البارزاني يريد الدولة الوطنية

الأمازيغي: يوسف بويحيى
كرؤوس أقلام و بإختصار في ظل طرح الأستاذ الكوردي “عبد الرحمن كلو” لموضوع بالغ الأهمية بخصوص الدولة القومية و الوطنية ،إذ كانت نفس رؤية النهج البارزاني الخالد و نفس خلفية الزعيم مسعود بارزاني الشخصية.
كإضافة لأجل التبسيط أكثر فإن تعريف الدولة الوطنية يمكن أن ألخصه في شيء واحد ،هو أن الكوردستاني لا يعني دائما المقصود هو الكوردي ،بل يمكن أن يكون هناك كوردستاني عربي أو أشوري او كلداني…ولد على أرض كوردستان و محسوب عليها و هذا صحيح سوسيولوجيا و سوسيوثقافيا و بسيكولوجيا و جيوفيزيائيا…،فالكوردي كوردستاني و الكوردستاني ليس دائما كورديا ،فالإنتماء الوطني مرتبط بالأرض و الجغرافيا ،وهذا هو المعنى الحقيقي للوعي الوطني و الأمة و الدولة الوطنية.
تاريخيا و جغرافيا كوردستان تبقى وطن الكورد و التسمية دليل على ذلك ،لكن بفعل الهجرة و التنقل و الغزو و الإبادة و الإستيطان و التصاهر بين باقي القوميات تولد مزيج مجتمعي بين كافة القوميات سواء كان متجانسا أم لا ،فالإنتماء الكوردستاني لهذه القوميات الغير الكوردية يقصد به العمق الجغرافي الذي تحكمه العديد من المميزات منها المناخية كذلك ،لهذا فالزعيم “مسعود بارزاني” كان واعيا جدا بذلك و حريص على قيادة مشروع وطني تحرري دون أن يعطيه أي إنطباع عرقي متسلط ،وعلى الرغم من أن القوميات الاخرى لم تضحي بشيء في سبيل كوردستان إلا أن البارزاني عمل على تفادي النزعات العرقية السلبية الداخلية ،وذلك عن طريق حفظ حقوق الأقليات القومية مثلها مثل الكورد ،كما صرح بتعديل العلم و النشيد الوطني الكوردستاني في سبيل ذلك رغم أني أخالف هذه الخطوة بشدة.
الحقيقة لو تم تأسيس دول إقليمية وطنية على نفس شاكلة ما يطمح له البارزاني لما وصلت منطقة الشرق الأوسط إلى هذا الحد من الدمار و الشتات ،وخصوصا ما يعيشه الكورد من عنف و إضطهاد و اقصاء من طرف الأنظمة القومية الأحادية العنصرية.
إن مقالي بخصوص الوعي القومي مفاده ان الشعب الكوردي بحاجة ماسة إليه من أجل ألا ينصهر في بوتقة الأعداء بإسم الدين و الشيوعية….،والوعي الوطني مفاده الإيمان الجغرافي الكوردستاني الكلي لا الجزئي ،وقبول الآخر المختلف الكوردستاني الغير الكوردي كجزء من منظومة دولة كوردستان قصد إحتوائه و إنجاح الدولة و إستقرارها و بناؤها على أساس سليم و متين.
أما بخصوص ما يتم ذكره على نضالات البيشمركة في بقاع كوردستان بشتى أجزائها أكده البارزاني الخالد في مضمون قوله <انا لست شيوعيا و لا أمميا بل انا كوردستاني أتمنى أن يرفرف علم وطني في كل أجزاء كوردستان> ،لهذا أكدت مرات عدة أن البارزاني الخالد مهندس خريطة كوردستان الكبرى و مشروعه الوطني كوردستاني شامل على كل الأجزاء ،ولعل قادة بغداد و تركيا و ايران يدركون ذلك بقولهم “إن البارزاني يريد إحياء كوردستان الكبرى”.
إن الذين يتهمون البارزاني بالعنصرية و النزعة القومية المتسلطة من الكورد و العرب و التركمان…لم يفهموا بعد خلفيات و أسس بناء دولة كوردستان و أغلبهم مجرد أدوات تخريبية تعمل لأجندات خارجية ،كون أن المشروع الوطني الكوردستاني الذي يتزعمه “مسعود البارزاني” نموذج إنساني و أخلاقي و ديموقراطي و حضاري و علماني و تعددي و إعتدالي لا يختلف على أي نظام دولة أروبية ديموقراطية متقدمة ،والحق يقال أن البارزاني وحده من لجأ لهذا النوع من المناهج الحضارية لبناء الدولة في تاريخ الشرق الأوسط المعاصر عامة.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فرحان كلش عقد ونيف من السنوات العجاف عاشها السوريون، طُبقت عليهم رؤى بعثوية مزيجة بين القومية والطائفية والسطوة الأمنية والمزيد من الفساد والإفساد، وتكيف السوريون مع حالة الإدعاء التي تقمصها النظام السابق والمتمثلة باستكمال الربط والتقييد الداخلي بخط خارجي موازٍ متمثل بفكرة المقاومة، هذه الفكرة التي أرهقت المجتمع السوري اقتصادياً وأمنياً. ولم تكن ثورة 2011 إلا رد فعل على جملة…

إبراهيم اليوسف لم تكن ثقافة العنف في سوريا وليدة لحظة أو حدث عابر، بل هي نتاج عقود من السياسات القمعية التي سعت إلى إحكام السيطرة على المجتمع من خلال ممارسات شمولية اعتمدت الترهيب والتدمير المنهجي لأي محاولة للخروج عن النص السلطوي. حافظ الأسد، الذي استولى على السلطة عام 1970، أرسى قواعد نظام أمني مبني على الخوف والولاء المطلق،…

بوتان زيباري رأيتُ سوريا في المنام، تقف على تلٍ عالٍ، عيناها مغمضتان كمن ينتظر حُكم القدر. كان وجهها متعبًا، مُثقلًا بغبار الحروب، وشعرها مشعثًا تراقصه رياح الخوف. ومع ذلك، كانت في عينيها مساحات شاسعة من الأمل، كأنها تقول: “أنا باقية… ولن أنهزم.” في الحلم، لم تكن سوريا مجرد جغرافيا أو خطوطًا متشابكة على الخرائط. كانت أمًّا تضم أطفالها الذين…

إبراهيم اليوسف تمر بلادنا بمرحلة مفصلية، حيث تزداد الحاجة إلى التكاتف والتعاضد بين أبناء الشعب الكردي من جهة، وبينهم والشعب السوري عامة. في خضم هذه الأوقات الصعبة التي تتطلب جهودًا مشتركة من جميع الأطراف، يصبح من الطبيعي أن تظهر آراء متناقضة وأحيانًا متباعدة في ظل الظروف المعقدة. ولكن ما يزيد الأمور صعوبة هو تحول بعض النقاشات إلى ساحة من الشتائم…