التغيير الديموغرافي في جبل الكورد سيضر بتركيا ولن يفيد سوريا

جان كورد
  منذ أن قام الجيش التركي باحتلال منطقة جبل الكورد (كورداغ ) التي مركزها مدينة عفرين، والخطة التركية على الأرض لإحداث تغيير ديموغرافي شامل فيها قيد التنفيذ، فبموجب هذه الخطة اللعينة يتم إحضار أعداد هائلة من العرب والتركمان من مناطق مختلفة في سوريا، وأخيراً من الغوطة بالقرب من دمشق ويتم اسكانهم في قرى الكورد، بل في منازل الكورد، بعد طرد أصحابها منها، بذرائع مختلفة، منها أنه كان في هذه القرى “إرهابيون!” ضد تركيا وضد ما يسمى بائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية التي تتخذ لها تركيا ملجأً وتدفع بأتباعها من هناك ليمارسوا كل أشكال الهيمنة والتصرفات اللا إنسانية ضد الشعب الكوردي، من قتلٍ وتعذيبٍ وتهجيرٍ وتمييزٍ في المعاملة، بحيث يتمنى المواطنون الكورد الآن عودة النظام وشبيحته لحكمهم، حيث لم يتعرضوا رغم كل البؤس الذي عانوا منه في ظل حكم العائلة الأسدية إلى مثل هذا التغيير الديموغرافي الذي يستهدف وجودهم القومي في هذه المنطقة التي كانت ملاذاً آمناً لكل السوريين، من مختلف الطوائف والأديان والأقوام، طوال سنوات الحرب السورية المدمرة.
 فما تفعله فصائل تابعة لما يسمى بالجيش السوري الحر يصل حسب تقريرٍ قانوني مرفوع من عدة تنظيمات سياسية للجهات الدولية وآخر مدوّن من قبل عدة منظمات سورية للدفاع عن حقوق الإنسان يفوق ما قامت به أي سلطة احتلالٍ في أي مكان كان من العالم، وهذه التقارير مدعومة بالصور والفيديوهات وشهادات عيان وكل ما تحتاجه المحاكم الدولية من اثباتات لاعتبار هذه الأفعال النكراء “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية”. 
 كل هذا الغبن السافر يجري بذريعة “محاربة الإرهاب!” بحق الشعب الكوردي الذي يشكّل ثانيَ مكوّن قومي في سوريا، إلاّ أن تفاصيل ما يجري حقاً على أرض الواقع يظهر لنا أن القائمين به ليسوا بأفضل من “الإرهابيين” في شيء، وهذا كله يجري تحت أنظار سلطة الاحتلال التركية التي يجدها المراقبون مسؤولةً مسؤوليةً مباشرة عن الفظائع والخروقات التي يقوم بها مرتزقتها السوريون ليل نهار ولا تفعل شيئاً ضده، ومع الأسف فإن إئتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية لايسكت عن هذا فحسب وإنما يدعم التغيير الديموغرافي الذي يجري الآن، وهذه مساهمةٌ في “الجرائم ضد الانسانية” وعلى المنظمات الدولية وضع حدٍ لهذه الانتهاكات الخطيرة التي تحدث تحت أنظار الدول الضامنة للملف السوري (روسيا، تركيا وإيران)، وهذا يتطلّب إيصال صوت الشعب الكوردي الذي يعاني من هذه الجرائم إلى الأمم المتحدة، ويجدر بالذكر أن تجاهل ممثل الأمم المتحدة في سوريا، السيد دي ميستورا لما يحدث في منطقة جبل الكورد في آخر تقاريره المرفوعة لرئيس هذه المنظمة الدولية، تواطؤ مع  الجناة الذين يتصرفون كالإرهابيين حيال الشعب الكوردي في عفرين. 
وإذا لم يكن للكورد معينٌ يعينهم على إيصال صوتهم لمجلس الأمن الدولي، فإن على حكومة اقليم جنوب كوردستان وسائر الأحزاب الكوردية في شتى أجزاء الوطن التضامن في هذا المجال لاقناع أصدقاء شعبنا والأعداء المتربصين بوجودنا في جبل الكورد بضرورة وقف حدٍ لهذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان في هذه المنطقة والكف عن متابعة التغيير الديموغرافي الذي سيخلق مشكلةً للمستقبل في شمال سوريا لن تقل خطراً على المنطقة عامةً مما يحدث في قطاع غزة، فالشعب الكوردي لن يتخلّى عن أرضه وعن حقه في البقاء في هذه الأرض التي ورثها عن آبائه وأجداده وعمل فيها ودافع عنها عبر الزمن، وسيكون رد الكورد على الإجرام الجاري بحقهم عنيفاً، وهذا سيضر بتركيا الراعية لتصرفات مرتزقتها السوريين ولن يفيد سوريا بأي حالٍ من الأحوال، فإن تركيا بحكم تواجدها كسلطة احتلال في المنطقة حالياً لا تستطيع تبرئة نفسها مما يحدث وسوريا مسؤولة أيضاً باعتبار أن منطقة جبل الكورد لا تزال حسب القانون الدولي جزءاً من الخارطة السورية الرسمية. وإن مسؤولية الحركة الوطنية الكوردية، والسورية منها خاصةً، أن لا تهمل هذه الأخطار الكبيرة المحدّقة بوجود شعبنا في منطقة جبل الكورد.
          ‏30‏ أيار‏، 2018
facebook:kurdax.net                          kurdaxi@live.com           

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…