كاتب كردي: لن نتنازل عن الاستقلال.. ولهذا نشرت أمريكا رداراتها شرق الفرات

قال الكاتب الكردي «إدريس سالم» إن الأكراد «لن يتنازلوا يوماً عن مشروع الاستقلال، فالاستقلال هو مشروع الكرد الإستراتيجي، والثورات والانتفاضات التي أشعلها الكرد في جغرافية كردستان منذ قرون شاهدة على هذا المشروع».
 
وأضاف خلال حواره مع «مصر العربية» أن المعارك لا تزال دائرة بين الكرد وتنظيم داعش، خاصة في ريف كوباني الجنوبي ومناطق من محافظة الحسكة السورية.
 
وتابع: حتى الآن لم تتخلّ أمريكا عن الكرد في غربي كردستان، وخاصة شرقي نهر الفرات، إلا أن التعويل على أمريكا والثقة بها كمَن يطبخ لنفسه سمّاً قاتلاً.
إلى نص الحوار..
 
في البداية.. حدثنا عن أوضاع أكراد سوريا في ظل حالة الفوضى الأمنية والسياسية والمعيشية التي تشهدها الأراضي السورية؟
 
الوضع المعيشي في غربي كردستان يختلف من مدينة إلى أخرى، ففي عفرين البنية المعيشية هشّة ومدمّرة إلى درجة أن المواطن العفريني مهدّد بالاختطاف أو الاعتقال أو القتل يومياً، نتيجة الانتهاكات الإرهابية التي يتلقاها من قبل الفصائل الإسلامية، وفي كوباني الجريحة الوضع مختلف، خاصة هناك حركة معيشية نشطة بفضل جهود الإدارة التي فيها، ومساعدات المنظمات الدولية والكردستانية، في حين مناطق قامشلو الوضع الاجتماعي جيد، خاصة وأن المدينة لم تتعرّض لا للحرب ولا للحصار.
 
 
وماذا عن آخر الأعمال القتالية في الشمال السوري؟
 
هناك معارك صغيرة هنا وهناك بين الكرد وتنظيم داعش، خاصة في ريف كوباني الجنوبي ومناطق من محافظة الحسكة، أما كحرب أو قتال كبيرين في شرقي الفرات حتى الآن لا توجد أيّ شيء من هذا القبيل، مع ترقّب وخوف وقلق من الأكراد من أي عملية عسكرية للنظام السوري أو الفصائل الإسلامية القاطنة في غربي النهر، وإمكانية التحضير لحرب ضد قوات سوريا الديمقراطية بدعم إقليمي، وضوء أخضر دولي، وخاصة من أمريكا وروسيا.
 
منذ بداية الصراع السوري دعمت أمريكا الأكراد ضد داعش، ونجح الكرد في وأد التنظيم هناك.. لكن بعد ذلك تخلى الأمريكان عنهم؟ ما حقيقة الدعم الأمريكي لتلك الفصائل الكردية المقاتلة؟
 
حتى الآن لم تتخلّ أمريكا عن الكرد في غربي كردستان، وخاصة شرقي نهر الفرات، إلا أن التعويل على أمريكا والثقة بها كمَن يطبخ لنفسه سمّاً قاتلاً، ويكتب مَنعى موته بيده، فأمريكا تعتبر الكرد شركاء محلّيين لها – بشكل مؤقت – في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة سوريا، ودعمها الضئيل أو القوي لهم وتهيئتها للأمن والاستقرار في جغرافيتهم، ما هو إلا لحماية مصالحها وأهدافها الإستراتيجية من الدرجة الأولى، وليس لحماية الشعب الكردي أو تأييد ومطالبة حقوقهم بشكل فعلي.
 
مؤخرا أطلق الأكراد مفاوضات مع النظام السوري، إلى ماذا وصلت تلك المفاوضات؟ وما أهدافها؟
 
النظام السوري حاول التفاوض مع الكرد في بداية انطلاق الثورة السورية ضده، ليكسب الكرد ويضعهم في وجه المعارضين الآخرين، أيّ العرب السنّة، لكن الأحزاب الكردية رفضت آنذاك..
 
والآن قبول حزب الاتحاد الديمقراطي وحلفائه في الإدارة الذاتية التفاوض مع النظام يأتي من منطلقين، أولهما: بعد أحداث عفرين وهجوم تركيا واحتلالها في ظل سكوت النظام وخوف حزب الاتحاد الديمقراطي من تكرار السيناريو ومحاولة حماية نفسه ومناطقه في ظل النظام المعترف به دولياً حتى الآن.
 
وثانيهما: توقع حزب الاتحاد الديمقراطي بأن يتنازل النظام السوري ويمنح حقوقاً للكرد في ظل قوتهم وسيطرتهم على مساحات واسعة. وفي المحصلة هذه المفاوضات مجرد تكتيك آني من الطرفين ليس إلا، ولا يتوقع أن يعترف النظام بأي حقوق ذاتية أو فيدرالية، وهو لم يقرّ بذلك في أضعف مراحله، بحق اللغة والثقافة الكرديتين، خاصة وأن وضعه الآن أفضل من وضعه قبل ثلاث أو أربع سنوات بكثير.
 
الأكراد يسيطرون على قرابة 30% من مساحة سوريا ويقيمون إداراتهم الذاتية.. هل هذا هو هدف الأكراد؟ أم أن حلم الدولة الكردية المستقلة مازال يراودهم؟
 
إن هدف الكرد في غربي كردستان بات منقسماً إلى هدفين عكسيين، فالهدف الأول يرتبط بالمجلس الوطني الكردي، الذي يطالب ويعمل على مشروع الفيدرالية، برعاية ومساندة دولية، والهدف الثاني الذي يتعلق بالإدارة الذاتية، التي تطالب بحكم ذاتي وطني، على شكل إدارات محلية، وهي منشغلة الآن بهذا الهدف.
 
وماذا عن فكرة استقلال الكرد؟ وهل مازالت الفكرة مطروحة الآن؟
 
لن يتنازل الكرد يوماً عن مشروع الاستقلال، وليس فكرة الاستقلال، لأن الفكرة أحياناً تكون وليدة الصدفة، فالاستقلال هو مشروع الكرد الإستراتيجي، والثورات والانتفاضات التي أشعلها الكرد في جغرافية كردستان منذ قرون شاهدة على هذا المشروع، إضافة إلى الانتهاكات والكوارث والمجازر التي تعرّضوا لها على أيدي ديكتاتوريات الشرق الأوسط والدول الغربية.
 
البعض تحدث مؤخراً عن مشاركة أكراد سوريا النظام السوري في عملياته العسكرية في إدلب.. ما حقيقة الأمر؟
 
قوات سوريا الديمقراطية ترى نفسها جزءاً من قوات النظام السوري، وجاء ذلك على لسان مسؤولين عسكريين ودبلوماسيين وسياسيين كرد في الإدارة الذاتية، والذين صرّحوا عدّة مرّات في الوسائل الإعلامية أنهم سيشاركون في العملية العسكرية في إدلب – التي توقفت باتفاق تركي روسي وموافقة سورية إيرانية – ومشاركتهم كانت مشترطة بتحرير عفرين من الفصائل الإسلامية، المدعومة تركياً، والتي تدعي الانتماء للجيش الحر المنشق من جيش النظام.
 
قبل أيام، أكدت أنقرة أن التدريبات والدوريات المشتركة بين القوات التركية والأمريكية في مدينة منبج شمال سوريا ستنطلق قريبا.. كيف تراها؟
 
الهدف من هذه العمليات كالفصل بين القلب والمخ، تركيا تهدف من ذلك إلى قطع الطريق بين عفرين وبقية المدن الكردية، والحجة هو أن الإدارة الذاتية مؤسساتها إرهابية مرتبطة بتنظيم حزب العمال الكردستاني المحظور دولياً، خاصة وأن أنقرة تعتقد أن الكرد هم المسؤولون عن توتر علاقتها مع واشنطن.
 
وكيف تقرأ الاتفاق التركي الروسي الأخير بشأن إدلب؟ ولماذا يتخوف منه الكرد كما يزعم البعض؟
 
أنقرة تريد تمتين الحلف الروسي – التركي، لمواجهة الدول الأوروبية والضغوطات الأمريكية الاقتصادية، إضافة إلى الرغبة التركية في البقاء في عفرين والباب وجرابلس ومنبج ومنها التوغل في الرقة، والأهم أن تعطي روسيا ضوءاً أخضراً لها للقضاء على المكاسب الكردية في المنطقة، وتحجيم دورهم، ولتوجيه أنظار الشعب التركي عن مشاكله الداخلية السياسية منها والاقتصادية، وإبراز دور حزب العدالة والتنمية على أنه حامي السنّة في العالم.
 
والكرد يتخوفون من هذا الاتفاق، بسبب الموافقة والمباركة السورية، ولأن تركيا هاجسها الأكبر هو الكرد وكيفية القضاء عليهم، ناهيك على أنها تمتلك وتسيطر على المعارضة السورية المسلحة والسياسية، لضرب الكرد في سوريا، للتنازل عن حقوقهم المشروعة.
 
ما أهمية أجهزة الرادارات الأمريكية بالنسبة للكرد، والتي نشرتها واشنطن مؤخرا شرقي الفرات؟
 
حقيقة، إن الرادارات الأمريكية التي يضعها الجيش الأمريكي في مدينة كوباني والحسكة، والتي تمّ الإعلان عنها في الوسائل الإعلامية، لن تكون في خدمة الكرد، ولن تلقي بظلالها الإيجابية لصالحهم، بقدر ما هي رسالة واضحة وصريحة لتركيا، في أن تعود إلى رشدها، وسحبها من الحضن والحصن الروسي، في آستانة وسوتشي، وبالتالي إصلاح الصدع المتفاقم في العلاقات الأمريكية التركية، والدليل إلى الآن الإعلام التركي والقادة الأتراك لم يتعاملوا بعد مع نشر أمريكا أجهزة الرادار، على بعد مرمى حجر من الحدود التركية – السورية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…