفها ، وخلق مبررات وذرائع للتدخلات الخارجية ، وإيهام الرأي العام الكوردي المحلي ، لدفع المزيد من أبناء شعبنا الكوردي إلى اتون المعارك والمحارق التي لم يكن لشعبنا فيها أية مصلحة ، وكذلك للتشويش على طرح المجلس الوطني الكوردي ENKS حول الفدرالية كحل لمستقبل سوريا والقضية الكوردية . البند ” 2 ” – ( الرئيس المنتخب، أي الرئيس بشار الأسد، هو رئيس كل السوريين ) . أولاً : لم تشهد سوريا أية انتخابات حقيقية ، لا برلمانية ، ولا رئاسية منذ قرابة سبعة عقود . ثانياً : لايوجد في دستور النظام المعمول به حالياً مايشير إلى وجود مبدأ حرية انتخاب الرئيس في سوريا . ثالثاً : كل ما كان يجري في سوريا ، كانت عبارة عن مسرحيات ، وفق مصطلح ” الاستفتاء ” ، وبالتالي هو ليس برئيس منتخب ، والجميع يعلم كيف تم ” توريث ” الحكم . كيف يكون رئيساً لكل السوريين وهو الذي يتحمل شخصياً المسؤولية الأكبر عن ” تهجير “أكثر من نصف السوريين من بيوتهم ، وتدمير مدنهم ومنازلهم ؟!. البنود ” 4- 5 – 6″ – ( الاعتراف بالسياسة العامة للبلاد المسجلة في الدستور، بما يشمل السياسة الخارجية ومصدر القرار في المحافل الدولية بدمشق.الاعتراف بعلم واحد للبلاد، وهو العلم الرسمي للجمهورية العربية السورية بموجب الأمم المتحدة ) . اعتراف حزب pyd بـوجود جيش واحد للدولة، لكن هناك موقفاً تفاوضياً يقوم على أن تكون قوات سوريا الديمقراطية ضمن جيش النظام. وهنا نلاحظ تمسك أصحاب ” الورقة ” بدستور البعث ومضمونه العنصري الإقصائي بحق الكثير من مكونات الشعب السوري ، وفي مقدمتها الشعب الكوردي ، وكذلك يحاول أصحاب ” الورقة ” إضفاء الشرعية على علم النظام الذي أرتكب تحته كل هذه الجرائم ، وكذلك التمسك باسم ” الجمهورية العربية السورية ” !.علماً أن المجلس الوطني الكوردي وأطياف واسعة من المعارضة السورية ، وكذلك الكثير من الجهات الدولية ، قد تجاوزوا هذه العقدة – الجمهورية العربية السورية – وتم تبديلها بـ ” الجمهورية السورية ” أو ” الدولة السورية ” أو” سوريا ” ، وذلك احتراماً وإقراراً بـ ” التعددية القومية ” في سوريا . وكذلك استعداد pyd لضم ميليشياته المسلحة إلى جيش النظام .كل هذا العبث والتخبط وخلط للأوراق من طرف حزب الاتحاد الديمقراطي ، يأتي في مرحلة حساسة من عمر الأزمة السورية ، حيث هناك مساعي منذ أكثر من سنة لتشكيل لجنة لصياغة ” دستور توافقي جديد ” مختلف عن دستور البعث ، وبعد الإعلان المفاجىء للرئيس ” دونالد ترامب ” في 19 كانون الأول 2018 نيته ” سحب قوات بلاده من سوريا ” ، الأمر الذي أحدث إرباكاً في أوساط pyd ، وشكل عاملاً مساعداً في سرعة إعلان دعوتهم للنظام ، للدخول إلى مناطق كوردستان سوريا من جديد واستلام الأمانة . وهنا من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن ماتسمى بالإدارة الذاتية لحزب الاتحاد الديمقراطي ، ووفق البنود ” 11 ” الواردة في الورقة التي سلمها للجانبين السوري والروسي ، لاتختلف نهائياً عن الإدارة المحلية المعمول بها في سوريا ، والتي جرى تعديلها شكلاً من خلال القانون 107. ومن المفارقات المضحكة أن الجانب الروسي الذي تدخل عسكرياً لصالح النظام وأنقذه من السقوط المؤكد ، والذي يرعى اللقاءات بين الطرفين – النظام و pyd – كان قد وزع مسودة لدستور سوري نص على ” جمعية مناطق ” إلى جانب البرلمان ، وقبولاً للإدارة الذاتية واللامركزية ، كما لمح مسؤولون في وزارة الدفاع الروسية إلى إمكانية قبول النموذج الروسي الفيدرالي في سوريا ، فيما تشير الورقة إلى تمسك pyd الواضح بالنظام المركزي الشمولي ؟!.
خلاصة القول : كل مايجري بين الحليفين ( نظام البعث وحزب pyd ) ، هو تأكيد على استمرارية العلاقة القديمة – الجديدة بين الطرفين ، وكذلك العودة الى الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين وخاصة تلك التي وقعها كلاً من ” آصف شوكت ومراد قرايلان ” بعد انطلاقة الثورة السورية مباشرة ، وبرعاية إيرانية من خلال إشراف قائد فيلق القدس ” قاسم سليماني ” ومشاركة الأمين العام لحزب الاتحاد الوطني الكوردستاني الراحل ” جلال الطالباني ” ، والتي تم بموجبها تكليف الفرع السوري لـ pkk بمهمة ” تحييد ” المكون الكوردي من الحراك الثوري ، والمشروع الوطني التغييري ،من خلال قمع النشطاء والإعلاميين ، ومحاربة الأحزاب الكوردية التي شاركت في الحراك الثوري ، واغتيال القيادات الكوردية وخطفها ، وحراسة مصالح النظام والمنشآت النفطية ، والمربعات الأمنية ، مقابل مكاسب مادية . وقضية طرح بعض بنود تلك الاتفاقيات بين الفينة والأخرى ، وتسريبها إلى وسائل الإعلام ، تتم بوعي ودراسة ، لمعرفة ردة فعل أبناء شعبنا الكوردي وحركته الوطنية التحررية .