المعارضة و معركة دستور سوريا الجديدة

افتتاحية جريدة المساواة
يقترب المبعوث الأمم ستيفان دي مستورا للإعلان عن تشكيلة اللجنة الدستورية بعدما قدم كلاً من النظام والمعارضة أسماء مرشحيهم إلى هذه التشكيلة التي تعد إحدى مخرجات سوتشي والتي تستند على القرار الاممي 2254 كما صيغ آنئذ , ويأتي هذا عقب الانتهاء من تواجد الفصائل المسلحة في العديد من المناطق خاصة في حزام دمشق العاصمة ومنطقة درعا الإستراتيجية حدودياً لصالح النظام بدعم روسي مباشر , وصمت يشبه الموافقة من الأطراف الداعمة لتلك الفصائل, ورضى إسرائيلي بإعادة الأمن إلى ساحة الجولان و تسير دوريات على حدودها , وبذلك انحصر تواجد الفصائل المسلحة المتبقية بتلاوينها المختلفة في منطقة ادلب التي يترقب المعنيون إلى ما تؤول إليها الأوضاع في ظل التهديدات المتبادلة حولها من النظام من جهة , ومن تركيا والفصائل المرتبطة بها من جهة أخرى , إضافة إلى الوضع المختلف لوحدات حماية الشعب وقوات قسد المدعومة من التحالف الدولي في المناطق التي تسيطر عليها , وما تم من اتصالات بينها وبين النظام في دمشق.
إن هذا التموضع الأخير للقوى والتي جاءت لصالح قوات النظام وسيطرته بتوافق من الدول المعنية بالشأن السوري , وضع حداً نهائياً للحسم العسكري الذي عول عليه البعض , وجعل من الحل السياسي الخيار الوحيد , هذا الخيار الذي لا يزال الفرقاء يختلفون على ماهيته وعلى أولوياته , ولعل اللجنة الدستورية التي هي قيد التشكيل والمهام الموكلة لها هي نقطة التوافق الأولى أمام تنحية المسائل الخلافية الأخرى دون إلغائها ,حسب ما حاولت المعارضة الإشارة إليها في اجتماعاتها الأخيرة في الرياض من خلال تأكيدها على السلال التي اعتمدت في جنيف انسجاماً مع 2254.
إن ما تم انجازه لصالح النظام بغطاء ودعم روسي لا يعد حسماً عسكرياً بقدر ما ألغى فرضية الحل العسكري أمام فرضية الحل السياسي, وهذا ما يضع المعارضة أمام اعتماد هذا الخيار السياسي أولا وأخيرا , وان وجود هذا الفصيل المسلح أو ذاك على الميدان لم يعد ما يبرره بقدر ما يضع العراقيل ويخدم أجندات أطراف تريد إدامة الصراع والأزمة, وهذا الحسم في الخيار يتوافق مع ما بدا بلقاء هلسينكي بين ترامب وبوتين حين وضعا أزمات عديدة في سلة واحدة , عبر عنها البعض بتخلي الجميع عن المعارضة بدل القول إن الجميع تخلوا عن العسكرة والحسم العسكري في تسوية النزاعات التي أخذت طابعاً دولياً أو إقليميا ومنها الأزمة السورية
وإذا فات على المعارضة تعويلها على إنهاك النظام عسكرياً والاعتماد على القوى الداعمة لها فان عليها الآن أن لا تقع في شباك أخر , وأن تعي إن المعركة السياسية هي الأقوى و الأنجع وان الدستور هو احد مفاصلها الهامة , وإذا كانت الغاية هو بناء سوريا جديدة ديمقراطية لكل السوريين بعدما قدم السوريين من أجلها تضحيات جسام , فان عليها أن لا تدير ظهرها لما توافقت عليه في بيان رياض2 من هوية سوريا كدولة متعددة القوميات والثقافات وبمكوناتها من العرب والكرد والسريان والتركمان وغيرهم وان الدستور يضمن حقوق الجميع ويصون حريتهم وكرامتهم.
 * الجريدة المركزية لحزب المساواة الديمقراطي الكردي/العدد 514 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…