مراجعة كتاب: روجآفا خديعة الأسد الكبرى (قراءة في ست سنوات من التيه الكردي)

الكاتب: حسين جلبي
المراجع: فادي كحلوس
 يقول الكاتب: إن كتابي هذا هو محاولة لتدوين الحقيقة كما يعرفها الجميع، لكنهم يخشون الاقتراب منها إلا بغرض دفنها أو تجميلها. ويمثل الكتاب المكون من اثني عشر فصلًا وحدة متكاملة، فهو سردية أصيلة ومتماسكة لمن يرغب في معرفة كل ما جرى في المناطق الكردية السورية طوال ست سنوات. بدأ الكاتب هذا الكتاب بالتعريف بالكرد السوريين، وأسباب وجودهم في سورية التي أسسها اتفاق سايكس بيكو، والتسميات التي تطلق على مناطق وجودهم، لينتقل الكاتب إلى محاولات الحكومات السورية المتعاقبة، بعيد انتهاء الانتداب الفرنسي على سورية وقف اليقظة القومية الكردية من خلال تشريعات وإجراءات هدفت صهرهم في القومية العربية.
يقول الكاتب: على الرغم من الأوضاع الاستثنائية التي ولد فيها مشروع روج آفا، إلا أن الواضح فيه أن العقل الذي وقف وراء إطلاقه يدرك تمامًا الأبعاد النفسية للإنسان الكردي. لينتقل بعدها إلى الإشارة إلى تناول كيفية دخول حزب الاتحاد الديمقراطي وبضوء أخضر من نظام الأسد إلى الشارع الكردي في محاولة للاستيلاء على حراكه.  ووقف الكتاب على تفاصيل تجفيف حزب الاتحاد الديمقراطي الشوارع الكردية من التظاهرات وملاحقة المتظاهرين الكرد بالوسائل كلها. وتناول الكتاب عمليات استلام المدن والبلدات الكردية وتسليمها بين حزب الاتحاد الديمقراطي ونظام الأسد، إضافة إلى وقوفه بالتفصيل على بعض عمليات الخطف والإخفاء القسري التي تعرض لها الكرد، وعلى عمليات القتل والقتل تحت التعذيب في سجون حزب الاتحاد الديمقراطي، وعلى المجازر التي نفذها الحزب بحقهم، وتناول أساليب التعذيب الممارسة.

الفصل الأول: كرد سورية، من سايكس بيكو إلى الثورة السورية
يعرّف الكاتب في هذا الفصل كُرد سورية وأحوالهم منذ إنشاء الدولة السورية في بدايات القرن الماضي، وكيف وزّعوا على أربع دول (سورية، العراق، تركيا، وفي إيران والذي بقي على ما هو عليه) في إثر تقاسم ممتلكات الدولة العثمانية. وليتناول بعدها مسألتين تتجاذبان صراع الهوية الكردية في سورية:
1- تأسيس الحزب الديمقراطي الكردي
2- التوصيات الأمنية للتعامل مع المسألة القومية الكردية
ثم يجيب الكاتب عن سؤال طرحه: هل الكرد مواطنون سوريون أم مواطنون تحت الاحتلال؟ فيقول: وضع المواطنين الكرد هو وضع قومية كاملة التميز في دولة لا تمثلهم سلطاتها. ليتناول بعد ذلك كيف انقسم الكرد في شأن تسمية مناطقهم.
وتحدّث عن نصف قرن من القمع الذي تعرض له الكرد: لم يُعترف بالكرد مكونًا في الدساتير والقوانين السورية حتى في عهود (الرؤساء الكرد)، ولم تُشرّع قوانين تمنحهم حقوقًا في حدودها الدنيا من قبيل التعلم بلغتهم. لينتقل الكاتب إلى تناول مرحلة “البعث”: بعد توصية أصدرها الحزب عام 1966، طالب فيها صراحة بنزع الأراضي الواقعة على طول الحدود السورية التركية من مالكيها واستثمارها بما يحقق “أمن الدولة”. طالت الاعتقالات التي شنها “البعث” قيادة الحزب الديمقراطي الكردي، وعمل أيضًا على نفي وجود الأكراد نفيًا غير مباشر من خلال (ممنوع التحدث بغير اللغة العربية)، وتعريب أسماء القرى.. إلخ. ثم يتناول الكاتب انتفاضة آذار/مارس 2004 والسنوات السبعة الواقعة ما بين الانتفاضة الكردية والثورة السورية، واتخاذ نظام الأسد سلسلة قوانين وإجراءات عقابية بسبب الانتفاضة، مشيرًا إلى تكثيف إجراءات التعريب، وتشريعها، وتصاعد استعمال العنف المفرط كما حدث في عيدي نيروز 2008 و2010.
الفصل الثاني: الثورة السورية، الخطوات الكردية الأولى وأوراق الأسد لمواجهتها
يتناول الكاتب في هذا الفصل الوضع الكردي عشية الثورة السورية، من مشاركة الناشطين الكرد في “اعتصام الداخلية” واعتقال عدد منهم، ومن ثم كيف بدأت الساحة السياسية الكردية تشهد تحركات خجولة ردًا على ما يجري في “درعا” وسورية، فقد أصدر المجلس السياسي الكردي بيانًا دان فيه لجوء النظام لاستخدام القوة تجاه المتظاهرين، وطالب بالإفراج عن المعتقلين. ونوّه الكاتب إلى لجوء نظام الأسد لسياسة “الانحناء أمام العاصفة” تجاه الكرد، فتغاضى عن رفعهم العلم الكردي في عيد نيروز 2011، والشرطة التي طالما لاحقت المحتفلين به، وضربتهم واعتقلتهم وقتلتهم؛ أسهمت هذا العام في مساعدة الأكراد في تنظيم الاحتفال به وتنفيذه، وتهنئة بشار الأسد الشعبَ الكردي الذي أصبح فجأة جزءًا من النسيج الوطني السوري.
وعن حسابات ما قبل الالتحاق بقطار الثورة يقول الكاتب: كان هناك حاجز نفسي تراكمي عند الكرد، أُسس على الشعور بالعزلة والخذلان، فهم تركوا وحدهم في مواجهة النظام خلال منعطفات خطرة، كان منها انتفاضة القامشلي 2004، ليخلصوا إلى أنه “ليس للأكراد ما يخسرونه في حال الانضمام إلى الاحتجاجات” ولكنهم تريثوا في الالتحاق، وعلى حد تعبير الكاتب: ريثما تتضح ملامح الأمور وتتخذ طابعها العام بوصفها ثورة تطالب بالحرية والكرامة للسوريين جميعهم. وكان هناك مستويان من الردود الكردية على مجمل ما يجري؛ الأول: بيان صدر عن مجموعة ناشطين كرد دعوا فيه إلى التظاهر السلمي تضامنًا مع درعا. الثاني: بيان صادر عن مجموع أحزاب الحركة الكردية في سورية، دعت فيه إلى إيجاد حلول سياسية بديلة من الحلول الأمنية. وانتصرت إرادة الشباب الكردي في 1 نيسان/أبريل 2011 وتظاهروا أمام جامع قاسمو في القامشلي. ولتتسع مع الأيام المشاركة الكردية في الاحتجاجات.
تابع الأسد “خطواته التصالحية” مع الكرد، من مثل إخلاء سبيل كثير من معتقلي الرأي والمسجونين على الهوية، ومنح الجنسية العربية السورية لأجانب محافظة الحسكة، وغيرها من المراسيم الجمهورية التي غازل بها الكرد، لكن عدم حصوله على مردود كان يتوقعه، جعله يلجأ إلى بدائل أخرى.
الفصل الثالث: ملامح روجآفا المقبلة، مخاض الولادة
يستهل الكاتب هذه الفصل بتعريف روجآفا، فيقول: هو الاسم الذي أطلقه حزب الاتحاد الديمقراطي على المناطق الكردية في سورية، حيث توجد فيها أغلبية كردية، وتقع شمالي شرق سورية، ويطلق بعض الكرد عليها تسمية غربي كردستان. ويصفها الكاتب بأنها: ليست سوى وهمًا أوجده إعلام الـpyd، وأنها قامت على مبدأ التأزيم لدرجة التصعيد ضد الكرد، وصولًا إلى المقامرة بمصيرهم، لدفعهم إلى الارتماء بحضن القائمين عليها بوصفهم خيار الإنقاذ الوحيد. فهي كما يشير الكاتب: روجآفا، حاجة حزب وضرورات نظام.
هذا الفصل الحديث عن موضوعات ومواقف وأحداث عدة، مثل: استراتيجية حزب الاتحاد الديمقراطي في التعامل مع الثورة، وهي النقاط الثماني التي حددها رئيسه صالح مسلم. وموضوع قمع الأسد للكرد وناشطيهم، والاضطهاد المزدوج -بحسب تعبير الكاتب- الذي تعرض له الكرد؛ عرقي عربي وحزبي كردي. وعن محاولات حزب الاتحاد الديمقراطي احتواء التظاهرات وتجييرها لمصلحة شعاراته، وتعاون الـpyd مع الاستخبارات السورية في قمع تظاهرات عفرين، وشنه هجومًا شاملًا على مظاهر الحياة الكردية.
الفصل الرابع: الأحزاب والمجالس الكردية: توجهاتها، تحالفاتها، والعقبات التي واجهتها
تناول الفصل الرابع من الكتاب مبادرة الأحزاب الكردية لحل الأزمة السورية مبادرة أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سورية، الداعية للحوار الوطني الشامل وضرورة تحقيق شروط لانعقاده، من مثل إلغاء حالة الطوارئ وتجنب استخدام العنف تجاه الاحتجاجات السلمية وغيرها. وتناول أيضًا المشاركة الكردية في المؤتمر الأول للمعارضة السورية، الذي عقد في أواخر أيار/مايو 2011 وحضرته ستون شخصية كردية. ويعرّج الكاتب على المجالس والهيئات الكردية، ابتداءً من اتحاد تنسيقيات شباب الكرد في سورية إلى مجلس شعب غربي كردستان، وتحدث عن وجود الكرد في المعارضة، قبيل الثورة وفي أثنائها، وأدائها ومواقفها سواء في المجلس الوطني السوري أم في “هيئة التنسيق” أم في “الائتلاف”، لينتقل الكاتب بعدها إلى الحديث عن “حرب حزب الاتحاد الديمقراطي على مقرات الأحزاب الكردية” وما مورس من قبله بحق الأحزاب الكردية والمنظمات المستقلة، من حرق المقرات واقتحام المكاتب، ومتابعة أساييش الحزب عملهم في التضييق على الأحزاب والاعتداء على الكوادر.
الفصل الخامس: استلام المنطقة الكردية وتسليمها بين نظام الأسد والـ pyd
يبتدأ الكاتب هذا الفصل بجملة توجزه بإحكام: حرر الكرد المنطقة الكردية السورية من النظام السوري، لكنهم تركوا مفتاحها معه. فبحسب رأي الكاتب: إن النظام السوري قد أدرك أن الخطر الحقيقي على سلطته في المناطق الكردية السورية يأتي من جهة إقليم كردستان، وأن قواته غير قادرة على مواجهة الكرد السوريين في مناطقهم، مع وجود عمق قومي داعم لهم خصوصًا من جهة الإقليم، لذلك عمل النظام على محورين؛ الأول: محاولة فتح قناة اتصال مع إقليم كردستان والذي يحظى باحترام الكرد السوريين ويمكنه التأثير فيهم، والثاني: قيام النظام بتعزيز رقابته غير المباشرة على حدوده مع إقليم كردستان أكثر من اهتمامه بتأمين حدوده مع تركيا. ولأن الخطر الأساس على الأسد في المناطق الكردية كان الكرد أنفسهم، عمل الأسد على شق الصف الكردي الذي جمعته الثورة في بدايتها، وقسّم الكرد قسمين؛ وسيطر على أحدهما، واستخدمه للسيطرة على الثاني.
في فقرة “مقدمات استلام حزب الـ pydالمنطقة من نظام الأسد وضروراته” يشرح الكاتب كيف أخذت المنطقة الكردية تًجر جرًا نحو الفوضى وعدم الأمان؛ وقد تهيأت نتيجة لذلك بعض الأرضية للقبول بوجود مسلح ما، تحت عنوان حماية المنطقة والتصدي للقتلة واللصوص فيها، وبخاصة بعد التراخي الأمني المقصود لقبضة النظام الأمنية، وبطء إجراءات ملاحقة الجناة والفشل في إيقافهم، ظهرت الحواجز العشوائية التي أقامتها (لجان حماية الشعب) التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، وبدأت تقطع أوصال المدن والبلدات والأحياء الكردية شيئًا فشيئًا. لتشكل هي الأخرى عبئًا آخر أثقل كاهل المواطنين، ليقوم النظام بعد ذلك، بإخلاء المخافر الحدودية السورية على حدود إقليم كردستان، فانتشرت الجريمة وأوكلت مهمات حماية الحدود للجان الحماية الشعبية. ويضيف الكاتب: إن حديث حزب الاتحاد الديمقراطي المكرر عن تحرير المنطقة الكردية السورية بمدنها وبلداتها وقراها من نظام الأسد، في وقت لم يغب فيه النظام عنها بصورة لا يمكن أن تخطئها العين، جعل المرء يشهد ازدواجية لا يمكن أن تحصل في الحالات الطبيعية، وروايتها تدخل في باب النكات السمجة. لقد بدا الأمر وكان هناك منطقتان كرديتان في سورية؛ إحداهما المنطقة الموجودة على الخريطة، والتي يقيم فيها الكرد ويعرفونها جيدًا، والتي يوجد فيها جيش النظام وأجهزة استخباراته ومؤسساته الرسمية، ولا ينقطع مسؤولوه عن زيارتها. وثانيهما: منطقة محررة تًدار من الـ pyd ولا وجود للنظام فيها، إلا أنه لا وجود لها على أرض الواقع.
يبدأ النظام بتسليم حزب الاتحاد الديمقراطي إدارة المنطقة الكردية بدءًا من كوباني فعفرين فديرك، وقام بتأمين نفط مدينة رميلان، ليعلن حزب الاتحاد الديمقراطي تحرير القامشلي. هذا التحرير الذي يصفه الكاتب بأنه فريد من نوعه، فلم تختف فيه المظاهر السيادية للحكومة السورية في المدينة، وتصرف الحزب كأنه لا يرى النظام. لينتقل الكاتب للحديث عن تحرير الحسكة، والصراع على سري كانيه وتحرير عامودا، وصولًا إلى حصول حزب الاتحاد الديمقراطي على احتكار التصرف بالملف الكردي، والتنظيم القانوني لشؤون المنطقة، معددًا القوانين والأنظمة والمواثيق التي أصدرها حزب الاتحاد الديمقراطي.
الفصل السادس: عسكرة المنطقة الكردية السورية، خطف الأطفال وتجنيدهم
يقول الكاتب: كانت بدايات الظهور المسلح (غير النظامي) في المنطقة الكردية السورية من خلال أشخاص مقنعين يرتدون اللباس المدني، ويحملون أسلحة خفيفة، وقد عرّف المقنعون الكرد أنفسهم باسم لجان الحماية الشعبية. وكانوا يواجهون المتظاهرين الكرد وحدهم، وكان كثيرون من هؤلاء المقنعين أعضاء في حزب العمال الكردستاني.
يعدد الكاتب ويشرح في هذا الفصل عن القوات النظامية والكردية والفصائل التابعة لها، و الانتهاكات التي ارتكبها الطرفان، مخصصًا عنوانًا لأنواع الانتهاكات التي ارتكبها الأسايش، ومعددًا إياها: التعذيب حتى الموت، والقتل، والنفي، إلخ.
ينتقل الكاتب بعد ذلك إلى تسمية أهم الفصائل الكردية التي قضى عليها حزب الاتحاد الديمقراطي وتعدادها وشرحها، من مثل كتيبة الشهيد تحسين ممو في عامواد، وكتيبة الشيخ معشوق في العنترية في القامشلي، وغيرهما. وصولًا إلى الحديث عن خطف الأطفال وإرغامهم على المشاركة في القتال، وفي هذا يقول الكاتب: اعتمد حزب الاتحاد الديمقراطي في تعزيز صفوفه بالمقاتلين في البداية، على تنفيذ عمليات تجنيد عشوائي، طوعية وبالإكراه، طالت حتى صغار العمر، أعقبتها عمليات تجنيد قسري بشكل رسمي. ويضيف الكاتب: كانت عمليات تجنيد الأطفال، والفتيات منهم بخاصة، بعد الإقدام على اختطافهم من أسوأ ما قام به حزب الـ pyd.
الفصل السابع: خطف الكرد وإخفاؤهم، القتل والمجازر
في الخطف والإخفاء يقول الكاتب: لم يفرق حزب الاتحاد الديمقراطي بين مستقلين وأعضاء تنسيقيات أو أحزاب الحركة السياسية الكردية. وعن أكبر عمليات الخطف والاحتجاز، يحدثنا الكاتب عن اختطاف وحدات حماية الشعب واعتقال 74 شخص من الحزب الديمقراطي الكردي. إلا أن أكبرها على الإطلاق هي تلك التي طالت اعتقال أكثر من 750 شابًا كرديًا بهدف تجنيدهم قسرًا.
ثم يتناول الكاتب الحديث عن مختطفين كرد اختفت آثارهم ومنهم: السياسي جميل عمر أبو عادل، والسياسي بهزاد دورسن، والمحامي إدريس علو، والناشط أمير حامد إضافة إلى ثمانية ضباط كرد منشقين عن النظام.
أما عن عمليات القتل والاغتيال والقتل تحت التعذيب؛ فيبدأ الكاتب بالاغتيال الكردي الأول في عمر الثورة السورية، مشعل التمو، فيقول: كان على كرد سورية أن يقفوا طويلًا عند اغتيال مشعل تمو، وألا يتعاملوا مع الاغتيال السياسي بتلك البساطة التي كانت بمنزلة حكم براءة القاتل، وتوقيع على بياض على حكم ببراءته من جرائم مقبلة. ويشير الكاتب إلى اغتيال نصر الدين برهك، و محمود والي، وأحمد فرمان بونجق، وكيف قتل جوان قطنة بعد خطفه من منزله، وكيف قتل علي سيدو و حنان حمدوش وكاوى حسين تحت التعذيب. ثم يذهب الكاتب إلى المجازر التي ارتكبها حزب الاتحاد الديمقراطي بحق الكرد، فيتحدث عن مجزرة عائلة بدرو في القامشلي، ومجزرة عائلة شيخ حنان في عفرين، ومجزرة قرية تل غزال في ريف كوباني، وحرق ثلاثة من كبار السن بعد خطفهم وتجنيدهم، ومجزرة عامودا “أم المجازر”.  وينهي الفصل بشهادة معتقل في سجن هيمو الواقع في مقر عسكري تابع لوحدات حماية الشعب، وذلك في ليلة مجزرة عامودا.

في الفصل الثامن، يذكر الكاتب حوادث وحالات عن التعذيب وأساليبه في سجون حزب الاتحاد الديمقراطي. كربط امرأة كردية إلى عمود، وكيف ورث الـ pyd السجون من الأسد وزاد عليها؛ كالسجن الأسود في عفرين و”تابوت الموت”، الذي سمّاه نزلاء السجن “سجن أبو غريب في كوباني”. وتطرّق الكاتب إلى سرد تجارب في المعتقل وأساليب التعذيب الذي مورست خلالها.

في الفصل التاسع، يتحدث الكاتب عن حرب حزب الاتحاد الديمقراطي الشاملة على الإعلام، وعن تجفيف منابع الإعلام المهني في المنطقة الكردية، مشيرًا إلى قناة روناهي، وكيف أصبحت مركز بروباغندا حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تدور في فلكه أكثر من خمسين وسيلة إعلام، ما بين قناة فضائية وإذاعة وصحيفة. وتحدث أيضًا عن الجيش الجرار المطيع من أنصار الـ pyd.
تناول هذا الفصل أيضًا الدور التضليلي لاتحاد الإعلام الحر التابع الـ pyd. والانتهاكات غير المسبوقة التي تعرض لها إعلاميون كرد، بمثل مأساة الإعلامي محمد ويس مسلم، ونفي مراسلي قناتي أورينت نيوز من قبل الأسايش إلى إقليم كردستان العراق. وأشار إلى خطف الإعلاميين كلال لياني وجنكين عليكو وفرهاد حمو وغيرهم. ليأتي الحديث بعد ذلك عن تقارير منظمات إعلامية دولية حول الوضع الإعلامي الكردي. واختتم الكاتب هذا الفصل بلائحة تحوي انتهاكات حزب الاتحاد الديمقراطي بحق الإعلام ومجموعها -ما بين توجيه الحزب تهديدات بالقتل إلى الصحافي برادوست عزيزي، وبين قيام الأسايش بحرق مقر إذاعة “آرتا إف إم”؛ واحد وأربعون انتهاكًا.

الفصل العاشر من هذا الكتاب تحت عنوان “كوباني: انتصار حزب فوق ركام مدينة”، يتحدث عن هذه المدينة التي عدها الكاتب “كوباني تختصر المأساة الكردية السورية”، ويضيف: استبشر بعضهم خيرًا عندما أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي تحرير كوباني من نظام الأسد، ووجد في الخطوة بداية لحكم ذاتي طالما حلم به الكرد، إلا ان الواقع كان بعيدًا عن ذلك تمامًا، إذ طرح الـpyd نفسه وارثًا لنظام الأسد، ولتتحول سلطة الواقع التي خلقها الـpyd إلى نسخة مشوهة من نظام الأسد، وتصب أعملها كلها في نهاية المطاف في خدمته. تناول الكاتب تعدد السطات التي تولت على كوباني، وكيف طوّعت السلطة الجديدة كوباني على مقاسها، وكيف جرت المقامرة بمصيرها. وتحدث أيضًا عن مرحلة حضور داعش على تخوم كوباني وحصاره لها، لتصبح محاصرة داخليًا وخارجيًا، وعن الشرارة التي أشعلت هجوم داعش على كوباني ومآلات هذا الهجوم ما بعد تحرير كوباني. وتحدث الكاتب عن أحداث مذبحة كوباني التي جرت على يد داعش خلال ساعات الليل، ووصل عدد ضحاياها إلى أكثر من خمسين شخصًا.
في الفصل الحادي عشر يتحدث الكاتب عن “انتقال القضية الكردية السورية إلى إقليم كردستان” فيقول: كان أحد أسباب تقارب الكرد، إضافة إلى العوامل التي تجعلهم أمة واحدة؛ التنسيق بين أنظمة الدول التي يوجدون فيها لمحاربتهم. إذ أدى التنسيق لمحاربة التطلعات القومية الكردية إلى خلق تعاطف شعبي كردي عام. ويوجد الكرد السوريون في إقليم كردستان منذ مدة طويلة، وقد شارك كثيرون منهم في الثورات الكردية هناك. ويضيف: جرت محاولات جديدة لتوحيد الموقف الكردي السوري بعد الثورة السورية، وخلق جسم سياسي يعبر عنهم برعاية مسعود البارزاني. وقد استقبل البارزاني قيادة المجلس الوطني الكردي بعد ستة أشهر من انطلاق الثورة السورية. وتوجت محاولات إقليم كردستان للتقرب بين الأطراف الكردية السورية المختلفة بالتوقيع على اتفاقات عدة بينها، إلا أنها جميعها تعثرت خلال التطبيق. لينتقل الكاتب بعدها للحديث عن مؤتمر الجاليات الكردية السورية في هولير، والذي يصفه الكاتب بـ”الخطوة الأولى التي تضافرت مع عوامل أخرى للإضرار بالقضية الكردية السورية”. وينتقل الكاتب للحديث عن وثيقة القامشلي للتفاهم بين المجلسين الكرديين في 19 كانون الثاني/يناير 2012، وما بينته الوثيقة من أخطار أصبحت تهدد الكرد. لينتقل بعدها للحديث عن وثيقة هولير ثم اتفاق هولير الأول والثاني، واتفاق دهوك، لينتهي الفصل بالحديث عن محطات على طريق التصعيد ضد إقليم كردستان.
في الفصل الثاني عشر “روجآفا، مآلات الوضع الكردي في سورية”، يقول الكاتب: على الرغم من أن روجآفا هي بالمحصلة واجهة نظام الأسد الكردية، إلا أنها أصبحت في نهاية المطاف مشروعًا مقبولًا من كثيرين، بوصفه أمرًا واقعًا لا بدل له. وان روجآفا حملت معها بذور زوالها من البداية، فقد بقي نظام الأسد موجودًا عسكريًا وأمنيًا وإداريًا وحتى اجتماعيًا في عمقها، بحيث كان يتحكم بمفاصل الحياة كلها في المنطقة على الرغم من دعاوى تحريرها منه. وإن ظهور روجآفا واستمرارها كان مرتبطًا بحاجة نظام الأسد وأزمته الوجودية، فلم تملك بوصفها شكلًا إداريًا يعيش في الواقع على هامش مؤسسات النظام حظًا بالبقاء. ويضيف: نظام الأسد احتوى من خلال روجآفا المعارضة الكردية وحجّمها، ودفن أحلام الشباب الكردي الثائر وطموح الكرد المتعطشين للتعبير عن هويتهم القومية في سورية.
ينتقل الكاتب للحديث عن الانقسامات الحادة في المجتمع وتدمير الأسرة الكردية، فيقول: لم يصل كرد سورية حتى في أسوأ كوابيسهم إلى ما هم عليه اليوم. ويضيف: التهمت روجآفا الكرد حتى سمنت، ثم جاء من يأخذها بيدها للمسلخ. وتحدث الكاتب عن إفقار الكرد ونهب منطقتهم تحت عناوين مضللة، وكيف وضع مصير الكرد في أيدي أشخاص غير مؤهلين “لقد تحولت روجآفا إلى مسرح اللامعقول، يعرض على خشبته ممثلون من الدرجة العاشرة عروضهم الهزلية”. لينتقل بعدها إلى الحديث حول تدمير التعليم وتكريس العسكرة وعبادة الفرد “حرر الكرد مناطقهم فأغلقوا المدارس وافتتحوا السجون، وهكذا حمل الطلاب نصفهم السلاح ونصفهم الآخر حقائب الرحيل”. ثم للحديث حول صمت النخبة الكردية ” إن أسوأ ما أنتجته السنوات الكردية العجاف الماضية، ليس تلك الفئة الضالة المصفقة للموت المجاني الكردي فحسب، بل ذلك الرهط الملتحف برداء الحكمة القومية والمختبئ في حقيقته وراء انتهازيته وجبنه”. ثم يتناول الكاتب موضوع الهجرة الكردية والتغيير الديمغرافي “حمل الكردي مفتاح بيته وطاف به الأزقة بحثًا عن باب للأمل، وعندما لم يجده عاد وباع البيت، ثم وضع ثمنه في جيب أول مهرب صادفه لينقله إلى الحدود”. ويخصص الكاتب فقرة للحديث عن النتائج الكارثية التي خلفتها الهجرة الكردية، من حدوث تغيير ديمغرافي، إلى استفراد حزب الاتحاد بمصير المنطقة، إلى افتقار المنطقة الكردية السورية إلى الفئة العمرية الشابة المنتجة، وصولًا إلى احتفاظ النظام بالمناطق الكردية السورية من دون تكاليف، إذ سيطر حزب الاتحاد الديمقراطي على الملف الكردي وأداره جيدًا لمصلحة الأسد، إضافة لما عمله الحزب من محوٍ لمظاهر القومية الكردية جميعها من المنطقة مقابل إلباسها ثوبه الحزبي.
الفقرة الأخيرة من الكتاب تتحدث عن نهاية روجآفا “من يكتب التاريخ يستعمل قلم رصاص، يقتل به الحاضر، فتتكفل ممحاة المستقبل بخطوطه الهشة”. يتحدث الكاتب هنا حول كيفية إسدال حزب الاتحاد الديمقراطي الستار بشكل مفاجئ على كلمة (روجآفا) وسحبها من التداول رسميًا، وكيف كان للتطورات على الأرض دورها الكبير في انكشاف الـpyd، وكيف أقدم على تراجع حقيقي لم يعترف به في إعلامه، وكيف استعاد نظام الأسد السيطرة على كثير من المناطق. أخذت سلطة الـpyd الشكلية تتأكل في كل مكان، ويقول الكاتب خاتمًا كتابه: إن كتابة الكلمات الأخيرة هذه، تتزامن مع هجمات منسقة يشنها مسلحو حزب الاتحاد الديمقراطي وأنصاره على الأحزاب الكردية السورية، بعد إصدار إدارة الحزب قرارًا بإغلاق مقراتها جميعها، وحرق المكاتب واتلافها واختطاف مئات من كوادرها ونفيهم. لم يتبق من روجآفا حتى اسمها، ولم يبق منها إلا عشرات آلاف المقاتلين الكرد الذين يحملون سلاحًا لا يعرفون مصدره. لم يبق منها إلا تهويل إعلامي مرضي بعيد عن الواقع.
اسم الكتاب: روجآفا خديعة الأسد الكبرى (قراءة في ست سنوات من التيه الكردي)
اسم المؤلّف: حسين جلبي
مراجعة: فادي كحلوس
دار النشر: دار ميسلون للطباعة والنشر والتوزيع
مكان النشر: إسطنبول/ تركيا
تاريخ النشر: 2018
المحتويات
* المصدر: مركز حرمون للدراسات المعاصرة

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…