افتتاحية جريدة المساواة*
تشهد الساحة السورية مؤخرا الميدانية منها والسياسية, مؤخراً تطورات دراماتيكية تشد إليها الاهتمام على مستوى المنطقة والعالم ، فالتحضيرات العسكرية للنظام للهجوم على ادلب مسنودة بدعم حلفائه من الروس وغيرهم من جهة, و التحرك الدبلوماسي التركي المرتبك لتجنيبها الضربة وإيجاد مخرج من جهة أخرى ، حيث باتت ادلب الملجأ الأخير لملاين من المدنيين سكاناً ونازحين بالإضافة إلى تجمع الفصائل المسلحة فيها سواء الموجودة فيها أصلا بما فيها جبهة النصرة الإرهابية أو الفصائل المرحلة إليها ، وكلها تلقى الرعاية التركية الأمر الذي يجعل من المواجهة العسكرية هناك كارثة حقيقية حسب رأي اغلب المتابعين للوضع هناك ، والتطور الآخر هو الاستدارة في الموقف الأمريكي باتجاه التصعيد ضد الوجود الإيراني في سوريا هذا الوجود الذي عجز الروس عن حلحلته إخراجا أو تحجيماً كما طالب به ترامب في قمة هلسنكي مما حدا بالإدارة الأمريكية إلى الإعلان عن بقائها في منطقة تواجدها في سوريا وتحديدا شرق الفرات ، وتعزيز هذا البقاء ودعم المتعاونين معها كقوات قسد ،
هذا ما لاحظه المراقبون من خلال تدفق المعدات والدعم اللوجستي في الأيام الأخيرة إلى هذه المنطقة ، وترافق ذلك بتعين جيمس جيفري مبعوثا خاصا في سوريا لتنسيق الجهود السياسية لجميع جوانب الصراع في سوريا وجهود دعم الحل السياسي كما صرح به ( بومبيو ) وزير الخارجية الأمريكي هذا المبعوث الذي شارك كخبير في التوصيات التي أعلن عنها مركز الدراسات ومن بينها فرض حظر جوي وبري لشمال سوريا وتوصيات أخرى بالإضافة لوجود عسكري صغير على الأرض وإبقائها حتى تنفيذ القرار 2254 بشأن الحل السياسي في سوريا وتزامن ذلك أيضا جولة للمستشار الرئيسي الجديد لقوات التحالف روباك لأكثر من موقع في منطقة شرق الفرات بالإضافة إلى متابعة فرض العقوبات على إيران وحصارها دولياً من خلال معاقبة الشركات المتعاملة معها .
وفي تحد واضح للسياسية الأمريكية التي طالما رفضها النظام الإيراني ، زار وزير الدفاع الإيراني دمشق وصرح عن دعم بلاده الكامل للنظام السوري ، ووقع عدد من الاتفاقات في مجال التعاون خاصة العسكرية منها ، كرسالة من إن إستراتيجية إيران وما يتبناه من سياسيات لا تخضع للتهديد ، وان ما انتهجه خلال عقود في العديد من دول المنطقة وخاصة سوريا لا يمكن أن تستجيب لدعوات هنا وتحذيرات هناك ، الأمر الذي لا ينزع فتيل التصعيد بل يضع المنشار في العقدة ويجعل المتابع للوضع مشدوهاً لما سيجره هذا التصعيد على البلاد .
إن هذه التطورات التي دفعت إلى مزيد من التأزم في ظل اللوحة المعقدة لازمات المنطقة المتشابكة والمتداخلة من اليمن إلى لبنان والعراق , تزيد من الهواجس و القلق لما تضيفه هذه التطورات من تعقيد على المشهد السياسي والى معاناة السوريين في وقت يرى فيه آخرون (اشتدي أزمة تنفرجي) .
ومهما يذهب إليه المتابعون فإن الموقف الأمريكي وما يستشف منه من جدية يضع كلاً من تركيا وإيران وروسيا , والمعاقبة أصلاً بعقوبات أمريكية , أمام امتحان صعب خاصة في اجتماعهم المرتقب في أوائل شهر أيلول القادم للخروج بقرارات يزيل فتيل التوتر ويدير العقارب باتجاه جنيف لتفعيل مباحثاته على ضوء قرارات الشرعية الدولية التي أسست لحل سياسي توافقت عليه الدول والمجتمع الدولي وارتضت به المعارضة وكذلك النظام وان كان على مضض , حلاً ينهي الأزمة السورية التي تطال بشرورها الأمن الإقليمي والدولي ,حلاً يبني بلداً مستقراً ويكون عامل استقرار في المنطقة وفي المنظومة الدولية , ويتحقق فيه الحرية والكرامة لكل أبنائه .
* افتتاحية العدد لجريدة المساواة العدد 514 الجريدة المركزية لحزب المساواة الديمقراطي الكردي