عبدالرحمن مهابادي*
مع خروج أمريكا من الاتفاق النووي وتسارع تحولاتها المتعاقبة يقبل العالم وبالاخص منطقة الشرق الاوسط على بحر متلاطم الامواج من كل ناحية. هل يمكن تصور وجود ساحل للنجاة من هذه الحالة ومن يمكن أن يكون هذا المنقذ؟
البيان الأخير الذي أدلى به وزير الخارجية الأمريكي في 21 مايو 2018، والذي تم فيه الإعلان عن تفاصيل اكثر حول سياسة وإستراتيجية الحكومة الحالية فيما يتعلق بإيران، اقلق البعض واصاب البعض بالتخبط وادخل السرور والفرحة ايضا على قلوب البعض الاخر. القلقون على نظام الملالي والغربيون متبعو سياسات التماشي والاسترضاء هم التيارات المتخبطة أو الدول والحكومات التي من المحتمل أن تضم بسرعة إلى فئة السعداء والمسرورين الذين هم يشكلون الاغلبية في العالم والذين يريدون التخلص من تهديدات النظام الحاكم في إيران. طبعا الشعب والمقاومة الإيرانية هم أسعد الناس لأنهم كانوا ومازالوا حاملي لواء النضال في الصف الاول من أجل إسقاط هذا النظام.
ومن الطيبعي، كلما مر الوقت، زادت حساسية الحالة التي نقف فيها جميعنا. لأن المستقبل يعتمد على الدور الفعال الذي يلعبه لاعبو المشهد والعمل الصحيح لكل منهم. نحن جميعاً، كما اللاعبين الرئيسيين في المشهد، نعلم أن الشعب والمقاومة الإيرانية لها دور حاسم ومؤثر. لأن عصر التماشي والاسترضاء انتهى وفي الوقت نفسه، لا أحد يريد حربًا أجنبية أو خارجية. في الانتفاضة الأخيرة، سجل الشعب الإيراني مطلبه الرئيسي لإسقاط نظام الملالي على الجرائد الرسمية العامة، والآن هذا هو العالم الذي يتوجب عليه أن يقف إلى جانبهم!
إن الشعب الإيراني مسرور جدا لأنه الآن وللمرة الأولى تقف حكومة الولايات المتحدة إلى جانبهم ووزير خارجيتها، في خطابه الأخير اعترف رسميا بأن انتفاضة الشعب الإيراني هي انتفاضة ضد الديكتاتورية الدينية وضد أكبر داعم للإرهاب حيث دعا إلى تشكيل جبهة عالمية في مواجهة الحكومة الإيراني. هذا يعتبر تغييرا نوعيا فيما يتعلق بإيران.
إن ما أوجزه السيد الوزير مايك بومبيو في خطابه عبارة عن لوحة صحيحة عن حقائق أن مقاومة إيران على مدى هذه السنوات المتعاقبة لم تطالب وتدعو هذا لنفسها فحسب، بل إنها دفعت وحركت العالم ضد هذا النظام عن طريق سلسلة من المبادرات المؤثرة.من فضح الدور الفاضح لانتهاك حقوق لإنسان في إيران إلى التدخل المميت والقاتل للنظام الإيراني في دول المنطقة. من الكشف عن نهب واختلاس الشعب الإيراني من قبل نظام الملالي إلى خطر حصول هذا النظام على القنبلة النووية. من فضح الارهاب الحكومي لنظام الملالي في اقاصي نقاط العالم إلى الدعم المالي والتسليحاتي لنظام الملالي للمجموعات الارهابية في العالم. من انقسام النظام واشتداد حرب الذئاب داخل حكم الملالي إلى الانتفاضة الأخيرة وتنظيم مراكز الثورة التي هي الآن المحرك لاستمرار انتفاضة الحرية وتحقيق الإطاحة بالملالي.
في حين نمر في مثل هذه الظروف الحساسة نرى أن مواقف الولي الفقيه وبقية مسؤولي هذا النظام مدهشة ومثيرة للاهتمام. ان تلاطم أمواج البحر قد خطف النوم من عيون الملالي وتبقى تصريحاتهم تصريحات المحتضر ما قبل الموت وتجدها في بعض الأوقات مضحكة جدا وتحتوي العديد من الدروس. قالوا إنهم يريدون إحراق الاتفاق النووي والان يقولون يريدون الاستمرار بالاتفاق مع الأوربيين.
لقد علقوا آمالهم على الاوربيين والآن، يقول خامنئي: “لقد أظهرت ثلاث دول أوروبية أنهم متوافقون مع مواقف أمريكا مع أكثر المواقف حساسية … الأوروبيون يتكلمون، لكننا لم نشهد حتى الآن أنهم يقفون بالمعنى الحقيقي للكلمة ضد الولايات المتحدة … لا يمكن اصلاح وتصحيح اقتصاد البلاد من خلال” الاتفاق النووي مع الاوربيين فقط “. (٢٣ مايو ٢٠١٨).
السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، من اجل نقل السيادة إلى الشعب الإيراني، والاعتراف رسميا بالانتفاضة الإيرانية ومطالب مقاومة الشعب الإيراني العادلة التي ثبتت عليها لمدة ٣٧ عاما اعتبرتها خطوة طويلة في طريق النضال وأكدت أن : “التغيير الديمقراطي في إيران، الحل الوحيد للمشاكل في إيران والأزمة في المنطقة. إن الجبهة الدولية ضد الديكتاتورية الدينية والإرهابية التي تحكم إيران هي ضرورة تاريخية للسلام والأمن والتعايش على الصعيدين الإقليمي والدولي”.
الآن بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، يتم فرض أقوى وأعتى العقوبات ضد النظام، وكل يوم يتزايد عدد هذه العقوبات وتزداد شدتها صعودا. لقد أوقفت العديد من الشركات والمؤسسات التجارية والبنوك الأجنبية أنشطتها في إيران، وهذا مجرد بداية لعملية اقتصادية مميتة لنظام الملالي ا!.
لقد حدد وزير الخارجية الأمريكي العديد من “يجب” و “لا يجب” للنظام الإيراني التي لا يبدو انها في مقدور و استطاعة وطبيعة هذا النظام. ولهذا السبب ليس من المستبعد ولادة حدث جديد في الايام القليلة المقبلة. وزير الخارجية الامريكي وأيضا الرئيس ترامب من خلال متحدثيهم اعترفوا أن إيران تنتمي لمعارضي النظام الإيراني ومن جملة ما قال : ” النظام الإيراني يخشى من احتجاجات الشعب الإيراني ولاسيما النساء. وهذه إشارة واضحة إلى المقاومة الإيرانية، بقيادة السيدة مريم رجوي، والتي هي عماد المعركة مع هذا النظام.
في الوقت الذي تستمر فيه انتفاضة الشعب الإيراني في جميع أنحاء إيران بشكل لافت ومذهل، وبعد إضراب سائقي الشاحنات في حوالي 200 مدينة في إيران حديثا، وفي حين أن المقاومة الإيرانية تستعد لعقد مؤتمرها السنوي في 30 يونيو، فمن الضروري أن نذكر بالحقيقة الأساسية التي أعلن عنها في مؤتمر الإيرانيين العام الماضي في باريس من أجل تحقيق حرية إيران والسلام والهدوء في المنطقة:
أولاً : ضرورة إسقاط نظام ولاية الفقيه .
ثانيًا : توفير واتاحة الظروف للإطاحة بهذا النظام .
ثالثًا: وجود بديل ديمقراطي ومقاومة منظمة، للإطاحة بنظام الإرهاب الحاكم باسم الدين.
لنرحب معا بالتجمع والمؤتمر السنوي للمقاومة الإيرانية .
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
Abdorrahman.m@gmail.com