«السترات الصفراء» في مواجهة العروش والقروش والكروش .!

 بقلم : عنايت ديكو 
• لكل داء … دواء .!
• ولكل حالةٍ أو طقسٍ  حياتي … لباسهُ المعين والخاص به.!
• ولكل ثورةٍ … تعاملها وأدواتها وتناقضاتها الخاصة بها.!
• ولكل حراكٍ مجتمعي وجماهيري وشعبي … نرىٰ في مقابلهِ، جماعةٌ ارهابية خاصة به، نائمة ومستترة في الخفاء ، تنتظره بفارغ الصبر، لحظة خروجه الى الشوارع، للانقضاض عليه وتشويه سمعته والتفاعل السلبي معه.!
• فـ فور ما تنطلق الموجات الجماهيرية والمجتمعية الفقيرة هنا أو هناك، وفي أي بلد كان من بلدان العالم، نرى أن مجمل أهدافها ومطالبها تنحصر في الحدود الدنيا من المطالبات، وهي بسيطة جداً، وتتمحور ببعضها حول زيادة الفتات من الخبز والزاد والقوت اليومي فقط … وببعض الحقوق الاجتماعية الضرورية واليومية. لكن في المقابل … نشاهد ونرىٰ التحضير التام والمتلازم والقوي والصارم والعنفواني لأجهزة الأمن والاستخبارات الدولية، وهي تُحضّر نفسها وتخطط وترسم من أجل القيام بإخماد نار تلك الحراكات في عقر دارها وفي مهدها الجُنيني… وتمارس هذه القوى الاستخباراتية كل أنواع التعامل المرئي وغير المرئي والتفكير والممارسات المسموحة بها والممنوعة، وتُطلق العنان لثيرانها الهائجة والنائمة والمتوحشة، للانطلاق بدورها المرسوم والمسموم. فتقوم هذه الأجهزة الاستخباراتية بفك الرَسَنِ من عقاله وتفتح الكودات والأرقام وطلاسم الأبواب الحديدية أمام هيجان هذه الثيران الارهابية الاسلامية وغير الاسلامية كالإرهابية اليسارية والبى كى كى … وتُطلقها نحو الاحتجاجات الجماهيرية والمحتجين والنجتمعين والثائرين في الشوارع والأزقة والميادين. وبدورها تقوم هذه الثيران الارهابية وبكل هيجانها وعنفوانها ودمويتها، بصب جام غضبها على المحتجين والثائرين والفقراء والبسطاء … وتَتعقب كل شخصٍ يقود الاحتجاجات والحراكات الجماهيرية، أو يُريد التفكير بالنزول الى الشوارع والساحات وحتى في عقله الباطن، وضرورة البحث عنه في ساحات المخيلة الغائبة واقتلاع ديناميات الفكر والتجمهر  من رأسه.
• فكلما رأينا حراكاً اجتماعياً او جماهيرياً وفي أية عاصمة كان، والقيام ببعص الصراخات والمطالبات الاجتماعية الهادئة والبسيطة.؟  نرى في مقابل هذا … التحضير التام والهجوم الدقيق والمتوازن، للانقضاض على هذه الحراكات والتفاعلات… متمثلاً بخلق هجومٍ ارهابي اسلامي … أو تفجير في الأسواق بالمواد الكيماوية … أو قتلٍ بالطعنٍ  أو بالسكين … أو بكتابة العبارات المسيئة على جدران الكنائس والشوارع الرئيسية او غيرها من ممارسات باتت مكشوفة للجميع ووووو الخ . 
• فدفع الاستخبارات الكبيرة الى تبني هذا الخيار الصارم في التعامل مع الاحتجاجات الجماهيرية والشعبية بهذا الشكل، مهما كان لونها وشفافيتها… تدفعنا الى التسليم بالأمر … بأن الهدف الأول والأخير لهذه الدوائر الأمنية والاستخباراتية الكبيرة، هو اخماد الزخم الجماهيري والتعاطف الشعبي مع الحراكات المجتمعية، والقضاء بـ ” ضربة معلم ” على ذاك العمق والتعاطف الشعبي والانساني المجتمعي مع هذه الحراكات والاحتجاجات. كما يحصل اليوم ، ونحن نراه بأم أعيننا مع جماعة المحتجين من ” السترات الصفراء ” في فرنسا وتشويه سمعتها والتقليل من أهميتها الاجتماعية كحالة طبيعية صادقة ومترجمة لسياسات التوحش الاقتصادي والرأسمالي، والتشكيك بدورها ودينامياتها الاجتماعية والاخلاقية والانسانية، وتطويعها في الأخير ورميها بين أسنان الوحوش الارهابية الاسلامية، لتقوم هي بدورها بمغضها ومغضها وجعلها مادة تاريخية في صالونات وعلى رفوف المتاحف.!
• فالنسخة الفرنسية في التعامل مع هذه الاحتجاجات الشعبية والتي تمثلت بـ ” السترات الصفراء ” تكاد تكون هي صورة شبيهة وترتقي الى مستوى الأصل من النسخة السورية البعثية والمصرية والليبية والايرانية والتركية في تعاملها مع الشارع الملتهب والمنتفض، مع اضفاء بعض التعديلات والتكحيل والرتوش الديمقراطية الأوروبية المبتسمة الشانزيليزية.! 
• فالثيران الاسلامية الارهابية الراديكالية، هي موجودة في كل زمانٍ ومكان، كما شاهدناها في ” ستراسبورغ ” البارحة، وهي في حالةٍ جهوزية تامة لتنفيذ ما يُطلب منها من أوامر … وهي في حالةٍ استنفاريةٍ قتالية دائمية أيضاً، وتنتظر مواقيت الاقلاع والانطلاق من قواعدها ومواقعها المرسومة لها، وهي موجودة وموضوعة ومعتنى بها في الاسطبل الأمني والاستخباراتي الدولي الدقيق، وتنتظر فقط مواقيت الاستخدامات الزمانية والمكانية للظهور على مسرح الأحداث. فهؤلاء الوحوش، يأكلون ويشربون وينامون ويمارسون الرياضة والجودو والجنباز  والشطرنج … ولعبة الفروسية … وتكبير العضلات ومفاتن الجسم الأخرى وغيرها من الوشم واطلاق اللحىٰ والمواعظ وتلاوة القرآن وارتداء السراويل الطويلة … والقيام بالسباحة والجري والسباقات والدراجات والدردشات الديجيتالية الرقمية، وعلى أيدي أمهر الأجهزة الاستخباراتية في العالم ” معززون مُكٍرّمون “… ويتعرضون هؤلاء الثيران البشرية الارهابية المستحضَرة أيضاً، لأدق التفاصيل الحياتية والمعرفية عند تلقيها الدروس والدورات للقيام بالمهامات الصعبة الموكلة اليها مثل “ستراسبورغ” وغيرها.!
• أجل … كما قلنا … تقوم مختبرات ودوائر هذه الاستخبارات الأمنية الكبيرة، بفتح باب الاسطبلات والزريبات الأمنية والمخابراتية أمام هذه الجماعات المتطرفة والسماح لها للقيام بمهماتها المطلوبة، وتطلب من الثيران الاسلامية الارهابية، الخروج الهائج والانطلاق الدموي باتجاه المحتجين والثائرين في الشوارع والميادين والساحات. وتطلب من هذه الثيران الهائجة والخطيرة، التموضع التام والتسلّح باللوازم الضرورية، للقضاء على الاحتجاجات الشعبية الفقيرة، مهما كلفتها من جهودٍ وممارسات وعناء وعمل، والتي قد تتحول في يوم من الأيام الى حالة ودمّلة سياسية واجتماعية واقتصادية وعقباتية أمام سيرورة المجتمعات الاقتصادية ومنحنياتها البيانية المُدببة، والتي ستكون مهددة ​في قادمات السنين والأزمان، للعروش … والكروش … والقروش .!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…