«الشهداء/الضحايا» الكرد إيقونات النضال ورافعات القضية

مصطفى أوسو
تاريخ الشعب الكردي في أجزاء كردستان الأربعة، مليء بقصص وملاحم البطولة والشجاعة والتضحية والفداء، في سبيل الدفاع عن قضيته وتأمين حقوقه القومية والوطنية الديمقراطية، ومن أجل العيش بسلام وأمان وكرامة في وطن يضمه ويشعره بالانتماء إليه. 
والمتمعن في قراءة صفحات هذا التاريخ لا يجد صعوبة كبيرة في كشف المكانة المتميزة للشعب الكردي في كردستان سوريا فيها، فهو لم يبخل قط بتقديم الدماء الطاهرة والزكية لخيرة أبناءه وكوادره قرباناً لقضية الشعب في الأجزاء الثلاثة الأخرى من كردستان، إضافة لعشرات المئات من الذين ضحوا بحياتهم في سوريا، منذ بداية تشكلها كدولة  عام 1925، وإلحاق جزء كردستان بها وحتى الآن، دفاعاً عن قضيته القومية التي تعرضت للكثير من محاولات طمسها والقضاء عليها وإنهائها…، باستخدام وسائل القوة والعنف تارة، وبتطبيق المشاريع العنصرية والشوفينية تارة أخرى.
ولأن لـ “الشهداء/الضحايا”، رمزية خاصة لدى كل شعوب العالم التي ناضلت من أجل حريتها وتقرير مصيرها، يجب أن يكون تعامل الكرد مع “شهدائهم/ضحاياهم” بمثل هذه الرمزية أيضاً، لأنهم يعتبرون إيقونات لنضال الشعب الكردي على مر الزمن، وبمثابة رافعات لقضيته القومية على كافة المستويات وفي جميع المحافل، سواء من سقط منهم بسبب الرأي أو الموقف أو النشاط السياسي أو الحراك الثوري المدني الديمقراطي السلمي، أو بنتيجة الحملات العسكرية الإرهابية والبربرية التي تعرضت لها عدد من المناطق الكردية – سري كانيي/رأس العين، كوباني/عين العرب، عفرين، وغيرها من المناطق – أو في ساحات المعارك وهو يواجه قوى الاستبداد والإرهاب.
وإذا كان الاحتفاء بـ “الشهداء/الضحايا” الكرد وتكريمهم، يتماشى مع ما ذكرناه من رمزية ومكانة خاصة وأهمية، ويدخل أيضاً في صميم الواجب القومي والإنساني والأخلاقي، تجاه من ضحوا بأغلى ما يملكون من أجل شعبهم وفي سبيل قضاياه، إلا أن الاستغلال السياسي لـ “الشهداء/الضحايا” في صراعات ثانوية ومن أجل تحقيق غايات وأهداف وأجندات حزبية أو شخصية، يفقدهم إلى حد كبير الرمزية التي أشرنا إليها، ويمس كثيراً بقاماتهم النضالية العالية، ويؤدي إلى تقزيم أدوارهم وتضحياتهم والأهداف العامة التي سعوا لتحقيقها، لأن الأحزاب ومهما كان شأنها، فأنها أدوات نضالية لتحقيق أهداف الشعوب وطموحاتها وتطلعاتها وأمالها المشروعة، والمفروض في مرحلة الانعطافات التاريخية في حياة الشعوب، وسعيها من أجل حريتها وتقرير مصيرها، أن يذوب كل شيء في إطار الانتماء القومي العام.
عموماً وتحاشياً لكل التفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع، والتي قد تكون بحاجة للكثير من النقاش حولها، أكتفي هنا بدعوة جميع الفعاليات السياسية والحقوقية والاجتماعية والثقافية الكردية، إلى التكاتف والاتفاق معاً على تحديد يوم معين يتم فيه الاحتفاء بـ “الشهادة”، لتجسيد معانيها وبيان عظمتها، و بـ “الشهداء/الضحايا”، لتكريمهم بشكل يليق بهم وبنضالهم وتضحياتهم وإظهار مكانتهم السامية ودورهم الريادي والمميز في نضال الشعب الكردي من أجل تأمين حقوقه وتحقيق حريته.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…