وليد حاج عبدالقادر / دبي
كعادة كل الشعوب المضطهدة ( بفتح الطاء ) بتجاربها وصيرورة نضالاتها المستدامة لنيل حقوقها ، وامام المنعطفات المصيرية لتلك الاستحقاقات الجاذبة حينا والنابذة طردا حينا آخر كانعكاس حتمي للحالتين – جذبا ونبذا – إن للبنية الذاتية في تفاعلات الكتل والقناعات المهيمنة على بناها السياسية من جهة وحالتها الذاتية الخاضعة من جديد للتأثير والمؤثر في النطاق المحوط لتلك الخاصية / الذاتية وبالتأكيد للشعب المعني اعلاه ، هنا ، وفي خاصية كوردستان ، وبعيدا عن السرديات بأشكالها وعواملها والظروف التي واكبت تطور الوعي الخاصوي الكوردي ومدلولية الإنتماء القومي بعموميته الكوردستانية منذ الثلث الأخير من القرن 18 مع اندلاع حركات يمكن تسميتها بالتحررية التي أعلنت ثوراتها في مناطق عدة من جزأي كوردستان المحتلتين كانتا صفويا و عثمانيا ، والتي قمعت بعنف ووحشية فظيعة و قتل و تشريد واكبت نمو وتطور الوعي القومي ، مهدت ولو ببطئ إلى ظهور تلك النخبة التي أعلنت استقلال كوردستان المملكة بقيادة الملك محمود الحفيد و ..
بروز مجموعة المتنورين من اولاد المير بدرخان وأحفاده وتصدر الجنرال حسين شريف باشا المنبر الدبلوماسي الكوردستاني وما إنتجه من انتزاع لاتفاق سيفر الذي طمر في لوزان حسب مصالح دول الإنتداب وهيمنتها الطاغية حينها على عصبة الأمم ، ومن جديد ! ومع تنفيذ التقسيم الرباعي لكوردستان ووفق خصوصية النضال القومي لكل جزء ، وباختصار شديد هنا لتجربة كوردستان العراق بمراحلها العديدة وإفرازاتها المترافقة بما مرت بها العراق من جهة وما مارستها كل نظمها بدون استثناء من قتل وتهجير وتغيير ديموغرافي استهدفت البنى التحتية والبيئة المجتمعية فأحرقت القرى ودمرت البساتين والآبار والينابيع بالخرسانة حتى قطيع الحيوانات نالتها الإبادة ، سجل حافل لصنوف الجرائم أكملتها بالأنفال والسلاح الكيميائي والترحيل إلى المدن الصدامية ولتتطور فيما بعد سقوط الدكتاتور مجددا إلى بدعة العقوبات الجماعية المتقنة إن في تسليط داعش وتوفير بيئة وقوة كما إمكانية تمددده في أجزاء من كوردستان لابل واحتلالها كلها وما أنتجتها هذه الحالة الإحتلالية من كبريات الجرائم بحق البشرية في العصر الحديث من بسي وقتل جماعي للكورد الإيزيديين ، كل هذا مورس على الرغم من التشارك الكوردي الرسمي ان في برلمان المركز وبعض من المناصب السيادية . ولعل العقاب الاقتصادي الجماعي الذي مورس كان من ابشعها تأثيرا على حالة المواطن الكوردستاني ومعيشته ، هذا العقاب الذي حاولت حكومة المالكي التسلل من خلالها للتأثير على أمور عدة لم تبتدئ بالمادة 140 والمناطق المتنازع عليها وما انتهت في محاولة إعادة الهيمنة بلباس ديكتاتوري فظ ولم تمنعه حتى ويلات داعش وفظائعه التي فاقت أي تصور ، وبالرغم من قدوم العبادي وتمظهره بلبوس المصلح وسعيه في إعادة بعض مما أفسده المالكي من روحية التوافق ، إلا أن الحالة العامة للعراق واليد الطولى لإيران كانت دائما تدفع الأمور إلى عكسها ولتنكشف الحقائق مع تحرير مناطق كوردستان والموصل من داعش ، لكن العبادي استمر وحكومته يماطلون في حل القضايا المعلقة بين المركز والإقليم ، وأبقى على غالبية عقوبات المالكي ، واوصل الحالة البينية إلى وضع لا يطاق ، فكان قرار إجراء استفتاء حق تقرير المصير كممارسة شرعية لحق مكتسب أوجبته كل الشرائع والقوانين الدولية ، هذا الإستفتاء الذي وبالرغم من هيجان دول المحيط وخروجها في تعاملها عن كل المألوف وتهديداتها – التي نفذتها فيما بعد – ومعها جاءت نتيجة الإستفتاء كصفعة لجميعهم ، وجميعنا يتذكر ما قامت بها الحكومة المركزية وبالتنسيق والتدخل المباشر لكل من إيران وتركيا وفرضت حزمة عقوبات جماعية أضيفت الى تلك المطبقة سابقا وحوطت كوردستان كاملة بجدران العزلة وحركت الأبواق المناهضة للإستفتاء لإثارة فوضى ممنهجة بالترافق مع احداث 16 اكتوبر ، وهنا ، فأن التاريخ سيسجل للسيد مسعود البرازاني حكمته ووعيه ، والأهم تمسكه بمقولته المأثورة كوعد جازم على أن الدم الكوردي على الكوردي حرام و .. طاقة الصبر الكبيرة التي يتمتع بها في امتصاص الغضب كما أبيه القائد الروحي لكوردستان وشعبها مصطفى البرازاني في تحويل ذلك الى إصلاح لذات البين واعادة اللحمة القومية ، فتمكنت قيادة كوردستان محاصرة خلافاتها في أضيق زوايا حادة ممكنة سواها حكومة العبادي والحشد الشعبي والمتابعة اليومية لإيران بشخص قاسم سليماني ، ومعهما حكومة تركيا وسعوا جميعا الى جر الحركة السياسية الكوردستانية وقيادة الإقليم بعد مغادرة السيد مسعود البرازاني منصب الرئاسة إلى التصادم البيني ، ومع تنامي ضغط الممارسات العقابية وقطع سبل العيش التي اعتمدتها حكومة العبادي في توخيها لزيادة تشظي الوضع السياسي و المناطقي ، زادت من جرعات عقابها محاولتها في كسر إرادة الشعب جوعا حصارا وأبرزها بأنها عقوبات ناتجة كرد طبيعي من المركز بحق الإنفصال ، ولكن مع تواتر انتهاكات الحشد الشعبي في كركوك وطوز خورماتو وسنجار والموصل والاستعجال في التهجير والتغيير الديموغرافي وصمود الكورد ، علموا بأن شعب كوردستان يزداد تشبثا بخصوصيته وتمسكه بحقه في تقرير المصير لابل ،أن الجماهير الكوردية باتت تدرك بأن أية قوة سياسية عراقية غير مؤهلة مطلقا حتى الآن في التعامل مع كوردستان وشعبها كشركاء حقيقيين في العراق وذلك لعوامل عديدة تبدأ من السايكولوجية البعث / عروبية مرورا الى التبعية المذهبية أو التابعية العرق / تاريخية كإرث عثماني لبعض من التركمان ، لقد كانت نتائج الإستفتاء صادمة لكل من ساوم على مناهضي حق تقرير المصير وتتالت صدماتهم بعد الأداء المهني لحكومة الإقليم التي استطاعت رغم كل تلك العواصف الشديدة أن تتخطى محاولات انهيار عديدة كان قاسم سليماني واردوغان والحشد الشعبي وكثيرون ينتظرونها بشغف ، ومع إقتراب موعد الإنتخابات النيابية كان المركز ومن خلفه محالفوها من دول الجوار واذناب وكتل بقوائم وأسماء مدت بكل سبل الدعم المالي والسياسي وسط تنشط دوائر خاصة ايرانية وتركية تتابع وهي تتوقع ردة فعل غاضبة لشعب كوردستان و – عقابها – لمن جربها إلى الإستفتاء ونتاجاتها العقابية – الكارثية – و .. وكانت الصدمة لهم ، ولسبب بسيط ! فقد تناسوا كالعادة ! ارادة الشعب وجماهيره ذاته الذين انطلقوا الى الشوارع والحدائق والساحات ، يهتفون مع قائدهم حينها بنعم لريفراندوم ، وتجاوزت نسبة الموافقين 90% من المصوتين ، هذه الجماهير وجهت لعنتها لكل من خالف وقال لا ! وصرخت في وجوه مجوعي شعب بصوت هادر بلا لعقوباتهم التي لن تضعفهم مطلقا ، وهم – الجماهير – مهما اختلفت فيهم الألوان قالوها في انتخابات البرلمان الأخيرة : نعم للحزب الديمقراطي الكوردستاني ولممثليه في الطليعة ، وهو ليس مكسب حزبي بقدر ماهو تأكيد مجدد من شعب كوردستان لكلمة نعم لحق تقرير المصير ، نعم لريفراندوم ، نعم للقائد مسعود البرازاني وهذه كحتمية تأريخية لنضالات شعب ما ارعبته فظائع النظم المتعاقبة من حكومات المركز ؟ فكيف لها أن تؤثر في مواقفهم حصارات الطوق او الجوع ..وهي الجماهير ذاتها التي راهن عليها ولم يزل القائد مسعود البرازاني .. فهل سنكون مخطئين في تأكيدنا مجددا ووسط وفاء هذا الشعب وبرها لكوردستان وقضيتها وقائدها إن قلت لها وبصوت عال : حقا أنها ومن جديد .. القائد مسعود البرازاني لم يخطئ في التقدير