بقلم: هدى مرشدي
جريمتها كانت الكتابة؛
الكتابة عن الحرية والظلم الواقع على السجناء والعيون التي ترتقب الإعدام.
الاحتفاظ بصور الشهداء والسجناء السياسيين في عقد الثمانينيات. جريمتها كانت الاحتجاج على عمليات الإعدام.
باختصار وفي كلمة واحدة كانت حرّة أبية.
والآن تضحي بكل ذرة بوجودها اليوم في الحرب مع الدكتاتورية في سبيل هذه الحرية.
السيدة غولرخ ايرايي جنبا إلى جنب مع زوجها آرش صادقي في تاريخ ١٨ نوفمبر ٢٠١٦ وبدون أي استدعاء مكتوب مسبقا تم نقلهما إلى سجن أيفين. وتم الحكم عليها بالسجن لمدة ست سنوات بسبب الاحتجاج على اجراءات واعمال الدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران وبسبب قصة لم يتم نشرها أبدا.
غولرخ ايرايي مع زميلتها في نفس قسم السجن أتنا دائمي في يوم ٢٤ يناير / ٢٠١٨ وبدون أي سبب واضح تم نقلهما من قبل مسؤولي السجن بالضرب والشتم والاهانة من قسم النساء في سجن ايفين إلى سجن قرجك. حدث هذا النقل في حين أنهم لم يتمكنوا حتى من أخذ ممتلكاتهم الشخصية من القسم حيث كانوا في السجن. وبعد بضعة أيام، أعلنت غولرخ ايرايي إضراباً عن الطعام في يوم 3 فبراير / شباط احتجاجاً على النقل غير القانوني إلى سجن قرجك ورامين. بعد مضي ثلاثة أشهر تقريباً، تصرخ السيدة غولرخ ايرايي في جدل بين الحياة والموت، و غير آبهة بالوضع والظروف الراهنة.
يعتبر سجن قرجك ورامين أحد أفظع وأسوأ سجون النساء التي تفتقر إلى الحد الأدنى من المرافق الصحية والغذائية؛ ويقع المعتقل ومركز الاحتجاز هذا في أعشاش كانت تستخدم كمداجن في الماضي.
مكان حبس هاتين السجينتين السياسيتين هو غرفة صغيرة في الحجر قسم 3 من السجن، فيه نقص حاد في المرافق الأساسية. في هذا السجن، يُمنع بقية السجناء من دخول مكان احتجازهن، وهاتين السجينتان السياسيتان معزولتان فعلياً وبعيدتان عن بقية السجناء الآخرين.
ليس لديهن أي ممتلكات شخصية أو ملابس مناسبة في الموسم البارد والقارس وهن محرمات من ممتلكاتهم الشخصية. حوالي 20 طفلاً في هذا القسم هم مع أمهاتهم. عدد من السجناء في هذا السجن هم أيضا نساء حوامل. في سجن قرجك ورامين لا يعتمد مبدأ الفصل بين الجرائم بالنسبة للسجناء.
ومن المثير للاهتمام ،أنه وفقاً للمادة 513 من قانون الإجراءات الجنائية الإيراني، جاء في الفصل الرابع من مبدأ الفصل بين الجرائم: https://iranlawclinic.com/doc/10d3e215619
مكان تحمل عقوبة السجن يجب أن تكون في سجن المنطقة القضائية التي أصدرت الحكم وأي عملية نفي أو نقل بعد أن يصبح الحكم قطعيا يعتبر زيادة في العقوبة وأمرا غير قانونيا.
وبناءا على ذلك في حالة وقضية اتنا وغولرخ (أو ما تسميان بالمتهمتين !) فان مكان سكنهما ومكان المحكمة التي أصدرت الحكم كان في طهران ونقلهما إلى سجن قرجك (ورامين) يعتبر أمرا غير قانونيا.
أيضا، وفقا لمبدأ الفصل بين الجرائم والمادة 69 من قانون لوائح سجون النظام نفسه، جاء أن:
” ينبغي التصنيف في السجون وفقا للسوابق، والعمر، الجنس، الجنسية، نوع الجريمة، مدة العقوبة، الحالة البدنية العقلية، الشخصية والكفائات، ومستوى التعليم والتخصص”. yon.ir/0x5zR
وبالتالي، وبسبب هذا النقل غير القانوني والفشل في معالجة شكاوى ومطالب حقوق السجناء ، قامت غولرخ ايرايي بإضراب الطعام هذا. من ناحية أخرى، قابل القضاء الإيراني الاضراب هذا بعدم الاهتمام والاهمال والسعي لافشاله أو قام بتكذيبه.
الملا المجرم محمد جعفر منتظري المدعي العام للسلطة القضائية المرتبطة بالولي الفقيه في يناير ٢٠١٧ وصف الاضراب عن الطعام بأنه عملية تظاهر بالمظلومية وقال إن السلطة القضائية لن تخضع لعميات الاضراب عن الطعام.
وبهذه الطريقة يكون قد أعلن فعليا وبشكل قاطع ومؤكد أن نهاية أي نوع من أنواع المطالبات والاحتجاجات في السجون ستكون الموت واللامبالاة.
رغم جميع التحذيرات وخطابات المنظمات الدولية لم يتم اتخاذ أي اجراء من أجل انقاذ حياة السيدة غولرخ ايرايي حتى الآن.
بعد إضراب دام لمدة ٧٠ يوما وبعيون خافتة وجسم هزيل وأيادي لاحول لها ولا قوة ولكن بإرادة قوية ومقاومة تصرخ غولرخ بالحرية. لأن هذا النظام يعلم أن أعداد غولرخ ومريم وسعيد ورامين ليست قليلة. هؤلاء جزء من نسل كبير لاحصر له حتى تحقيق الحرية على أرض إيران.
هيومان رايتس واتش والمبعوث الخاص للامم المتحدة المعني بحالات التعذيب والسلوكيات القاسية و اللانسانية وأيضا منظمة العفو الدولية طالبوا ضمن تقاريرهم التحقيق في هذه القضية وانقاذ حياة هذه السجينة.
هذه المطالب وهذه الإجراءات كانت جيدة ومفيدة في سياق القانون وحقوق الإنسان، لكنها كانت غير كافية وغير فعالة فيما يتعلق بالنظام المسعور والقمعي لولاية الفقيه في إيران. وطالما ظل هذا النظام في السلطة، فسوف يستمر في القمع واعمال العنف والانتهاكات المنتظمة لحقوق الإنسان.
المخرج الوحيد هو كما نادى به الشعب الإيراني المعترض والمحتج في المظاهرات وهو السقوط التام والكامل لهذه النظام وقبر هذه اللطخة الغير متجانسة في عصرنا. الأمر الذي توجهه وتقوده المقاومة الإيرانية المنظمة المتمثلة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ولم تتوان عن تقديم التضحيات ودفع أبهظ الأثمان في سبيل الوصول إلى هذه الغاية في العقود الثلاث الماضية. هذا الامر يستوجب اعتراف الدول بشكل رسمي بمطالب الشعب الإيراني المحقة والمقاومة المنظمة حتى يتمكن الشعب الإيراني من التخلص من شرور نظام القرون الوسطى هذا.