نارين عمر
تناقلت الأخبار نبأ بات عابراً كغيره من الأنباء والأخبار دون أن نتوقّف عليه، ونتوصّل إلى إيجاد حلول لمعالجته وغيره من الأخبار والأنباء:
“عائلة كردية من عفرين مكونة من أم وأطفالها الثلاثة يغرقون في البحر أثناء توجههم بالبلم من تركيا إلى اليونان”.
نعم، نقرأ هذا الخبر ونحن مشغولون بأمورنا المنزليّة والحياتيّة. قد نبدي بعض التّأثر والأسف ثمّ نمضي في خضّم مشاغلنا وكلّ ما يستطيع البعض منّا فعله هو أن نقول: الله يرحمهم ويجعل مثواهم الجنة. الله يصبّر أهلهم على هذه المصيبة وغيرها من عبارات المواساة والعزاء.
طبعاً الأخبار تضاربت وتباينت حول سبب موتهم منها: خطأ اختيارهم للبلم وليس لمركبة أخرى، ولجوء المهرّب عمداً إلى ثقب البلم ليغرقهم بعد أن خدعهم بتسلّمه مبلغ المال الذي اتفقوا عليه فيما بينهم والبعض يرجع السّبب إلى أحوال الطّقس، وأقصى ما نفعله هو أن ندعي على المهرّبين بما نطيّب به خاطرنا. إذاً نتوقّف على القشور ونتناسى ذكر الأسباب الحقيقيّة التي حدت بهؤلاء لركوب مغامرات البرّ والبحر والجوّ؟ إلى متى سنلتزم بهذا الخطّ الذي اخترناه منهجاً لبقائنا خط الاكتفاء بالتّنديد والأسف والتّأثر؟ متى سيأتي اليوم الذي نخصّص فيه بعضاً من وقتنا لطرق جميع الأبواب والضّمائر والأدمغة الشّائكة منها والسّالكة لنتمكّن من الوصول إلى أسباب ومسبّبات ما يحدث على الرّغم من صعوبة ذلك؟ لكن المحاولات المتكرّرة قد تفلح وننقذ ما تبقى من البائسين واليائسين من شعبنا الموبوء بلعنات التّشرد والهجران والإبادة.
معاناة لا طعم ولا لون لها تقمّصت روح المتاهة وجسد الضّياع أفقدتنا هدوء النّفس وراحة البال وما كنّا نحتفظ بها من عزّة النّفس وما نزال عاجزين على الوصّل إلى علاج شاف لنا، والمعاناة الأشدّ فتكاً بنا تكمن في تزايد عدد ولاة أمورنا الذي كاد يفوق عدد سكّاننا على الأرض.
لتسقط الإنسانية والبشرية بمبادئها وحقوقها وشعاراتها أمام ابتساماتكم أيّها الهاربون من الموت المحتوم إلى موت الضّمير والوجدان والإنسانيّة.