صناعة القرار…واتّخاذ القرار

صبري رسول
إنّ صناعة القرار هي عملية دقيقة يقوم بها شخص أو عدة أشخاص لدراسة مشكلة حياتية (سياسية، اقتصادية، عسكرية، … ) من كل جوانبها، ومعرفة أسبابها والظروف المحيطة بها، وتعقيداتها، والوصول إلى عدة حلول مناسبة لتلك المشكلة قيد البحث. فالعصف الذهني وبروح الفريق الواحد يُنتِج رؤى موضوعية تُراعي الجوانب كلّها، ويمكن استخلاص أكثر من حلّ لها. هذه العملية وما تستغرقها من جهد ووقت هي ما يُطلق عليها مفهوم «صناعة القرار».
 أما اختيار الحلّ الأنسب لمجموعة المقترحات المطروحة، سواء يكون الاختيار من قبل شخصٍ واحد أو مجلس أو لجنة ما، هو ما يسمّى بـ«اتّخاذ القرار».
وقد يلعب الإعلام دوراً خطيراً في هاتين المسألتين، فعند طرح مسألة معينة، يجعلُ الإعلامُ منها قضية عامة، ويجري الحديث عنها على كلّ لسان، ثم يُتّخَذُ القرار فيها، غالباً ما يكون الاستقطاب الجماهيري لها أحد عوامل قوة نجاحها.
وقد تكون هناك مشكلة تمسّ شريحة واسعة من الناس، وكي يتمّ إقناعهم بالقرار يقوم الإعلام بتضخيمها، وبيان عواقبها لدفع الناس إلى البحث عن الحلول، فتقوم الجهة المختصة باتخاذ القرار في وقتٍ تبحث الناس عن حلٍ ما لها، مما يجعلهم مرحبين بالقرار المُتّخَذ.
قد يكلِّف «الرئيس» رئيس دولة، أو شركة، أو مؤسسة، فريقاً من المختصين لدراسة مشكلة ما. هذا  الإجراء هو بداية لصنع القرار. فيقوم الفريقُ المكلّفُ بالدراسة المتكاملة، مع مقترحاتٍ بديلة لحلّها. كلّ هذه الأمور هو من ضمن عملية صناعة القرار التي قد تستغرق يوماً، أو شهراً وربما تمتدّ سنواتٍ أو عقود وفق طبيعة المشكلة. فيقوم الرئيس، أو مجلس ما، باتخاذ القرار مطالباً الجهات المعنية بتنفيذها.
والقرارات الناجحة هي التي تُبنى على نتائج دراسات مستفيضة ودقيقة، ومقترحات عملية قابلة للتنفيذ وإحداث أثر واضح ومباشر ولو مع الوقت.
إنّ صناعة القرار تكون عملية ذهنية وفكرية يقوم بها الإنسان لإيجاد حلولٍ إبداعية ومبتكرة جذرياً لمشكلة طارئة أو مزمنة تواجه السّير والاستمرارية للفرد أو المؤسسة أو الدولة في العمل والحياة. أما اتّخاذ القرار فيقوم به الشخص أو المسؤول، أو اللجنة وفق رؤية هي الأخرى تعتمد على الذّكاء في اختيار التوقيت، وتهيئة الظروف المناسبة له، واختيار البديل الذي يتّسم بالفاعلية والتأثير على الواقع أولاً، وثم بالكفاءة النوعية في قابليته للتنفيذ مقارنة مع البدائل الأخرى ثانياً.
أما القرارات السيئة ذات التأثير السلبي فهي التي يتم اتخاذها بشكل غير مدروس، وعشوائي، وربما في وقتٍ غير مناسب، وغالباً ما تكون ردة فعل سريع على أمر ما.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…