30 حالة حصيلة عام من الانتهاكات بحق الصحفيين في المناطق الكردية

كشفت عمليات قتل الصحفيين في سوريا، أن العنف المستشري والمستمرّ منذ عام 2011، لم يقتصر فقط على مدى خطورته البالغة على المراسلين والصحفيين، وإنما على طبيعة الصراع وتأثير ذلك على المدنيين أيضاً، وكثرة الجهات المتداخلة فيه والتحالفات «المشبوهة» بينها من دون استثناء أيّ طرف عسكري والجهات الداعمة له خارجية كانت؛ أم داخلية. من هذا المنطلق يمكن اعتبار سوريا نموذج مثير عالمياً من حيث التغييرات الطارئة التي كانت لها بالغ الأثر في طريقة تغطية النزاع القائم من الزملاء الصحفيين، ومدى تحكّم الجهات المتحاربة بالوسائل الإعلامية ومراسليها، لذلك ما تزال سوريا أخطر مكان في العالم لعمل الصحفيين منذ عام 2012، وفق تقارير مختلف المنظمات الدولية.
تابع مكتب توثيق الانتهاكات في اتحاد الصحفيين الكُرد السوريين، في الآونة الأخيرة «من باب المقارنة» ضمن تقريره السنويّ لهذا العام 2018، أوضاع الصحفيين في مختلف أنحاء البلاد، فكانت النتائج كارثية بعد التأكد من مقتل  عشرات الصحفيين سواءً تحت التعذيب في سجون النظام؛ أو استهدافهم من بعض فصائل المعارضة، والتنظيمات المتطرفة وخاصة جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» أو مناطق الإدارة الذاتية وكانتوناتها، إذ تتعمّد معظم هذه الجهات القيام بإجراءات روتينية، وإصدار قرارات تسمح لها الاعتداء على الصحفيين واعتقالهم وصولاً لعمليات الاغتيال كما حصل أواخر هذا العام مع الإعلامي رائد الفارس والمصور حمود جنيد في مدينة كفرنبل، أما اللافت في جميع المناطق إفلاتهم من العقاب، وعدم اتخاذ أيّة إجراءات رادعة بحق الجناة إلا ما ندر؛ أو إهمال التحقيقات مع مرور الوقت دون الوصول لأية نتائج ترضي الصحفيين ومؤسساتهم التي تعرضت للاعتداء والانتهاك.
تلقى العديد من الزملاء الصحفيين تهديداتٍ بأشكال مختلفة، لهذا اعتمد مكتب التوثيق بالاتحاد منذ تأسيسه جميع الاعتداءات التي تتوزع بين (الاغتيال، القتل، التهديد، النفي، الطرد التعسفي، الضرب، المنع من العمل، التوقيف دون أيّ سند قانوني، استهداف المؤسسات الإعلامية، وأخيراً مصادرة أدوات الصحفي).
 
وثق الاتحاد هذا العام 30 حالة انتهاك حصلت في المناطق الكردية التي تحت سيطرة الإدارة الذاتية الديمقراطية، أو ما يعرف بمناطق شمال شرق سوريا، جاءت جميعها في انتهاك صارخ لحرية العمل الصحفي، وحرية الرأي والتعبير، ويرى الاتحاد أن قانون العمل الإعلامي في مناطق الإدارة الذاتية رغم النواقص الموجودة فيه لا يطبق بالشكل المطلوب الأمر الذي يجعل العديد من المؤسسات والمراسلين يعانون من الصعوبة في الحصول على المعلومات والأخبار، ويضعهم في موقع الاتهام عند نشر أيّة تسريبات حتى لو جاءت صحيحة. وفي السياق ذاته يطالب الاتحاد من مجلس الإعلام التابع للإدارة الذاتية الضغط على المؤسسات الإعلامية العاملة في مناطقها بتوثيق عقود عمل للصحفيين تأميناً لحقوقهم عند إيقافهم عن العمل بشكل تعسفيّ؛ أو إغلاق مؤسساتهم بسبب إيقاف التمويل أو لأسباب أخرى.
إن مكتب توثيق الانتهاكات في اتحاد الصحفيين الكُرد السوريين، وبدءاً من تقريره السنوي لعام 2018، يطالب جميع الجهات المعنية في مناطق شمال شرق سوريا، المشاركة في وضع إستراتيجية واضحة لمناهضة العنف ضد الصحفيين، من أجل توفير بيئة آمنة ومناسبة للصحفيين، تكون نقطة الانطلاق لتشكيل واجهة إعلامية حقيقية تعزز حرية الصحافة وفق ما تعمل عليه- وتطالب به- جميع المنظمات الدولية وخاصة مراسلون بلا حدود، والاتحاد الدولي للصحفيين.
وفيما يلي توزع حالات الانتهاك لهذا العام:
حالات القتل:
1- 23/1/2018، مقتل الزميل «تولهلدان ولات» من أعضاء المركز الإعلامي لوحدات حماية الشعب، أثناء تغطية المعارك في قسطل جندو ضد الجيش التركي وفصائل من الجيش السوري الحر التابع له.
2- 29/1/2018، مقتل الزميل إسماعيل خليل عضو المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية.
3- 13/9/2018، مقتل الزميل الإعلامي عبدالرحيم يوسف بعد مكوثهِ لثلاثة أيام في المشفى؛ بعد إصابتهِ برصاصةٍ طائشة.
حالات الاعتداء بالضرب:
1- أقدمت مجموعة مسلحة تابعة للواء أحرار الشمال على احتجاز الناشط الإعلامي عمر يوسف جيجو، المعروف باسم «عمر الشمالي أبو العبد» في شهر نيسان من العام 2018، لمدة ساعة ونصف والاعتداء عليه بالضرب وإهانته شمالي محافظة حلب.
حالات الاعتقال والاحتجاز المؤقت والمستمرّ داخليّاً:
1- 1/4/2018 اعتقال الزميلة الإعلاميّة الفوتوغرافيّة دليشان قره جولي من مكان عملها في مدينة عفرين، من الكتائب الإسلامية، لواء سلطان مراد، ومن ثم نقلتها إلى منطقة إعزاز ضمن دائرة «درع الفرات».
2- 5/4/2018، اختطفت فصائل «أحرار الشرقية» المنضويّ في عمليات «درع الفرات» التابع للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية المتحالف مع الجيش التركي في احتلال مدينة عفرين، الزميل الدكتور عبدالمجيد عزت شيخو رئيس قسم الإعلام في جامعة عفرين من منزله، واقتياده إلى جهة مجهولة.
5-  احتجاز الناشط الإعلامي «ليث العبد الله» من فرقة الحمزة التابعة للجيش السوري الحر في شهر تموز بمدينة عفرين شمالي محافظة حلب، على خلفية تغطيته الإعلامية للأوضاع في المدينة.
6- اعتقال الصحفي عصام عباس من دورية للواء الشمال «قوات درع الفرات» التابع للمعارضة المسلحة قرب مدينة منبج شمال شرق محافظة حلب، أثناء توجهه لإعداد تقرير في المدينة.
7- اعتقال الزميل كانيوار خلف من دورية للواء الشمال «قوات درع الفرات» التابع للمعارضة المسلحة قرب مدينة منبج شمال شرق محافظة حلب، أثناء توجهه لإعداد تقرير في المدينة.
8-  اعتقال الناشط رضوان خليل من دورية للواء الشمال «قوات درع الفرات» التابع للمعارضة المسلحة قرب مدينة منبج شمال شرق محافظة حلب، أثناء توجهه لإعداد تقرير في المدينة.
9- استهداف الإعلامي هيبار عثمان مراسل قناة «الحرة» بالرصاص الحي من عناصر تابعة للواء الشمال المنضوية في درع الفرات.
10- الهروب القسري للزميلة فدوى حمو من عفرين بعد تعرّض حياتها للخطر من الفصائل المحتلة للمدينة.
11- الهروب القسري للزميل جهاد عبدو من عفرين بعد تعرّض حياته للخطر من الفصائل المحتلة للمدينة وريفها.
12- الانتقال القسري للزميل روج موسى بعد تلقيه تهديدات من الفصائل المحتلة لعفرين وريفها.
13-  الانتقال القسري للزميلة نوروز رشو مراسلة صوت أمريكا، بعد تلقيها تهديدات من الفصائل المحتلة لعفرين وريفها.
حالات الاعتقال والاحتجاز المؤقت والمستمرّ خارجيّاً:
1- التهجير القسري للزميل محمد بلو مراسل فضائية «كردستان24» إلى كردستان العراق بسبب تلقيه تهديدات من الفصائل المسلحة المتحالفة مع تركيا بعد احتلالها لمدينة عفرين.
2- التهجير القسري للزميل علي عبدالرحمن مراسل شبكة «آسو» سابقاً بطال إلى كردستان العراق، حفاظاً على حياته، بعد تلقيه تهديدات من الفصائل المسلحة المتحالفة مع تركيا منذ احتلالها لمدينة عفرين.
3- التهجير القسري للزميل أحمد قطمة مراسل وكالة «سمارت» إلى كردستان العراق، بسبب تلقيه تهديدات من الفصائل المسلحة المتحالفة مع تركيا بعد احتلالها لمدينة عفرين.
حالات أخرى:
1- 1/1/2018، إصابة الزميل «قادر عكيد» المدير التنفيذي في مؤسسة «بوير برس» الإعلامية بطلق ناري طائش أثناء تغطيته للاحتفالات بقدوم العام الجديد في مدينة قامشلو.
2- 23/1/2018، إصابة مراسل فضائية «روناهي» الزميل زكريا شيخو أثناء تغطية الأحداث في راجو ضمن معركة عفرين.
3- 29/1/2018، إصابة الزميلة آراس معصوم الصحفية في إعلام وحدات حماية المرأة أثناء تغطيتها للمعارك الدائرة بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش التركي وجبهة النصرة.
4- اختفاء الصحفي أحمد شفيع بلال من الفصائل المسلحة المحتلة لمدينة عفرين. 
5- إصدار الشرطة العسكرية في مدينة عفرين بشهر آب عبر مكتبها الإعلامي، قراراً يقضي بإيقاف عمل مراسلي وكالة «ستيب نيوز» المعروفة بوكالة «خطوة» عن العمل في مدينة عفرين وضواحيها.
6-  25/8/2018، اعتقال الزميل عمر كالو مقدم النشرة الإخبارية في فضائية «روداو» على حاجز لعناصر الأمن العسكري التابع للنظام على طريق مدينة حلب. 
7-  22/10/2018، اعتقال الزميل الصحفي أحمد صوفي مراسل برنامج «ARK» في فضائية «زاغروس» على طريق قرية «بانه قصر» في ريف المالكية «ديريك».
8-  2/11/2018، إصابة الزميلة گُلِستان محمد العاملة لمصلحة وكالة «هاوار» بعد استهدافها بالرصاص الحي من الجيش التركي على الحدود مع تل أبيض «كري سبي». 
9-  2/11/2018، إصابة الزميل إبراهيم أحمد بعد استهدافه بالرصاص الحي من الجيش التركي على الحدود مع تل أبيض «كري سبي». 
10- 12/12/2018، نجاة الصحفي أكرم صالح مراسل قناة «كردستان24» بانفجار مفخخة تعود لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» أثناء تغطيته للمعارك الدائرة في مدينة «هجين» بريف ديرالزور.
11- نجاة الصحفي هيثم حسن المصور في قناة «كردستان24» بعد استهدافهم بمفخخة تابعة لعناصر الدولة الإسلامية «داعش» أثناء تصويره للمعارك الدائرة بين قوات سوريا الديمقراطية والتنظيم في ريف ديرالزور. 
*فيما يقرّ الاتحاد وبأسف عميق؛ وللعام الخامس على التوالي، أن مصير الزميل «فرهاد حمو» مراسل فضائية «روداو» ما زال مجهولاً، على الرغم من سقوط ما كانت تسمى عاصمة الدولة الإسلامية وخلافتها «الرقة» واندحارها في الموصل العراقية، والذي اُختطِف من جانب التنظيم منذ 15/12/2014 دون الوصول لأيّة معلومات عنه.
ووفقاً للتقارير السنوية التي يصدرها الاتحاد، والتي توثق حالات الانتهاك بحق الصحفيين في المناطق الكردية، يلاحظ زيادة في عدد الانتهاكات بشكل مطرد خلال السنوات الثلاث الأخيرة، إذ شهد 2016 ارتفاعاً ملحوظاً في حجم الانتهاكات عن السنوات السابقة بمحصلة 18 انتهاك، وفي 2017 وصلت إلى 24 حالة انتهاك، فيما شهدت سنة 2018 زيادة هي الأعلى منذ بدء الأحداث في سوريا، وذلك وفق الرسم البياني التالي:
هذه الأرقام تؤكد أن جميع الأطراف الداخلة في الشأن السوري، سواء المحلية منها؛ أو الدولية وخاصة تركيا، ارتكبت انتهاكات منافية لقواعد وقوانين الحريات الصحفية، وعلى الإدارة الذاتية تخفيف الضغط في حالة الحقوق من حيث حرية الرأي والتعبير والعمل الصحفي، والالتزام بالاتفاقيات الدولية.
يُعدّ اتّحاد الصّحفيين الكُرد السّوريين، إطار تنظيمي إعلامي مُستقل؛ يضم بين صفوفه إعلاميين كُرد سوريين داخل سوريا وخارجها. تأسّس الاتحاد يوم 10/3/2012م بمدينة قامشلو، بعد أن ارتأى مجموعة من الجامعيين الكُرد؛ من خريجي كلية الإعلام بجامعة دمشق؛ إلى ضرورة الارتقاء بالواقع الإعلامي الكُردي وتناول الواقع السوري عامة؛ والكُردي خاصة، بحيادية ومهنيّة بعيداً عن أيّ تحيّزٍ سياسي؛ أو حزبي. وبذلك يعتمد الاتّحاد في إعداد تقريره السنوي، على أعضاءه الموزّعين في مختلف المناطق، إضافةً إلى الأخبار والتقارير الصحفية التي تنشرها وسائل إعلامٍ محلّية لحظة وقوع الانتهاك، بما فيها الشهادات التي يُدليها الصحفي المعتدى عليه.
المكتب التنفيذي لـ«اتحاد الصحفيين الكُرد السوريين»
قامشلو /1/1  يناير/ كانون الثاني 2019

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…