بيان توضيحي من منظمة (DAD) حول التعميم الصادر عن وزير الاتصالات والتقانة السوري

 أصدر وزير الاتصالات والتقانة السوري الدكتور عمرو سالم، في 25 / 7 / 2007م، تعميماً يطالب فيه أصحاب مواقع النشر الالكترونية السورية بنشر أسماء كتاب كل المقالات والتعليقات التي تنشرها والعنوان الالكتروني الذي ورد منه…، وذلك ( …تحت طائلة إنذار صاحب الموقع ومن ثم عدم النفاذ إلى الموقع مؤقتاً، وفي حال تكرار وقوع المخالفة عدم النفاذ إلى الموقع نهائياً…) مع الإشارة إلى (…تحميل صاحب الموقع الالكتروني المخالف للمسئولية القانونية المدنية والجزائية الناجمة عن مخالفته لمضمون هذا التعميم…)
  وقد برر الوزير هذا التعيم باعتباره رداً على تكرار (… ظاهرة نشر معلومات غير موثقة في بعض المواقع الالكترونية تتعرض لعدد من الأشخاص من دون اقتران هذه المعلومات بأية أدلة ودون وضوح نسبة تلك المقالات لأشخاص محددين، الأمر الذي يمس بمصداقية المواقع الناشرة لتلك المقالات من جهة وتخلق اضطراباً في المجتمع…) إضافة إلى (…إلحاق الأذى المادي والمعنوي بالأشخاص المعنيين..)..
  أن هذا التعميم، يعتبر استمراراً لسياسة التضييق والإلغاء والحجب…، التي اتسعت في الفترة الأخيرة لتطال العديد من المواقع الالكترونية، حيث تم إغلاق وحجب مواقع الكترونية عديدة، كموقع ” المشهد السوري ” و ” المرصد السوري ” و ” مرآة سورية ” و ” الحوار المتمدن ” و ” وموقع كسكه سور ” و ” موقع باخرة الكرد ” و ” موقع الرأي ” و ” موقع منظمتنا ” و ” موقع كرد ميديا ” و ” موقع بنخت كوم ” و ” موقع اللجنة الكردية لحقوق الإنسان ”  و ” موقع تيار المستقبل الكردي في سوريا ” و ” موقع صفحات سورية ” و ” موقع شفاف ” و ” موقع أخبار الشرق ” و ” موقع هوتمايل ” و ” موقع إيلاف ” و ” موقع عرب تايمز ” و ” موقع إسلام أون لاين ” و ” موقع جريدة الشرق الأوسط اللندنية ” و ” موقع جريدة المستقبل اللبنانية “…، إضافة إلى العديد من المواقع الإخبارية والثقافية والدينية ( الإسلامية ).
  لقد استند الوزير في إصداره التعميم المذكور إلى أحكام المرسوم التشريعي رقم / 35 / تاريخ 15 / 5 / 2004 المتضمن تحديد مهام وزارة الاتصالات والتقانة ولاسيما تنظيم قطاع الاتصالات.

في الحقيقة فأن المرسوم التشريعي المشار إليه نص على ما يلي:
المادة ( 1 ): تتولى وزارة الاتصالات والتقانة المهام التالية:
1- استشراف التقانات الحديثة الملائمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في سوريا وبخاصة تقانة الاتصالات والمعلومات واقتراح السياسات الاستراتيجية العامة للدولة فيما يتعلق بحيازة هذه التقانات وتوطينها وتحديثها ومتابعة استخدامها وذلك بالتعاون مع الجهات المختصة.
2-   المساهمة في إعداد الخطط التنفيذية لتحقيق الاستراتيجيات المتعلقة بالتقانات الجديدة عموماً وتقانة الاتصالات والمعلومات خصوصاً.


3-  الإسهام في تنمية الموارد البشرية واقتراح إقامة معاهد عليا للتأهيل التخصصي في مجال الاتصالات وتقانة المعلومات.
4- الأشراف على قطاع الاتصالات بشقيه العام والخاص ووضع الخطط اللازمة لتطويره وتنميته..وتنويع وسائله وتقاناته وذلك بهدف توفير خدمات الاتصالات لأكبر شريحة من المواطنين وبأنسب الأسعار وإعداد مشاريع القوانين والتشريعات اللازمة لذلك.
5-  الأشراف على الخدمات البريدية المختلفة التقليدية والحديثة وتوفيرها والارتقاء بها لتواكب التطورات العالمية كدعم التجارة الالكترونية.
6-  الإشراف على تنمية تقانة المعلومات في سوريا ووضع أسس تطوير منظوماتها وشبكاتها ومعاييرها وأمنها والمساهمة في إنشائها وتحديثها بالتعاون مع الجهات المعنية وإعداد مشاريع القوانين والتشريعات اللازمة لذلك.
7-  العمل على تعزيز أداء جهاز الدولة التنفيذي باعتماد تقانات الاتصالات والمعلومات أداة رسمية في الإجراءات الإدارية.
8- تعزيز استخدام الوسائل الالكترونية في التبادل التجاري.
9- اقتراح عقد اتفاقات دولية وشراكات فيما يتعلق بالاتصالات وتقانة المعلومات والتقانات الحديثة الأخرى.
10-  تمثيل سوريا في المحافل الدولية فيما يتعلق بالاتصالات وتقانة المعلومات.
المادة ( 2 ): تتولى وزارة الاتصالات والتقانة مهمة تنظيم قطاع الاتصالات.
المادة ( 3 ): ترتبط بوزير الاتصالات والتقانة الجهات التالية:
–    المؤسسة العامة للاتصالات.
–   المؤسسة العامة للبريد.
–  الهيئة العامة للاستشعار عن بعد.
المادة ( 4 ): يمارس وزير الاتصالات والتقانة المهام والصلاحيات المسندة إلى رئيس مجلس الوزراء المذكورة في المرسوم التشريعي رقم / 8 / لعام 1968 المتعلق بإحداث الهيئة العامة للاستشعار عن بعد كافة.
المادة ( 5 ): تلغى الأحكام المخالفة لهذا المرسوم التشريعي كافة.
المادة ( 6 ): ينشر هذا المرسوم التشريعي في الجريدة الرسمية.
  أن الوزير بإصداره هذا التعميم الغريب، يكون قد تجاوز مهامه وصلاحياته الممنوحة له والمنصوص عنها في نصوص المرسوم المذكور أعلاه الذي لا يوجد فيه أي نص يخوله تحديد آلية عمل وسائل الإعلام ( بما في ذلك المواقع الالكترونية ) والقوانين التي يجب أن تتقيد بها، فهذا كله من مهام واختصاص وزارة الإعلام.

وكان الأجدر به أن يعمل على إصدار التعاميم الكفيلة بتطوير تقانة المعلومات وشبكة الاتصالات في سوريا التي تعتبر الأسوأ في العالم من حيث الخدمة والتكلفة المالية.
  هذا من جهة ومن جهة أخرى، فأن الوزير تجاوز أيضاً مهام وصلاحيات السلطتين التشريعية والقضائية.
   تشريعياً: يحتاج هذا التعميم إلى إحالته إلى مجلس الشعب عن طريق مجلس الوزراء، حيث يقوم البرلمان بدراسته وبعد ذلك يتخذ القرار إما بالموافقة عليه بعد تعديله أو بالشكل الذي طرح فيه أو رفضه، وبعد ذلك يرفعه للسيد رئيس الجمهورية للمصادقة عليه وإصداره بمرسوم وفقاً لأحكام القانون والدستور.
 قضائياً: يعتبر هذا التعميم بما ورد فيه من تهديد بفرض العقوبات ( الإنذار، الإغلاق، الغرامة، الحبس ) وتنفيذها، تجاوزاً على القضاء وسلطته، فللسلطة القضائية لوحدها الولاية الكاملة على مختلف المنازعات بين الأفراد والدولة وبين الأفراد فيما بينهم.

ولا يجوز لأي شخص كان مهما كان مركزه الاجتماعي والسياسي والأمني…، أن يصدر قوانين وتشريعات … ويفرض عقوبات…، تكون في الأصل من اختصاص السلطة القضائية، لأنه بذلك تكون قد تجاوز حدوده وصلاحياته.


  أن هذا التعميم يتناقض جملة وتفصيلاً مع حق الإنسان في حرية الرأي والتعبير، والذي يشمل الحرية في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة دونما اعتبار للحدود، وفق مانصت عليه العهود والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي وقعت عليها سوريا، تنص المادة / 19 / من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن: ( لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة دونما اعتبار للحدود )، وتنص الفقرتين / 1 و 2 / من المادة / 19 / من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن ( 1- لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.

2 – لكل إنسان حق في حرية التعبير.

ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو بأية وسيلة أخرى يختارها  ).
  كما أن التعميم المذكور يتناقض مع العديد من مواد ومبادىء الدستور السوري، تنص الفقرتين / 1 و 2 / من المادة / 25 / من الدستور على أن: (1 – الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم.

2 – سيادة القانون مبدأ أساسي في المجتمع والدولة  )، كما تنص المادة / 26 / من الدستور على أن: ( لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وينظم القانون ذلك  )، وتنص الفقرتين / 1 و 2 / من المادة / 28 / من الدستور على ما يلي: ( 1 – كل متهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم ) 2-  لا يجوز تحري أحد أو توقيفه إلا وفقاً للقانون  )، وتنص المادة / 29 / من الدستور أيضاً على أنه: ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني  )، وتنص المادة / 32 / من الدستور أيضاً على ما يلي: ( سرية المراسلات البريدية والاتصالات السلكية مكفولة وفق الأحكام المبينة في القانون  ).


  مما لا شك فيه، أن القدح والذم والتحقير…من خلال وسائل الإعلام أي كانت، هي من الجرائم الحاطة بالكرامة الإنسانية، وقد عاقب عليها المشرع السوري، سواء، في قانون العقوبات أو قانون المطبوعات أو القانون المدني.

ونعتقد أن تحديد فيما إذا كان عملاً كتابياً ما منشوراً في الإعلام ( المرئية، المقروءة، المسموعة، أو مواقع النشر الالكتروني ) يشكل جرماً ماساً بالكرامة الإنسانية لأحد المواطنين ( بغض النظر عن موقعه في المجتمع ) أم لا، يجب أن يترك للقضاء وحده، الذي هو صاحب الولاية الكاملة والشاملة في مثل هذه الأمور كما قلنا سابقاً.

 
  إننا في المنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا ( DAD )، نرى بأن هذا التعميم يشكل مصادرة جديدة لحرية الرأي والتعبير في سوريا، التي تمر أصلاً ومنذ فترة طويلة بمحنة حقيقية، حيث تم في السنوات الأخيرة اعتقال المئات من الكتاب والصحفيين والناشطين السياسيين والحقوقيين…، بسبب إبدائهم لأرائهم ومعتقداتهم…، سواء في وسائل الإعلام أو من خلال اللقاءات والندوات والمنتديات…، وهو لن يؤدي سوى إلى المزيد من خنق الحريات والحقوق الأساسية للمواطن السوري، وإلى تكريس الهيمنة والقمع والاستبداد، وإلى المزيد من التخلف والجهل.

وفي الوقت الذي نعرب فيه عن إدانتنا الشديدة لهذا التعميم الجائر بحق حرية الرأي والتعبير في سوريا، فإننا نطالب السلطات السورية بالغائه لعدم قانونيته ودستوريته.
8 / 8 / 2007 
 المنظمة الكردية
 للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا ( DAD )
   www.Dad-Kurd.org
Dad-Human@Hotmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…