حرق كبير يندلع في المركز الثقافي في قامشلو ويلحق أضراراً هائلة بالمبنى

شب حريق في مبنى المركز الثقافي بقامشلو، في ليلة الثلاثاء 14-8-2018 وكانت النيران كبيرة فأتت على كامل قاعة المحاضرات وصالة المعارض وقاعة المحاضرات، وخلف هذا الحريق أضراراً كثيرة في داخل المبنى 
 وقال شهود عيان داخل المبنى وبالقرب من مكان الحريق انه تم عزل الديوان ومكتبة الاطفال اضافة للمكتبة العامة، وتشير التوقعات الاولية ان الحريق تم بفعل ماس كهربائي، هذا ولم يفتح تحقيق مستقل لمعرفة أسباب الحريق بشكل واضح، ومن المشكوك بالأمر أن النظام سيفتح تحقيقاً بهذا الشأن، وبطبيعة الحال المركز يقع ضمن الدائرة أو المربع الأمني للنظام، وشهد المركز فعاليات كثيرة خلال السنوات السبع الماضية التي خصت النظام السوري، وكثيرا ما شهدت باحة المركز الثقافي تظاهرات مؤيدة لرئيس النظام السوري.
ورغم ذلك كان ثمة بصيص ضوء هنا وهناك يظهر والدليل وجود كتاب كثيرين اثروا المركز بمحاضراتهم واسهاماتهم. 
وفي تصريح لصحيفة كوردستان قال الشاعر والروائي ابراهيم اليوسف والذي داوم لعدة سنوات في المركز بحكم تبديل عمله لأسباب أمنية: ” ليلة أمس، أبلغني أحد الأصدقاء عبرالفايسبوك، وفي وقت متأخر، أن حريقاً هائلاً شبَّ في مبنى المركز الثقافي في مدينة- قامشلي- مسقط حلمي- فتمنيت أن يكون الخبر كاذباً، لاسيما إن هذا المركز يقع في قلب ما يسمى -المربع الأمني- وهو ماجعلني أستبعد هذا الحريق، لكنني في الصباح، علمت أن الخبر كان صحيحاً للأسف
وأكد اليوسف ل ” كوردستان” : يمكنني القول: إنه على الرغم من أن النظام السوري حول هذا الصرح إلى أحد مؤسساته، من خلال تعريبه، وتبعيثه، إلا إن ميزته الرئيسة كانت أن الكتب العلمية والثقافية-المسموح بتداولها في سوريا- كانت موجودة فيه، وكنت عبرعقود، وقبل أن أقاطعه، أحد هؤلاء الذين استعاروا آلاف الكتب من مكتبته- السخية-  التي كانت تربطني- صداقة بموظفيها وحتى مستخدميها- بنهم، إذ بدأت قراءاتي للشعر والمسرح والقصة من خلال هذه الكتب، قبل أن تتوسع دائرتها، باعتباري كنت من هؤلاء الذين لم يكونوا يستطيعون شراء كتاب واحد، كل شهرين أوثلاثة، قبل بدئي العمل، وكان حتى هذا على حساب لقمتي وأسرتي .
كنت طالب ثانوية عندما حضرت حفل- افتتاح المركز الثقافي- وسمعت وزيرة الثقافة د. نجاح العطار وهي تقول: أريد لهذا الصرح أن يكون بيتكم الثاني”، شخصياً، غدا هذا الصرح بيتاً ثانياً لي، بالرغم من أن الأذى لحقني منه: تارة عندما تم توقيف أعضاء فرقتي المسرحية ومنهم الفنانان  الراحلان: جمال جمعة- كانيوار-بالإضافة إلى عبدالهادي إبراهيم وآخرين، من قبل أحد رؤسائه، وتبين أنه كان قد اعتدى على أعضاء الفرقة. كما إن رئيساً كردياً” آخر”للمركز كتب تقارير”ثقافية””…”ضدي عندما أبعدت عن العمل في التربية وتعينت في مكتب محو الأمية، حوالي السنة، لأنقل إلى المجمع التربوي- مقابل المركز-، وألاحق هناك، وأبعد إلى- وزارة الزراعة-  وكل ذلك دونته في مخطوط لي- آلة الاستبداد ولذة المواجهة- بل وإنني منعت من المشاركة في أمسيات ومهرجانات المركز بعد العام1986 أي بعيد صدور ديواني الأول” للعشق للقبرات والمسافة” الذي منع وصودرت  نسخه- بالرغم من الموافقة عليه وأنه كان صادراً بالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب- ولم يسمح لي بالمشاركات إلا بشكل نادر حتى بعيد قبولي في-اتحاد الكتاب”العرب” السوريين- وكنت من الأسماء الممنوعة في أنشطة المركز الثقافي، وكتب ذات مرة طه خليل مقدمة قصيدة أهداها لي بعد أن رفضوا مشاركتي- قائلاً فيها ما معناه: اخلع قصائدك خلف باب المكان وادخل..!
ومضى اليوسف للقول : إذا كنت أرى أن المركز الثقافي كان رئة لنا، من خلال مكتبته، وبعض أنشطته التي يشارك فيها بعض أصحاب الأسماء -النظيفة- ومنها أسماء كبيرة:  أحمد فؤاد نجم- الشيخ إمام- غالب هلسا-  إلخ، 
 المركز الثقافي لدي يمثل سوريا. حضارة أهلها: كردها. عربها. سريانها. أرمنها. كان المركز صورة قامشلي، بعد أن ألغي لون من ألوانها وهو الكردي، منذ أن قام أحد رؤساء المركز السابقين بوضع حد لما أسسه كل من الكاتب الفلسطيني الراحل زهير غزاوي ومن تلاه: حسن “الفلسطيني” ومن ثم الشاعر الراحل خالد سالم، ومنعوا حتى فرقة الرقص الكردي التي عملت ذات مرة.
أكثر من كتاب من كتبي أهديته للمركز الثقافي لكنه لم يكن يوضع بين أيدي القراء، وأكثر الكتب التي كانت كلمة – الكرد- تورد فيها كانت تغيب، بما في ذلك كتاب- الشرفنامة- الذي قرأته مرة، وفقدناه.
وأوضح اليوسف في حديثه لصحيفة ” كوردستان”  أنه : قبل أيام، علمنا أن الكثير من أمهات الكتب في المركز الثقافي- في المركز عشرات آلاف الكتب- تعرض للسطو، وإنني أتصور أن المحرقة -إن كانت بفعل فاعل- لا بفعل ماس كهربائي- فهي مدبرة للتغطية على الكتب المسروقة، إذ سبق أن أبعدت عندما احتججت على سرقات محافظ الحسكة وأحد مسؤولي الثقافة في الحسكة لبعض المال باسم- مصاريف سيارة مكتب محو الأمية- فتواطأ اثنان ممن مسَّهما كلامي لتدبير أمر إبعادي عن هذه الدائرة.
 وعن سبب حزنه على حرق المركز قال اليوسف: حين أحزن على المركز الثقافي فلأنني أحزن على أحد أنهار مدينة قامشلي التي أراد النظام رمي كل” وسخه” فيه- مع احترامي للشرفاء ممن عملوا ويعملون فيه- باغتصابه، لنشر فكر واحد، ولون واحد، وتغييب لون أصيل، كما كان يتم في كل سوريا. حين أحزن عليه فإنني أحزن على مكان ما طالما انتظرت أن تتم نظافته، بل تكنيسه من قمامات العنصريين، ليكون المركز الثقافي السوري. مركزنا جميعاً.
إن الحريق الذي تعرض له المركز الثقافي في قامشلي لا أعده خارج -المحرقة السورية- التي أشعلها بشار الأسد ومرتزقته، فأجهزت على خير مكان. خير عنوان لنا، وتم تدمير كائننا ومكاننا نتيجة ذلك، بل وتم تدمير جزء كبير من الذاكرة الحضارية للمكان وأهله، بتخطيط مدبر، بتنا نشهده منذ حوالي سبع سنوات ونصف السنة..!
تقرير الصفحة الاولى “كوردستان” العدد 590 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…