الأمازيغي: يوسف بويحيى
ما يحدث الآن في العراق حسب الوضع السياسي بعد الإنتخابات البرلمانية العراقية كان متوقعا على حد مقال سابق بعنوان “فاز الهاجس العظيم” أي “البارزاني” ،وبمقال ثاني بعنوان “إنتخابات أم إستفتاء آخر” تأكيدا للوجود الكوردي ،حيث كانت لكل هذه المضامين مغزى واحد أوحد هو أن الكورد رقم صعب و أساسي في الساحة العراقية و الإقليمية و الدولية مهما كانت محاولات الإقصاء و التهميش و التقزيم.
إن الموقف الكوردي من الوضع السياسي العراقي واضح بشكل كبير للعيان ،خلاله عبر قادة الحزب الديموقراطي الكوردستاني و شرفاء الإتحادة الوطني الكوردستاني على شروطهم الأساسية لأجل المشاركة في تشكيل الحكومة الإتحادية العراقية ،الشيء الذي لم يترك اي هفوة لقادة بغداد للعب لعبهم الخبيثة كالضغط على الكورد للمشاركة دون شروط أو بنود ،
بالإضافة إلى ظهور بعض الصراعات و النوايا التي بدأت تطفو إلى سطح ساحة المعركة السياسية و الإعلامية بين كل من الكورد و قادة بغداد رغم الوساطة الدولية كأمريكا و بعض دول أروبا ،مؤشرات توحي أن الموقف الكوردي (البارزاني) تغير جذريا على سابقه سواء تجاه قادة بغداد و أمريكا و دول أروبا ،مصداقا لقول “مسعود بارزاني” لسفراء ألمانيا و فرنسا و أمريكا “سنكون أصدقاء و لكن ليس كالسابق” ثم قوله “سنراجع أوراق علاقاتنا مع أمريكا”.
لقد كان الرد القوي للزعيم “مسعود بارزاني” على مبعوث الرئيس الأمريكي “ماكغورك” دليل قاطع على أن الكورد يبحثون على من سيحترم تاريخهم و وجودهم و حقوقهم و ليسوا خدم تحت طلب أمريكا و غيرها ،من جهة أخرى هي رسالة تفيد أن “العبادي” غير مرغوب فيه كشخص عند الكورد رغم أن حلف النواة مع “مقتدى الصدر” و “عمار الحكيم” أفضل تكتيكيا من حلف فتح “العامري” و “الخزعلي” و “المالكي” ،فمادام الكورد مخيرون بين السيء و الأسوأ تبقى المصالح سيدة المواقف شريطة أن تكون مقرونة بضمانات دولية أخرى غير أمريكا ،مع العلم أن قادة بغداد غير مرتاحين من شرط البارزاني بخصوص توقيع على ضمانات برعاية دولية أروبية و أمريكية و إقليمية في ظل فشل التجارب العراقية عبر التاريخ و مواقف المحورين العراقيين الحاقدة على الكورد.
الصراع العراقي بين محور “المالكي” و “العبادي” جاء نتيجة نجاح كل من امريكا و السعودية في كسب “العبادي” و إخراجه من تحت هيمنة بريطانيا و إيران بعد أحداث “كركوك” ،حيث كان ذلك واضحا بعد زيارة “العبادي” للسعودية بدعوة مستعجلة منها تلقى توبيخات و إهانات من وزير الخارجية الأمريكية و السعودية ،وخلالها الآن “العبادي” أصبح مدعوما أمريكيا و سعوديا بينما “المالكي” مدعوم بريطانيا و إيرانيا ،لهذا نرى كل من “قاسم سليماني” يعمل جاهدا لإقناع الكورد للإنضمام إلى حلف “المالكي” ،بينما “ماكغورك” يسعى إلى إقناع الكورد إلى الإنضمام إلى حلف “العبادي”.
من خلال هذا الصراع العراقي فضل الكورد (البارزاني) الصمت و الغموض للعب على الأوتار الدولية لصالح حقوق الشعب و كوردستان ،خلاله سيبقى موقف الكورد النهائي سلاح ذو حدين لتأجيج الصراع بين الطرفين العراقيين أولا و بين أمريكا و بريطانيا ثانيا و إقليميا بين تركيا و إيران ثالثا بالإضافة إلى صراع حاد بين إيران و السعودية على الساحة العراقية ولو بعد تشكيل الحكومة العراقية رابعا ،صراعات ستؤدي إلى تغييرات كبيرة في خريطة الشرق الأوسط عن طريق إنقلابات عسكرية و إسقاط أنظمة.
_من هو المحور المفضل للكورد ” العبادي” أم “المالكي”؟!
صادفت الكثير من الكورد يقولون بأن “المالكي” أفضل لأنه لم يهجم على الكورد كما فعل “العبادي” عسكريا في “كركوك” و حاصر كوردستان و شعبها إقتصاديا جوا و برا ،إلا أنني أرى أن ذاكرة هؤلاء الكورد مثقوبة يلزمها عملية جراحية لإعادة سد الثقوب ،حيث أتساءل مستنكرا أليس “المالكي” ذاته من سمح و فتح الطريق لداعش للهجوم على كوردستان و “شنگال” الجريحة شاهدة على ذلك ،وأليس “المالكي” من قال بأن كوردستان هي إسرائيل ثانية لن نسمح بقيامها ،ثم أليس المالكي من حرض الحشد الشعبي على الهجوم على شعب كوردستان في كركوك ،أليست سياسة المالكي من أدت بظهور داعش بالعراق التي قتلت و ابادت الكورد الأيزيديين ،أوليس المالكي من وافق على تجويع شعب كوردستان و قطع الميزانية و أيد الحظر الجوي و الحصار البري على كوردستان ،فمن يحاول ان يزين سمعة المالكي على العبادي أو العبادي على المالكي كمن يريد أن يمجد بين المحتلين و الغاصبين لأرض كوردستان الكبرى ،لكن تبقى الحكمة الناجعة للإختيار بين المجرمين (مالكي،عبادي) في يد “مسعود بارزاني” المتمثلة في إبرام ضمانات دولية أخرى إضافة إلى امريكا.
لقد إستطاع الكورد بزعامة “مسعود بارزاني” فرملة عجلة الحكومة العراقية في أكثر من مرة ،كرسالة واضحة أن زمن الكلام الكثير و البراق لم يجدي نفعا بل بوعود مكتوبة موقعة بضمانات دولية و إقليمية تحفظ لكوردستان وجودها و سيادتها و حقوق شعبها بما يشرعه الدستور الإتحادي العراقي.