أمريكا والبارزاني .. مصالح استراتيجية مشتركة


عزالدين ملا
فاجأ الرئيس الأمريكي ترامب الدول الإقليمية والعربية وحتى الأوروبية ذات الشأن بالوضع السوري عندما أعلن انسحاب بلاده من سوريا، قراره أربك الجميع، وخلخل حساباتهم، وأدخل حالة من عدم الاستقرار في الوضع السياسي. هذا ما كان يريده ترامب، وتحقق ما أراده من حيث: أولاً، تخلص من جميع الذين كانوا في الإدارة الأمريكية، وكانوا سبباً في زيادة نفوذ إيران وميليشاتها في منطقة الشرق الأوسط، والتي أصبحت خطراً على الأمن القومي الأمريكي والاسرائيلي. ثانيا، أربك كلٍ من روسيا وتركيا وايران. ثالثا، تهديدا ضمنيا لدول الخليج، من أجل بقاء تدفق الأموال، رابعاً، معرفة نوايا جميع القوى المتعاملة معها على الأرض. فبذلك خلّط جميع الأوراق لبدء الجميع بإعادة النظر في تحالفاتهم.
بعد ان اخذ القرار مفعوله، أعلن الرئيس ترامب بأن انسحابه من سوريا سيكون بحذر وبطئٍ شديدين، هذا ما جعل الجميع في وضع محيّر لما ستؤول إليه الأوضاع في قادم الأيام، وماذا ستفعله أمريكا من إجراءات جديدة وقد تكون مصيرية بالنسبة لمصلحة أمريكا العليا ومصالح من سيكون الحلفاء الجدد في ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط عامة وسورية خاصة في المرحلة المقبلة.
وما جولة وزير خارجية أمريكا بومبيو لعدد من الدول العربية إلا لترتيب أوراقه من جديد، وتشكيل جبهة لمواجهة كل الأخطار التي تهدد أمنها وأمن اسرائيل على وجه الخصوص.
والمفاجئ في تلك الجولة لوزير خارجية أمريكا، هو الزيارة غير المعلنة لبومبيو إلى العراق وبالأخص إلى إقليم كوردستان واجتماعه مع الرئيس مسعود البارزاني، وأيضاً مع كلٍ من نيجيرفان البارزاني ومسرور البارزاني يوم الاربعاء 9/1/2019، وإذا ما قارناَ الفترة الذي قضّاه بومبيو في بغداد وأربيل، نجد أنه قضى في اربيل أكثر، وهذا يدل على ان أمريكا تعتبر البارزاني الحليف الرئيسي في المنطقة، وستكون الاستعدادات في الفترة القادمة وبالتنسيق مع البارزاني من خلال التقاء مصلحة أمريكا مع مصلحة الكورد المتمثلة بالبارزاني لإنهاء الملف العراقي والسوري.
فأمريكا تنبهت ان كل سياساتها في الشرق الأوسط كانت في عكس مصلحتها العليا، بل فتحت المجال لـ التمدد الإيراني بشكل مريع في المنطقة وخاصة في العراق وسوريا. وكذلك حليفتها الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط تركيا لم تكن على قدر المسؤولية لحفاظ على استراتيجية أمريكا في المنطقة.
هذه الزيارة التي تخفي في طياتها الكثير من الاستنتاجات المتعلقة بالوضع الاقليمي عامة والسوري خاصة. وعلى الأطراف الكوردية في كوردستان سوريا التنبه للحقيقة ألا وهي ان الرئيس مسعود البارزاني من اللاعبين البارزين في المنطقة والحليف الاستراتيجي لأمريكا الراسم للسياسات العالمية، لذلك يتطلب من الحركة الكوردية في السورية لملمة نفسها وتوحيد صفوفها، والعودة إلى المرجعية الكوردية- الرئيس مسعود البارزاني-، وربط سياستهم بالمصلحة الكوردية العليا، وجعل المشروع القومي الكوردي الركيزة الأساسية في أي بادرة مستقبلية.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بالرغم من أنَّ التصرف الأخير للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد الذي تمثل في حرصه الشديد على خلاص ذاته وأسرته القريبة فقط، وعدم إخبار حتى أقرب الناس إليه من محيطه العائلي أو السياسي بما سيُقدم عليه في اللحظات المصيرية، يظهر بوضوحٍ تام أنه شخص أناني وانتهازي ومريض نفسياً وغير معني أصلاً بمصير بالطائفة التي يدّعي الاِنتماء…

صلاح بدرالدين ملاحظة برسم شركاء الوطن باالإدارة الانتقالية واذا كان من حق الإدارة العسكرية ذات اللون الواحد تسييرشؤون البلاد بعد نيلها شرف اسقاط نظام الاستبداد – وهو عمل يحظى بكل التقدير – من جانب معظم السوريين الذين ناضلوايضا منذ عقود، وساهموا في اضعاف النظام، وقدموا في سبيل ذلك التضحيات الجسام، ولاشك انهم يتاملون ان يتم تنظيم الحوارات الداخلية…

فرحان كلش الملاحظ أن هناك تكالب دولي واقليمي مثير للريبة على المساهمة في تثبيت أقدام الإدارة الجديدة في دمشق، هذا الإندفاع ربما له أسبابه بالنسبة لكل دولة، فالدول الغربية تنطلق من الخطورة التي تشكلها الأحزاب اليمينية المعادية لللاجئين والتي تهدد الحكومات اليسارية واليمين الوسط الأوربي، لذلك نشهد أن هذه الحكومات تتقاطر إلى دمشق والمؤتمرات الخاصة بها بهدف التخلص من ملف…

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* يتجلّى الحل الحقيقي لمشكلة الاستقرار والأمن والتعايش في إيران والشرق الأوسط بشكل أوضح، يوماً بعد يوم. وهذا الحل هو “إسقاط دكتاتورية ولاية الفقيه الحاكم في إيران”. فلماذا؟ قبل التطرق إلى الإجابة على هذا السؤال، لا بد من الإقرار بحقيقة جلية وهي أن القوة الوحيدة التي وقفت منذ البداية موقفًا راسخًا ضد دكتاتورية ولاية الفقيه،…