الإنسحاب الأمريكي و المواقف الغامضة

الأمازيغي: يوسف بويحيى
 لفت إنتباهي ما داوله الإعلام الدولي بخصوص المكالمة الهاتفية التي دارت بين “اردوغان” و “ترامب”, والتي قال فيها الأخير للأول “سوريا كلها لك”.
إن ما يثير الغموض ليس هدية “ترامب” لتركيا، بل كل المؤسسات الأمريكية أكدت أن الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديموقراطية مستمر و لن يتوقف، أي أن ترامب مسك العصا من الوسط دون أن يوضح ما يريد و مع من و ضد من!!.
فرنسا رفضت الطلب التركي الذي ينص على سحب قواتها و الكف عن دعم قوات سوريا الديموقراطية، مؤكدة (فرنسا) على بقائها و دعمها الكلي للكورد، جهة أخرى تدخلت السويد على الخط لضرورة حماية الكورد من الهجوم التركي، وبريطانيا بدورها صرحت برفضها المطلق للإنسحاب الأمريكي، والدانمارك بدورها تتقرب الوضع السوري بإيجاب خصوصا التحرك التركي تجاه الكورد.
بينما ألمانيا تقوم بتحركات خبيثة خدمة للدولة التركية على حساب الكورد في سوريا، علما أنها فعلت المثل في عفرين.
إن القصف الإسرائيلي للنظام السوري و القواعد الإيرانية أصبحت مجرد فقع و نكت الإعلام منذ عسكرة الثورة السورية إلى الٱن، إلا أنها تحمل في طياتها الكثير من الرسائل لتزامنها مع الإنسحاب الأمريكي و التأهب العسكري التركي و السوري، وكأن إسرائيل تدعم تركيا على حساب النظام السوري و القوات الكوردية، والغريب أن إيران و النظام السوري و إسرائيل في العمق هم حلفاء إستراتيجيين لدرجة كبيرة و وطيدة، بينما تركيا ليست كذلك مع إسرائيل مهما بلغت المبادلات الإقتصادية الثنائية، ويبقى موقف إسرائيل غامضا كموقف أمريكا بخصوص مستقبل شرق الفرات. 
إلى حد الٱن روسيا لزمت الصمت و لم تبدي بأي تصريح وجيه بخصوص ما يجري، والكل يعرف مدى مصداقية أقوال “بوتين” عندما يتعلق الأمر بالحرب، لكن ليس ببعيد أن يكشر عن أنيابه ضد تركيا و من معها.
أما تصريح “ترامب” خصوصا عندما قال أن لتركيا كل الحق في ملاحقة الإرهابيين (المقصود الكورد و ليس داعش)، يقصد من قوله إعادة تفعيل الإتفاق السابق بين النظام السوري و التركي في سنة 1998 الذي يخول للأتراك التوغل في عمق كوردستان روجافا من 20 إلى 30 كيلومتر لمحاربة الكورد، والذي من خلاله تسعى تركيا لإنشاء حزام عازل بين كوردستان روجافا و كوردستان باكورد والذي ينهج على التغيير الديموغرافي للمناطق الكوردية الحدودية في سوريا.
لقد أضاع قادة ب ي د فرصة ثمينة نتيجة رفضهم العرض الأمريكي، والذي من خلاله تسعى أمريكا إلى تأسيس كيان مستقل في كوردستان روجافا بتنسيق “تف دم” و “الأنكسة” مع باقي المكونات الأخرى تحت حماية القوات الكوردية (ي ب ك و البيشمركة) برعاية أمريكية.
مع العلم أن الوقت مازال مبكرا في حالة أراد قادة الإدارة الذاتية مراجعة العرض مع أمريكا قبل الإنسحاب الكلي.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…