لماذا قادة العراق يريدون «البارزاني»؟!

الأمازيغي: يوسف بويحيى
هنا أريد أن أتطرق إلى موضوع صراع التحالفات الإنتخابية صوب تشكيل الحكومة العراقية ،كأن أضع بعض النقاط على حروف المعادلة العراقية بشكل واقعي ملموس ،حيث لا يمكن إستخلاص الحقائق إلا إذا حاولنا تحليل المعادلة بشكل أعمق إقليميا و دوليا قصد أن تفهم عراقيا و كورديا.
منذ سقوط نظام البعث في العراق إستطاع الكورد أن يضمنوا لهم وجودا دوليا و إقليميا فعالا على الخريطة و المعادلة السياسية ،فبعد تأسيس الدستور الفيدرالي تحول الإقليم إلى دولة ينقصها الإستقلال الرسمي فقط ،إستغله الكورد في تقوية علاقاتهم الإقتصادية و الديبلوماسية مع معظم الدول الكبرى ،إلى درجة أن كوردستان ب”كركوك” حقق خلالها ساسة الكورد الإكتفاء الذاتي في أشد الظروف قسوة و خطورة كحرب داعش…،خلالها تحولت كوردستان من إقليم إلى قوة صاعدة لولا خيانة الزمرة المعهودة (الطالبانيين).
أصبح العراق يجد ضالته في كوردستان في أي ازمة يمر بها ،وإلى حد الآن لا يستطيع أن ينهض بنفسه إلا بدعم من طرف كوردستان ،فحسب التجارب الملموسة يظهر أن العراق بلا كوردستان لا يساوي شيئا في المعادلة الدولية و الإقليمية على كل الأصعدة (إقتصاديا،عسكريا،سياسيا…) ،حيث أكدت هذا الشيء في أكثر من مناسبة غير مقتصر على العراق فقط بل حتى على تركيا و إيران.
من خلال كل هذه الرؤى الشخصية هدفي التأكيد لقراء الشعب الكوردي أن مسألة تهافث قادة العراق على تحالف الكورد خصوصا “البارزاني” بمحاولات جبارة بوساطات دولية هي ضرورة دولية تصب في نفس ما تطرقت إليه أعلاه ،علما أن الحقيقة ليست البحث على إكتمال مقاعد الأغلبية المطلقة (50%+1) عن طريق حزب “البارتي” و “اليكتي” ،بل الأمر ضرورة إستراتيجية لقادة العراق و حلفائهم الدوليين و الإقليميين ،كون العراق لا يستطيع الحركة و العمل و كوردستان معارضة للحكومة الإتحادية ،إضافة إلى أن معارضة الكورد تعني ثلث مساحة العراق الإتحادي تحت يد المعارضة ،وهذا إضعاف للموقف العراقي سواء سياسيا و إقتصاديا و ديبلوماسيا على الصعيد الدولي و الإقليمي ،دون أن ننسى كذلك أن الجزء العراقي (العروبي) بدوره مليء بالصراعات و الخلافات.
للتوضيح أكثر فلو كانت المسألة تكمن في الأغلبية المطلقة للمقاعد و إقصاء الكورد و عزلهم عن السكة الحكومية لتم تحالف كل من محور “العبادي” و “المالكي” و قضي الأمر ،لكن القضية أكبر مما يعتقده البعض كون كل من المحورين في أمسهما لتحالف الكورد (البارزاني) ،فبعبارة أخرى حتى لو تحالف إفتراضا “العبادي” و “المالكي” معا فالإثنين يحتاجون إنضمام “البارزاني” لهما ،لأن المعادلة العراقية لا تكتمل إلا بالكورد و إلا فمصيرها الفشل و الحرب و الفوضى و الإنهيار.
هنا سأدقق بالتفصيل على أن المرغوب فيه كورديا للتحالف مع قادة العراق هو “البارزاني” لأسباب كثيرة ،كون “البارزاني” وحده كورديا من إستطاع أن يبني علاقات قوية دوليا ،إضافة ألى أنه الوحيد الذي كان يلعب دور الوساطة و الضامن بين العراق و دول العالم ،إضافة إلى أنه الركن الذي كان يعتمد عليه في كل صغيرة و كبيرة سواء مع العراق و أمريكا و دول الإقليم…،كدليل على هذا أن “صدام حسين” كان يطلب “البارزاني” في كل التفاوضات المصيرية دون أي قائد كوردي آخر ،وكذلك أمريكا بدورها إبان الإستعداد لإسقاط نظام “صدام” لم تهتم بحضور “جلال الطالباني” إلا بعد مجيء “البارزاني” إلى أمريكا…،لهذ فشخصية البارزاني هي الوحيدة من كان لها وزن دولي و إقليمي و عراقي و كوردي بينما البقية فقط شخصيات تكتيكية مؤقتة ،ولهذا الكل يريدون “البارزاني” لا غيره.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…