ما العمل..!

عمر ملا – المانيا
تقريباً نحن من أكثر شعوب العالم حديثاً عن السياسة وغوصاً فيها وتورطاً بها فليس هناك أسهل على الكرد من إيجاد مواضيع للنقاشات الساخنة أكثر من السياسة حيث تجدهم منهمكين في جدليتها العقيمة والحامية الوطيس في معظمها يسبحون دون أي أمل في الوصول للبر أو امكانية الرسو على شاطىء والتقاط الأنفاس بعد أن أنهكهم التجديف الممل والتنظيرات المستهلكة غالباً. 
السياسة حاضرة لدينا وبقوة في الأسوق والمقاهي وطوابير الفقراء والمطاعم و صالات الأعراس والعزاء والمساجد . 
ومثلما شعبنا الكوردي من أكثر شعوب المنطقة حديثاً في السياسة فهو أيضاً من أكثر شعوبها المتعبة بها فرغم كل هذا الانشغال والاشتغال اللاواعي بها ها نحن عالقون لم نتمكن من توظيفها توظيفاً ذكياً يمكنا من حل مشاكلنا وإغلاق الملفات المعقدة من خلال أدواتها العلمية مع إدراكنا أن الأمر الطبيعي والمتعارف عليه في دول العالم التي تحترم نفسها هو أن الأحزاب والقوى السياسية المتعددة تحل مشاكلها وتقضي على الفوضى وتحارب الألم والصراعات والقسوة والفقر واليأس لدى الناس من خلال السياسة وليس التسابق على احتراف واختلاق الاختلافات ونشر الإحباطات بدون أي جهد حقيقي يبذل في تقديم قيم مضافة وحاجات أساسية للشعب…
وتأسيساً على ذلك أجزم بالقول هنا إن الذين يزعمون في احتكارهم للحقيقة سيفشلون والذين يقولون إنهم بدائل لكل شيء سيفشلون أيضاً فليس هناك فكر نقي ولا رؤية مطلقة وأحادية بل هناك أفكار ورؤى متعددة و أقول هنا بكل أسف أنه بدلاً من أن تثرى بها حياة وتقدم مجتمعنا الكوردي يقوم البعض باستغلالها بصورة انتهازية وسلبية من خلال التحريض على تفجير الاختلافات والتباينات والعمل بأنانية ولؤم على خلق الصراع من أبسط الفروق وأضيق الثغرات . 
 أشدد في الختام على أنه يجب أن تبرز منظمات مجتمع مدني غير مرتبطة بالأحزاب كما يحصل الآن و الأمثلة كثيرة أمامنا وإنما بقيم وطنية قومية تعمل بحيادية وبشكل طوعي تتنافس في الساحة مع الأحزاب بأخلاق وشرف بعيداً عن المزايدات وتحقيق الربح المادي وبمعنى أقرب وتعبير أدق يكون شعارها وهدفها الأسمى هو الإسهام بشكل فعال في صنع وتحقيق واقع شديد الرحابة غني بالجمال والعيش المشترك  تداعبه أحلام خلاقة تكون الحرية الفكرية وحرية الرأي والتعبير وسيادة القانون مبادىء مطلقة حية حاضرة وساطعة في حياة المجتمع بمختلف شرائحه…!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…