الأمازيغي: يوسف بويحيى
أعتقد أنه في هذا اليوم بالذات قد توصل الكثيرون إلى حقيقة ما كنت أقوله سابقا على مجرى الحركة الكوردية التحررية، ولم يكن إلحاحي عن “نجيرفان بارزاني” و “مسرور بارزاني” مجرد صدفة أبدا، إذ أشدت بهما في أكثر من مناسبة على نجاحهما في حماية كوردستان من السقوط جنبا مع المرجع الكوردستاني “مسعود بارزاني” ، كنت أعلم جيدا أنهما المؤهلين لحمل مسؤولية النضال والقضية والتحرر فيما بعد، نعم إنه عصر الشباب أحفاد مؤسس مدرسة نهج الكوردياتي “مصطفى البارزاني”.
بمجرد أن قرأت قرار حزب “البارتي” في ترشيح “نيجرفان” و “مسرور” تذكرت تصريح قديم لمشجعة إفريقية من دولة “جنوب إفريقيا” عندما خسر منتخب بلادها مباراة في مسابقة كأس إفريقيا قائلة “الأولاد الأولاد لم يكونوا في الموعد” ، وأنا أقول عكس ذلك بخصوص كوردستان “الأحفاد الأحفاد هم دائما في الموعد”.
إستطاع الزعيم “مسعود بارزاني” أن يجعل من حزب “البارتي” أقوى حزب في العراق والشرق الأوسط عموما من حيث الفكر والعقيدة والإيمان بالقضية والوطن، ورتب كل الأوراق الداخلية فيه بشكل ذكي ومحنك ومهني، واضعا قوانين داخلية صارمة خاصة للعائلة البارزانية، وكون جيلا أكاديميا يافعا نشيطا مؤهل لحمل مشعل القضية الكوردية والحرية والإستقلال.
تعيين “نيجرفان” و “مسرور” ليس بالصدفة أبدا، وليس بحثا عن المصالح و المناصب نهائيا، بقدر ما هو ضرورة دولية وكوردستانية لما تعيشه منطقة الشرق الأوسط، وهذه التعيينات تتماشى مع تغيرات ومنحى السياسة الدولية في العراق خاصة ومنطقة الشرق الأوسطية عامة لمن يفهم جيدا حركة السياسة.
إن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على تغيرات كبيرة كما أسلفت سابقا، وغالبا سيتم إسقاط النظام الإيراني والحد من نفوذه وأذرعه خصوصا الحشد الشعبي والعمال الكوردستاني على يد أمريكا مع بعض الدول الأروبية، وهذه الخطوات الأمريكية المرتقبة سيكون للكورد دور فعال كبير فيها سواء سياسيا وعسكريا، لهذا فلابد من شخصيات قوية قادرة على إتخاد القرار الحاسم لهكذا مواقف مصيرية، والحقيقة أن لا أحد يستطيع القيام و تحمل عبء القرارات سوى أفراد العائلة البارزانية.
إن حزب “البارتي” غير الكثير من سياساته بعد خيانة “كركوك” كما قلت سابقا، والآن يعيش حالة قوة وهجوم غير مباشر على الأحزاب الكوردية المعادية للإستقلال، ولن يسمح لأي حزب مشبوه أن ينتعش و يتقوى سياسيا أبدا، وقول “البارزاني” أن زمن الليونة والمجاملة من الماضي ليس مجرد كلام عابر بل في حيز التطبيق اليوم، وحكومة إقليم كوردستان القادمة ستكون قوية و جد صارمة في إتخاد القرارات السياسية سواء الداخلية او الخارجية.
بعد إجراء الإنتخابات الكوردستانية إضطرت أمريكا بالعودة إلى “مسعود البارزاني” مرغمة بعد أن تخلت عنه، إذ أسقط “البارزاني” جميع الرهانات والمكائد المحاكة ضده، وعلق المصالح الأمريكية برفضه الإنضمام للحكومة العراقية إلا بشرط إبعاد جميع العناصر العراقية المحظورة من طرف الشعب الكوردي وتطبيق الدستور ونيل الحقائب الوزارية.
إن حكومة إقليم كوردستان اليوم مدعومة من طرف أمريكا بشكل قوي نتيجة تعيين “مسرور البارزاني” ، والذي هو خريج أمريكا والصديق الأقرب لها من “مسعود بارزاني” و “نيجرفان بارزاني” ، إذ كثيرا ما أطلق الامريكيون على “مسعود بارزاني” لقب “العنيد” و على “نيجرفان بارزاني” لقب “العنصري” نتيجة شخصيتهما القوية وعدم ثقتهما بأمريكا مهما كان مستوى التجاوب والتقارب بينهما، وهذا ما جعل من “مسرور بارزاني” يكون الورقة الأقرب للأمريكيين بفتح صفحة جديدة مع الكورد للعمل وفق المصالح المتبادلة لبلوغ الأهداف الإستراتيجية والإستقلال وتأسيس الدولة الكوردية.
لو دققنا جيدا في حزب “البارتي” سنلاحظ أن “مسرور بارزاني” هو الرجل الأقرب لأمريكا على البقية، بينما امريكا تعلم جيدا أنها لا تستطيع القيام بشيء على الأرض إلا بالتحالف مع الكورد خصوصا حزب “البارتي” والعائلة البارزانية، وتغير المعادلات السياسية الدولية في الشرق الأوسط وتصاعد النفوذ الروسي والصيني والبريطاني بعد أخطاء سياسة “أوباما” و “ترامب” جعل الأمريكيين مضطرين للعودة إلى الكورد مرغمين.
كان للزعيم “مسعود بارزاني” كل الفضل في تثبيت المشروع الكوردستاني التحرري وتقرير مصير شعب كوردستان الذي أصبح واقعا يلوح في الأفق، وإستغل كل شيء لصالح القضية والشعب الكوردي عكس باقي التوجهات الكوردية الأخرى، وجعل من الكورد رقما صعبا في المعادلة السياسية والعسكرية في العراق والمنطقة عامة، وهيأ أرضية الإستقلال والحرية للأحفاد والجيل الصاعد، ويبقى مرجعا كوردستانيا ورمزا وأفقا وركنا لا يمكن تجاوزه.