الأحزاب الكوردية وجدلهم البيزنطي..

م.محفوظ رشيد
 عندما كان البيزنطيون يتعرضون للإحتلال من قبل السلطان العثماني محمد الفاتح الذي افتتح القسطنطينية عاصمة المسيحيين آنذاك، والتي هي اسطنبول اليوم، كان هناك اجتماع بين أحبار النصارى لتحديد جنس الملائكة هل كانوا ذكوراً أم إناثاً، داهمهم المحتلون وهم لا يزالون يتجادلون بحدة على ذلك الموضوع الذي لم يكن بمكانه. 
و هذا الوضع يبدو أنه ينطبق على مبادرات الأحزاب الكوردية واجتماعاتهم ومؤتمراتهم منذ بدء الأحداث في سوريا، إذ أن خلافات كثيرة وقد تكون عميقة ظهرت على السطح منها حول شكل الاتفاق وماهية الرؤى والمواقع والمواقف ونوعية الأساليب والآليات وغيرها من الأمور المتعلقة بالوضع الراهن ولما بعد إنتهاء الأزمة. 
وهنا سؤال هام يطرح نفسه، أليس من الأولى بكم يا سادة يا قادة (يا كرام) أن تتوافقوا فيما بينكم على المبدأ الأساسي لقضية الشعب الكوردي وهو العمل معا على تثبيت حقوقه القومية المشروعة أولا ومن ثم تأتون إلى ما يمكن أن توجد بينكم من تباينات أو خلافات في وجهات النظر  والأجندات نظريا وعمليا؟! 
هل خلافاتكم على التمثيل والقيادة أهم من الحقوق؟ 
إنكم بعدم اتفاقكم في هذه المرحلة التاريخية المفصلية ستفوتون الفرصة الذهبية على عمل عظيم يمكن أن يعطي دفعا قويا للقضية الكوردية، أم أنكم و ككورد متعودون على ألا تتفقوا على أي أمر مهما كان هاما ومصيريا؟ 
ألا يكفي ما سال من دماء وما تم تدميره وبوحشية من دور وقرى وبلدات، من معابد ومعالم ومزارع ومعامل ومشافي ومدارس… وغيرها على يد الارهابيين من الشوفينيين والطائفيين؟
 ألا يكفي ما قتل وتشرّد ونزح وهاجر من ألاف الكورد؟ لماذا لا تتفقون على المبدأ الأهم وتتركون جانبا كل خلافاتكم الحزبية والايديولوجية وخصوماتكم العشائرية ومصالحكم الشخصية  إلى ما بعد ذلك؟ فمتى ما خرجتم من دون اتفاق  من أجل ترتيب البيت الكوردي وتوحيده وتقويته هذه الأيام فأنتم مسؤولون ومشاركون في جميع ما يحصل للوطن و للشعب من تدمير وتشريد وقتل وتعذيب واعتقال وغيره وغيره.
 بكل محبة وحسرة وغيرة نقول لكم: أنظروا بعين التعقل والبصيرة وبعد النظر والتبصّر لخطورة الموقف، و تعاملوا مع ما يجري بأمانة وصدق وجدية التي يقتضيها منكم التاريخ الشريف لهذا الشعب المظلوم والمحروم والمضطهد منذ عهود والتواق للعيش بحرية وسلام وكرامة وهو جدير بذلك.
 لا تخونوه ولا تطعنوه في الظهر وفي الصميم، كما فعل أسلافكم في كل مرة سنحت الظروف ليكونوا أحرارا كرماء أسياد أنفسهم ووطنهم أسوة بباقي شعوب الأرض..
* تم التعديل وإعادة الصياغة للنص الأصلي ليطابق الوضع الكوردي.
  – ١٦- ٠١ – ٢٠١٦

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…