لنكسب ثقة الشعب السوري…!

جان كورد
07.08.2007

ناضلت الحركة السياسية الكوردية ردحا طويلا من الزمن تحت شعارات وطنية، منها الايمان التام بالتآخي الكوردي – العربي، بوحدة المصير، وبصون التراب الوطني لسوريا، إضافة إلى مشاركة السوريين الآخرين بالقول والعمل، بعرق الجبين ودماء الأبناء والبنات الكورد، في كل معارك الوطن المشترك…
… وذلك رغم كل العنت والقهر والاقصاء والنكران الذي قوبل به الشعب الكوردي من قبل العنصريين والشوفينيين الذين يعتقدون بأن الأمة العربية شيء فوق العالم وللآخرين شرف الارتماء تحت سيطرتها المطلقة، دون أن يقدموا للآخرين مايثبت فعلا تفوقهم الحضاري، ورأسمالهم الوحيد هوالتاريخ الإسلامي الذي لم يكن سوى في مرحلته الضيقة القصيرة الأولى حضارة عربية، ثم شارك فيه الجميع، من الهند والسند، إلى ضفاف الأطلسي، ومن القسطنطينة إلى مجاهل أفريقيا، ولم تكن أبدا “حضارة العرب” كما توهم بعضهم، وانما “حضارة الإٍسلام”، والإٍسلام لم يأمر بأن يدخل الكورد في ظل العرب، أو العكس من ذلك، بل خلق الله البشر – حسب صريح آياته – أحرارا، لهم الحق في امتلاك أرضهم واستعمال لغتهم وجني خيرات بلادهم ورفض العبودية والقهر والظلم… ونقول أيضا: احتفظت الحركة الوطنية الكوردية بتوازنها القومي والوطني رغم سياسة البعث العنصرية المتخلفة عن ركب الحضارة ضد الوجود القومي الكوردي منذ اغتصابه السلطة في البلاد…
اليوم، هناك وضع جديد في بلادنا، النظام الحاكم أصبح في عزلة داخلية وعربية ودولية خانقة، والتغيير الجذري الحاسم في التركيبة السياسية السورية قادم لامحال، وهناك قوى ودول عالمية لها مصلحة مباشرة في تغيير كهذا، والمعارضة الديموقراطية والوطنية السورية تطورت، من خلال انتكاساتها وتجاربها وتجددها، إلى حركة سياسة واعية، تدرك وظيفتها التاريخية وتعلم مايريده الشعب السوري بمختلف فئاته وطبقاته وشرائحه، دون استثناء أو اقصاء، أي بكل مكوناته الاجتماعية والقومية والدينية، كما بدأت تدرك ضرورة الاستفادة من القوى الدولية لادارة الصراع وفي احداث مثل هذا التغيير، والدنيا مصالح مشتركة، وليست هناك صداقات دائمة أو عداوات دائمة كما نعلم…
في مثل هذا الوضع يجدر بالكورد أن يزيلوا مخاوف اخوتهم السوريين الآخرين، وفي مقدمتها الخوف من أن الكورد سيستغلون عملية التغيير القادمة لاحراز مصالح قومية، ففي الحقيقة إن الكورد أمة كالأمة العربية، تعيش في المنطقة منذ أكثر من 7000 عام، والآثار السومرية والبابلية والاغريقية والآشورية، وكذلك التاريخ الطويل للمسيحية واليهودية في المنطقة، يثبت بأن الكورد كانوا دائما عنصرا مشهودا له بالجرأة والفعالية والتفاعل على مسرح الشرق الأوسط… من قبل أن يصل العرب إلى شمال سوريا أو يأتي الترك من آسيا الوسطى بآلاف السنين… إلا أن الكورد قد عاشروا سكان المنطقة وشاركوهم همومهم وأحزانهم، كما شاركوهم أفراحهم وابتساماتهم وانتصاراتهم، وقاوموا معهم الاغريق والرومان والمغول والصليبيين، ومن بعدهم الانجليز والروس والفرنسيين وغيرهم… ولكن  الآخرين غمطوا الكورد حقهم القومي العادل وتنكروا لوجودهم واحتقروهم وعملوا فيهم التقتيل والتشريد وأمعنوا في أنفلتهم وابادتهم، كما حدث في الفترة الأخيرة من تاريخ المنطقة بشكل خاص… 
على كل حال، فإن الكورد لهم الحق في المطالبة حتى باستقلالهم، من وجهة نظر الشريعة التي يلوح بها الآخرون في وجوهنا كلما دار الحديث عن الكورد وكوردستان، ومن وجهة نظر القانون الدولي، وفيما اذا استخدمنا ذات الموازين التي يوزن بها القوميون العرب والترك والفرس…
ولكن مع ذلك فإن من واجبنا كسوريين أن نركز على خطابنا السوري الوطني، دون تنازل عن المطالبة بحقنا القومي، حسب مبدأ تقرير المصير، ضمن حدود الدولة السورية التي نعمل جميعا على صونها والدفاع عنها كوحدة متكاملة، سواء أكانت هذه المطالبة “ادارة ذاتية؟، حكما ذاتيا؟ أم نظاما فيدراليا قائما على مبدأ الاتحاد الاختياري”… 
إننا سنكسب ثقة الشعب السوري فيما إذا أثبتنا له فعلا بأننا نمثل شعبنا الكوردي خير تمثيل، وندافع عن وجوده وحقه القومي العادل ومميزاته الثقافية ونسانده في تشبثه بأرضه التاريخية وبرفضه للتعريب والتشريد والاقصاء… وبدون ذلك لن يثق بنا السوريون الآخرون، فالذي لايعمل لأهله لايعمل لغيره، والسوريون جميعا أهلنا، ولكن الأقربين أولى بالمعروف كما تعلمنا من عقلاء العرب… لايجوز لنا أن نكذب على السوريين الآخرين، بل نقول لهم الحقيقة كاملة، من نحن وماذا نريد وإلى أين نسير… لايجوز أن نسير على طرق ملتوية ونقول الحق جهارا نهارا… 
الأمر الضروري الآخر لكسب ثقة الشعب هو أن لانبخل على الشعب السوري بالتضحيات في سبيل اقامة نظام ديموقراطي حر وعادل، وقائم على احترام حق الجميع ، وهذا يعني أن نقوم بواجبنا كقوة معارضة وطنية جدية، ولايحق لنا التهرب من مسؤولياتنا الوطنية السورية، ضمن صفوف المعارضة الديموقراطية الوطنية السورية، أو ضمن التحالفات الداخلية للشعب الكوردي… هكذا فقط سيثق الشعب السوري بقوة وفعالية “حزب الأحزاب الكوردية” وليس باستخدام خطاب مبهم ضبابي غير صريح، وممارسة سياسة غير مجدية في صف المعارضة….

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…