حتى مؤسسي أول تنظيم كردي غيّبو عمداً

توفيق عبدالمجيد
لمن لا يعلم ، أو يعلم ويتجاهل ، ويطمس الحقيقة لتبقى مدفونة مطمورة إلى أن تبعث من تحت تراب تناوبوا على طمرها فيه لتتصدر الأنانية والشخصنة ، وحب الذات ، والعشائرية ، والمخترة وتقصي الكفاءات وتنحيها ، وما أقلها في ذلك الزمن كي تكون الساحة مهيأة للاعتبارات والتقييمات الرغبوية الأخرى . 
لا يهم الكرد من أسس أو من أسسوا أول حزب كردي في مثل هذا اليوم من القرن المنصرم ، لكن يهمهم ماذا أنجز هذا الحزب أو ذاك عندما يدّعي الشخص الأول فيه أنه هو واثنان أو ثلاثة ممن منحهم هذا الشرف أسسوا هذا الحزب لتدون أسماؤهم في سجل الأوائل ، ومن ثم التاريخ الكردي .
أرددها مراراً وتكراراً : حتى تاريخ تأسيس أول تنظيم كردي ومؤسسيه لم يسلم من العبث والتشويه والتطاول عليه ليصادر هذا الإنجاز التاريخي ويطوّب مرة باسم تنظيم يدّعي أنه استمرار له ، وأخرى باسم شخص لم يكن أبدأ من أوائل المؤسسين ، وليكن معلوماً للجميع أنني توصلت إلى قناعات معينة مبنية على المقارنات والاستقراء والاستنتاج ، وليس في ذهني الإساءة لأحد أبداً بل إنصاف المناضلين الأوائل الذين اختطفت أتعابهم ومساعيهم لتبدّل وتسجل بأسماء آخرين لا يزالون يتصدرون المشهد الحزبي الكردي .
فماذا حققت الأحزاب الكردية لتحتفل بمثل هذا اليوم ؟ أختصر فأقول :
لم تحقق شيئاً ، بل فشلت وبجدارة لأن بوصلتها أضاعت الاتجاه الصحيح ، وساحة نضالها الحقيقية سلبت منها وحظّرت عليها ، لكنها لازالت تمارس التضليل والديماغوجية ، وتتحايل وتخدع بسطاء هذا الشعب المسكين ، وعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك أكثر من تنظيم لازال يتظاهر بأنه استمرار لذاك التنظيم ، الذي يعتبره الكثير من المهتمين بالشأن الكردي فد انتهى بترحيل سكرتيره ، ذاك المناضل السابق لزمانه ، وتطويق نضاله ومحاصرته ليعمل حيث يريد الأعداء والخصوم فكان الانشقاق الأول في ستينات القرن الماضي أول ضربة قاتلة للحركة الكردية ، ولا أنظر للموضوع ببراءة ، ولا أقتنع بكل الاجتهادات والمبررات ليتوالى بعد ذلك مسلسل الانشقاقات حتى بلغ درجة نخجل من ذكرها عندما ينشق حزيب ( تصغير حزب ) إلى حزيبات لا ترى إلا بالمجهر ، والحبل على الجرار فقد بلغ عدد هذه الحزيبات أرقاماً يصعب عدها في هرولة من قياداتها نحو الغنائم ، لاسيما تلك التي عبرت عن ظهورها بعد الثورة السورية . 
ختام هذه المقالة شهادتان الأولى للمرحوم حمزة نويران من المؤسسين عندما سئل وهو في المشفى عن الدكتور نور الدين ظاظا وهل هو من مؤسسي الحزب ؟ فأجاب ولم يزور التاريخ كما زور غيره : ” إن الدكتور نور الدين ظاظا من مؤسسي الحزب وأكثر من ذلك فقد كان ستالين الحزب “
أما الشهادة الثانية فهي للدكتورنور الدين ظاظا نفسه ، حيث يورد في مذكراته المعنونة بـ ” صرخة الشعب الكردي ” أنه ” أسس الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا وكان رئيساً له ” وأن ” عثمان صبري كان ” الشريك المؤسس ” مع كامل الاحترام والتقدير لكل من ساهم في وضع اللبنة الأولى الأحياء منهم والأموات .
حلقة من يومياتي في استانبول

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين من المعلوم انتهى بي المطاف في العاصمة اللبنانية بيروت منذ عام ١٩٧١ ( وكنت قبل ذلك زرتها ( بطرق مختلفة قانونية وغير قانو نية ) لمرات عدة في مهام تنظيمية وسياسية ) وذلك كخيار اضطراري لسببين الأول ملاحقات وقمع نظام حافظ الأسد الدكتاتوري من جهة ، وإمكانية استمرار نضالنا في بلد مجاور لبلادنا وببيئة ديموقراطية مؤاتية ، واحتضان…

كفاح محمود مع اشتداد الاستقطاب في ملفات الأمن والهوية في الشرق الأوسط، بات إقليم كوردستان العراق لاعبًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة تاريخيًا، وعلى رأسهم تركيا وحزب العمال الكوردستاني، وسوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في هذا السياق، يتصدر الزعيم مسعود بارزاني المشهد كوسيط محنّك، مستفيدًا من شرعيته التاريخية وصلاته المعقدة بجميع الأطراف. ونتذكر جميعا منذ أن فشلت…

خوشناف سليمان في قراءتي لمقال الأستاذ ميخائيل عوض الموسوم بـ ( صاروخ يمني يكشف الأوهام الأكاذيب ) لا يمكنني تجاهل النبرة التي لا تزال مشبعة بثقافة المعسكر الاشتراكي القديم و تحديدًا تلك المدرسة التي خلطت الشعارات الحماسية بإهمال الواقع الموضوعي وتحوّلات العالم البنيوية. المقال رغم ما فيه من تعبير عن الغضب النبيل يُعيد إنتاج مفردات تجاوزها الزمن بل و يستحضر…

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…