رسالة مفتوحة إلى وزير الاتصالات في سوريا

  إبراهيم اليوسف

 سيادة الوزير  د.عمرو سالم
تحية وبعد :
عام كامل مرّ ، على كتابتي عنكم مقالاً بعنوان : لن تصنع وردة ربيعاً”، وذلك بعد متابعتي عن كثب لتلك الآراء والوعود التي كنت تقدّمها بوساطة أحد المنابر الالكترونية ، كي تعمم هذه الآراء سريعاً ، ويتلقفها مواطنونا العطاش إلى أيّ منجز ، ليعتبروك علامةً فارقةً في الحكومة ، ولاسيّما أنّ من بين هذه الأفكار ، ولأذكّرك يبعضها ، وهي لمّا تزل في الذّاكرة الالكترونية العالمية ، مايتعلّّق بتخفيض أجر الاشتراك في خدمة – adsl إلى ألف ليرة سورية فقط ،  – أوببيع مليون حاسوب للمشتركين بموجب فاتورة الهاتف ، بالتقسيط ، ودون فوائد، أو ما يتعلّق باشتراك الأطباء ، والطلاب  والكتاب والصحافيين في خطوط الخليوي، وتمّ تحديد مدة زمانية كانت في أقصاها   صيف2006، وتحقق بعض منها ، ولم يتحقق الكثير في المقابل……!
ولقد كنت أعلنت عن رقم هاتفك ، وايميلك الخاص- وأعرف أن الإيميل لم يتم الرد بوساطته على كثيرين- وكذلك موعد اللقاء المفتوح بالمواطنين ، أسبوعياً ، دون أن يتم طردهم من قبل بواب ، أو رئيس مكتب ، كما يتم – عادة-ًمع أي محافظ ، أو مدير منطقة ، أو مدير عام ، ممن هم أدنى مسؤولية بكثير …..!.
أجل ، سيادة الوزير ، خلبتني هذه الآراء ، وجعلتني أغتبط وأقول في نفسي : لقد جاء سليل المهديّ الحكوميّ ،ولاسيّما حين قمتم بإقالة أحد المديرين العامين بدعوى تقصيره( ولا أدري هل ما زلتم مصرّين على موقفكم ذاك منه بأنه مقصّر ولاسيّما أن التقصير استمرّ بعد إقالة المهندس هيثم شدياق أيضاً ) وكنت ممّن رأوا أن نجاح هذه التجربة على يديكم ، سيكون عامل تحفيز لدى سواكم ، كي يشرعوا أبواب قلوبهم لمواطنيهم ، وليعلم كلّ مسؤول أنّه خادم وطنه ومواطنه ، لا سيّده ، ولتنكسّر الحدود والجدر التي تحول دون توصّل دورة المواطن المسؤول ….!
      سيادة الوزير …!
وحين أقبل الموعد الذي كنتم قد حدّدتموه لتحقيق بعض تلك الوعود التي أطلقتموها ، دون أن ينعكس علينا سوى ترخيص وتقسيط الاشتراك بالخطّ الهاتفيّ الثّابت  وأجر مكالمة الثابت، ولنشهد – بالتالي – أن العثور على خط ّ ثابت في علبة هاتفية ،ضرب من المحال ، كما في أمثلة مشهودة أعرفها– في مدينة قامشلي مثلاً- ولكي تكون خدمة ال adsl  رديئة جداًً ، ورغم الجهود الكبيرة  لموظفي المدينة – بل والحسكة ، وحلب – بخاصة – تطول فترة انقطاع الخطّ على واحد مثلي لأسابيع ، بل وإن شركتي الخليوي ، تخيبان الآمال التي علّقها المواطنون على وعودكم ، فيما يتعلّق بأجر الاشتراك الشهريّ ، وسعر الدقيقة، ومعضلة أجزاء الثانية ، وهو ما لم يتحقّق حتّى هذه اللحظة … !
      سيادة الوزير :
لعلّك أكثر من يدري أن الاتصالات أصبحت عصب الحياة ، ولعلّ أسرة صغيرة كأسرتي حين يكون لدى أفرادها بحدود – سبعة اشتراكات بين خط هاتفي ثابت ومحمول ، ناهيك عن الاشتراك الأنترنيتي   – الذي يستنفد نسبة عالية من راتبي- كصحافي وكاتب- ورواتب أمثالي من محدودي الدّخل (ونحن الأحسن حالاً من عديمي الدخل ) مما جعلني أكتب ذات يوم مقالاً عنوانه :” أعمل كي أتكلم “– متناولاً فيه ماترتبّه ثورة الاتصالات على كاهل المواطن ، وعلى حساب لقمة عيشه ،وهوما يجب أن تضعوه في حساباتكم كجهة راعية لهذه الاتصالات في سوريا ( لأنكم شخصياً أطلقتم شعار : حاسبونا إن لم ننفذ وعودنا ” ولابدّ لها من التفكير بألا تشكّل الاتصالات عبئاً على لقمته ،وواقعه ، ومستقبله ..!
    سيادة الوزير ..!
إنّ كتابتي بشكل ايجابي عنكم- آنذاك- دفعتني لأتّتبع مايصدر عنكم ، لئلا أخسر الرّهان ،ولاسيّما أنّ هناك من كتب إليّ عبر “إيميلات “خاصة بعض الملاحظات ومنها وجود مقال لكم في العام1999 نشر في  مجلة إيست إنسايت، موجه لقيادة بلدنا ، تحذرها فيه- بحسب المصدر- من استقدام التّقانة ، وأرجو ألا يكون ذاك صحيحاً ،كذلك  لقد آلمني ذات يوم تصريح تتحدّثون فيه عن المقدرة على فتح البريد الألكتروني للمواطن ، وهو ماجعل الفزع يدبّ في روحي ، إذ قلت في نفسي  : يا الله، أيّ اعتداء على الحقّ الشخصي للمواطن يتمّ ، عبر خرق خصوصيته، والإطلاع على مراسلاته، مع أنّ صونها أحد الحقوق المنصوص عليها في مبادىء حقوق الإنسان، وأن بلدنا سوريا من البلدان الموقعة على هذا الميثاق العالمي……!
أجل ، ما أصعب ، أن يقف المرء أمام شخص آخر يريه ما ورد إليه من بريد ألكتروني ، وما صدر عنه ، أو أية زيارة قام بها لهذا الموقع الألكتروني أو ذاك، أو أية دعابة أطلقها عبر ” الشّات ” وماذا قال عبر مكالمة ما على خطّّ الهاتف الثابت، أو المحمول، وهو بهذا يجعلنا إزاء سلسلة رقابات ، تجعل حتّى من الشخص الأول في الاتصالات- مثلاً- تحت رحمة رقابة غيره، وهلمّ دواليك……..!
      سيادة الوزير ……!
وها قد صدر  عنكم مؤخراًً تعميم  موجّه إلى أصحاب المواقع الألكترونية ، تطلبون فيه منهم التأكّد من هوية مراسليهم ،  ممن يكاتبونهم ، أو من يعلقون على الموادّ المنشورة لديهم ،بإبراز أسمائهم وإيميلاتهم ، وإلا سيتمّ إنذارهم – أولاً- هكذا، ومن ثمّ حجب  أيّ موقع مخالف .
    أسألكم هنا سيّادة الوزير:
لقد تحدّثتم عن وجهة نظركم في هذا المجال ، ولكن ، ترى لماذا لم تتحدّثوا – في المقابل-عن  أيّ من حقوق أصحاب هذه المواقع ، وهم بالتالي جهة محايدة إزاء ما ينشر في الأغلب ،لا علاقة لهم بأيّ خلاف بين جهتين مختلفتين ،وإن كنت من عداد هؤلاء الذين يقفون ضدّالعنف و الكتابة الكيدية الثأرية التي لا تراعي أخلاقيات النشر، أيّاً كان مصدرها، مع إنّني
أدرك في قرارتي  أن الجهات المسؤولة في الدّولة ، قد ترمي إلى أبعد من ذلك، من وراء مثل هذا التعميم ، ألا وهو ضبط النّقد الموجّه إليها , في الوقت الذي يجب أن تفكّر في عصر ثورة الاتصالات بكيفية خلق وتوفير أجواء راحة المواطن , ورفع الغبن والمظالم عنه , وتصحيح أيّ خلل، أو إعوجاج في سياستها تجاهه …..!
        سيادة الوزير …!
إنّكم تتحدّثون عن أن الحجب سوف يتمّ ,بحقّ أيّ موقع كان ، فيما لو تمّت أيّ مخالفة بعد الآن ، مع أنّ الحجب هو موجود , أصلاً , وهناك سلسلة من المواقع المحجوبة، من بينها موقع شخصي لي، وهو خاص بنتاجاتي الإبداعية والثقافية .
www.alyosef.com
حجب في أواخر 2004، ولم يتم ذلك بعد أي إنذار من قبلكم …….!؟
لقد تمّت- مؤخراً – حملة كبرى على مقاهي الإنترنيت , وتمّ إغلاق الكثير منها، ولا تعطى موافقة التّرخيص لصاحب المقهى، إلا بعد القبول بشروط كثيرة منها , إبقاء مفضلة الزّيارات لمدة شهر كامل  , وأخذ معلومات البطاقة الشّخصية للمواطن المتصفح للأنترنت , ليلعب بالتالي دور المراقب مع المتعاملين معه ,وتتمّ ملاحقة أيّ مخالف, وهو ما سيشكّل حرجاً لشخصه , ويشكّك بمصداقيته……..

!
 بل وهل أحدثكم- سيادة الوزير- عن بطء الأنترنيت وحتى في خطوط ال adsl  ؟, وسوى ذلك , مما لا أريد الخوض فيه ,  لأنّ غرضي هو الحوار , من أجل فاتدة مواطننا ووطننا، على حدّ سواء ….!
لا شك إنكم  ستدافعون – سيادة الوزير – عن ضرورة وجود الرّقابة , من موقعكم , كجهة حكومية , وربّما ستستشهدون بأمثلة من العالم، لتسويغ الرّقابة،  وهو صحيح  ,وأنا أحترم رأيكم ، مهما اختلفنا فيه ، ولكن سأترك إجراء أية مقارنة بين الرقابة هنا وهناك ، لأبادر بالقول : إن وضع حدّ لحالة احتقان المواطن ، تكون  عبر نشر الديمقراطية، وتأمين كافة ما يلزمه ليكون كريماً في وطن كريم , وعدم محاسبة أحد على إبداء حقه في الرأي ,و أن يتمّ اللجوء  إلى القضاء الشّفاف والنّزيه مع المواطن ,ليكون الفيصل في أيّ خلاف بين السلطات والمواطن ، لا أن يتم ملاحقته، أو التضييق عليه , أواعتقاله , كما في بعض الحالات التي تتمّ …..!
    سيادة الوزير …:
لتؤمّن لمواطننا “وظيفة” أو أي مصدر رزق يمنعه من العوز ، ويرفع عنه كابوس الفاقة ، وتوفيرحرية إبداء الرأي، ورفع المظلمة عنه، ووضع حدّ للفساد ، وتوزيع مواد البلاد على  أبناء البلاد ،بشكل متساو ، وتوفير لقمة هذا المواطن وسبل الحياة الكريمة،له ولأسرته ،  فهو بكلّ تأكيد سينخرط- بكل قواه وطاقاته- من أجل بناء وطنه، لأن الجائع الذي يشعر بالمظلمة ، قد لا  يشعر بأيّ انتماء إلى مجتمع لاحقّ له فيه برغيف، أو مسكن، أو حرية رأي، وليس مطلوباً منه فيه سوى الطّاعة التي قد تنفد الطاقة على ممارستها مكرهاً، في وسط هذه الشروط اللاصحية، من قبل أيّ منا…..

 …..!.
يقيناً , سيادة الوزير! , إنّي كلّّما وجدت وعداً من الوعود التي أطلقتموها، ولم يتحقّق , كنت أشعر بمرارة , لأنّني أسرعت في الإعراب عن استبشاري بالوعود التي أبديتموها , وهو من حقّي  كصاحب قلم نظيف ، دأبت ألا أحابي أحداً , وأرصد كل ما يقع من أخطاء وغبن ومظالم ، وأتوق لأن أرى النقاط البيضاء , التي تهزّني , فأكتب عنها , ولكن , دون جدوى………!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…