ماذا بعد سقوط عفرين؟

افتتاحية جريدة المساواة *
لم يكن سقوط عفرين اختبارا للقوة واختبارا عسكريا أمام عدم التكافؤ في العدة والعتاد في مواجهة ثاني دولة في حلف الناتو وتملك من أسباب القوة بشكل لا يقارن في هذا الوضع رغم ما قدمه الكرد من تضحيات في الدفاع عن أرضهم وديارهم ولم يبخلوا يوما في ذلك كما يسجل التاريخ لهم ، وإنما كان سقوط عفرين اختبارا متعدد الأوجه في السياسة والرؤية والممارسة وان صمت المجتمع الدولي ، الشعبي والرسمي إزاء الحدث العفريني طيلة شهرين ورغم ما امتلأت بها عواصم العديد من الدول من المظاهرات التي طالبت حكوماتها بالتدخل والخروج عن صمتها ولم تفلح ، يفسر مدى القصور في الرؤية السياسية التي اعتمد في مواجهة الحالة وعدم معالجتها بشكل يجنب عفرين وأهلها من مما ذهبوا إليه وكان سببا في نتيجة الاختبار
 كما إن المراهنة على الدول التي تقتسم النفوذ في سوريا ومواقفها دون إدراك طبيعة هذا التقسيم وتشابك المصالح لهذه الدول وتفاهماتها يعد احد أوجه القصور في وقت أشرفت الحرب على داعش من نهايتها ولم تعد للبندقية التي كانت سببا في اندحار داعش أهميتها وبريقها ، وبقي فقط بعض التشطيبات لجيوب بعض الفصائل المصنفة إرهابيا أو المتطرفة هنا وهناك وما نجم عن ترحيلهم وترحيل سكان مناطق تواجدهم وتوطينهم في مناطق أخرى ومنها منطقة عفرين هذا التوطين الذي يعد الأخطر من بين نتائج الحرب على عفرين والتي تستهدف الوجود القومي الكردي هناك
وبعيدا عن تفاصيل وأسباب ما جرً على عفرين وأهلها ولتجاوز الحالة والإقلال من الأضرار فان الأمر يستدعي الاستدارة نحو الفعل السياسي بعيدا عن منطق الحرب الجديدة والحرب النوعية التي تزيد من معاناة أهلنا هناك ويطيل أمد نزوحهم بدل المساعدة في الإسراع على عودتهم في مواجهة هذا التوطين العنصري .
إن ما حدث في عفرين والذرائع التي تذرعت بها تركيا وكانت كذلك احد أسباب صمت المجتمع الدولي تتردد من جديد في تهديد بقية المناطق الكردية ، الأمر الذي يضع الجميع أمام مسؤولية مواجهة هذه التهديدات بجدية وموضوعية ويضع PYD خاصة أمام اختبار إمكانية تجنيب هذه المناطق من إعادة سيناريو عفرين وعدم تحميل الآخرين وخاصة المجلس الوطني الكردي وزر أخطائه وتبعات نظرياته الأممية التي أثبتت عدم صلاحيتها في هذه التربة والبيئة المليئة بالتناقضات وتشابك المصالح الدولية والاقليمية ويستدعي منه مراجعة شامله لرؤاه وممارساته والابتعاد عن كل ما يثير الذرائع وكذلك ترك السياسات الأحادية و الاستفرادية وقمع المختلف معه بأساليب مرفوضة أخلاقيا وقوميا والعودة إلى ترتيب البيت الكردي عبر إعادة النظر في النهج والسلوك والانخراط في العمل السياسي بما يخدم الهدف الاستراتيجي التي توافقت عليه الحركة الوطنية الكردية في العمل على بناء سوريا ديمقراطية اتحادية علمانية تعددية يضمن دستورها ويقر بالحقوق القومية للشعب الكردي وكافة المكونات الأخرى .
* الجريدة المركزية لحزب المساواة الديمقراطي الكردي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…