بلاغ ختامي عن أعمال المجلس المركزي لحزب آزادي الكردي في سوريا

     عقد المجلس المركزي اجتماعه الاعتيادي في الفترة الأخيرة ، بعد انقضاء عام على المؤتمر التوحيدي الأول لحزبنا ، ليقف على التطورات السياسية في البلاد وفي المنطقة ، خاصة بعد ازدياد السياسة الشوفينية  من جانب النظام تجاه الشعب الكردي ، ولإجراء مراجعة ذاتية لمسار عمل الحزب من جوانبه المتعددة ، بهدف تفعيل دوره وتطوير آلياته و تمكينه من أداء عمله بما يتناسب وينسجم مع المرحلة الدقيقة التي يمر بها البلاد والمنطقة ، وتطوراتها السياسية المتلاحقة ، واستجابة لشروطها واستحقاقاتها .

   ففي الجانب السياسي رأى المجلس أن منطقة الشرق الأوسط هي من أكثر المناطق توتراً واضطراباً ، وقد سادها الاحتقانات والتعقيدات منذ مرحلة ما بعد الحرب الكونية الثانية وحتى الآن بسبب الترتيبات و التوافقات التي جاءت على حساب شعوب المنطقة ، وبقاء الكثير من المسائل والقضايا عالقة دون حلول خدمة للمصالح الحيوية لبعض الدول الكبرى دون مراعاة لحقوق ومصالح شعوبها ، وأيضاً بسبب الأطماع الدولية في ثروات وموارد هذه المنطقة ، وبالتالي جرى فرض أنظمة سياسية ارتبطت سياساتها وتوجهاتها وحتى مصيرها بالوجهة السياسية التي اتخذها الصراع الدولي بين المنظومتين السياسيتين على المستوى العالمي ، وأدت إفرازات هذه الحالة إلى إيجاد أنظمة تسلطية واستبدادية تحكمت بكل شيْ ورفعت شعارات “الوطنية والسيادة” نظرياً لإدامة بقائها مع بقاء المشاكل والاحتقانات إلى وقت قريب .

   وقد رأى المجلس أن المعادلات السياسية قد تغيرت فيما بعد تبعا للمتغيرات الدولية خلال العقد الأخير خصوصا ، وبالتالي يصار إلى بناء نظام دولي جديد على قاعدة تلك المتغيرات ، ويمتلك هذا النظام توجهاً له استهدافات يطال مجمل مناحي الحياة السياسية و الثقافية والاجتماعية و الاقتصادية والتربوية و الأمنية وغيرها ..

.
   ولهذا فإن الصراع الدائر الآن في المنطقة هو صراع بين التوجه الدولي الداعي إلى التغيير الديموقراطي وتوفير فرص التحرر القومي ، وحقوق الإنسان والحريات والداعم له والذي ترى شعوب المنطقة مصلحتها فيه ، لأن الوضع السابق قد حرمه من حريته و من حقوقه من جهة ، وبين البقية من الأنظمة الاستبداية والقوى الظلامية و المنظمات المتطرفة والأرهابية من جهة أخرى .


   ويتجلى هذا الأمر في الوضع المتأزم في فلسطين بين حركة حماس والسلطة الوطنية ، وفي لبنان بين الحكومة الدستورية وحزب الله وأعوانه ، وفي القتال الدائر بين الجيش اللبناني وفتح الإسلام في مخيم البارد ، وبنفس السوية بين الدولة العراقية وباقي المنظمات والمجموعات الإرهابية و الظلامية .


   أي أننا نعيش حالة صراع بنيوي بين مشروعين سياسيين ، الأول دولي تغييري والآخر إقليمي مناهض .

من هنا تزداد حدة المواجهة وتتشعب التداخلات لدرجة أن أي تبدل في مسار العملية السياسية داخل أي بلد في المنطقة يؤثر بشكل مباشر سلباً أو إيجابياً في المنحى العام لتطورات الساحة السياسية .

ولهذه الأسباب اكتسبت القضية الكردية أهميتها ، وخرجت من كونها قضية داخلية أو إقليمية ، إلى قضية اتخذت أبعاداً دولية وارتقت بمسارها النهضوي التحرري ليس فقط كقضية جزء؛ بل كقضية كردستانية أيضا، وتحرز هذه القضية يوما بعد يوم عطفا وتأييدا من المجتمع الدولي ، ونعتقد أنها ستسير نحو الحل الديمقراطي السلمي ، خاصة وأن الموقف يدعم هذا الاتجاه .
   أما في مجال الوضع الداخلي فقد أكد الاجتماع أن المسألة الكردية في سوريا ورغم أنها قد لاقت  تفهمها جزئياً من جانب بعض الشخصيات الديمقراطية وأوساط داخل  القوى والمنظمات السياسية العربية ، إلا أن هذا الفهم لا زال قاصرا وينحصر في مسألة المواطنة ليس إلا ، مقابل تصعيد في الموقف الشوفيني من جانب النظام وتجلى ذلك مؤخراً في خطوتين :
   الأولى : كتاب وزارة الزراعة حول نقل 150 عائلة عربية إلى المنطقة الكردية في ديرك كحلقة أخرى من حلقات تطبيق الحزام العربي واستكمال فصل أبناء شعبنا الكردي عن محيطه الكردستاني.


   الثانية : تمثل في خطاب السيد رئيس الجمهورية وحصر موقفه بشأن الوضع الكردي في مسألة الإحصاء فقط وكأن القضية الكردية في سوريا هي قضية مجردين من الجنسية ( بالنسبة لهذا الموضوع يجب إلغاء نتائج الإحصاء الاستثنائي ) ، بدل الاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي التاريخي على أرضة وحل قضيته القومية ديمقراطياً بما يضمن حقه في تقرير المصير على قاعدة الاتحاد الاختياري الحر.

إضافة إلى أن الخطاب وجه تهديدا مباشرا لشعبنا وأن أي مطلب غير الجنسية هو هز لاستقرار البلاد .


    وأكد المجلس على تشديد ومواصلة النضال بالوسائل السلمية الديمقراطية في مواجهة سياسة الاضطهاد القومي الذي يتعرض له شعبنا الكردي ومن أجل إبراز الحقيقة الكردية القائمة وتمتع أبنا الشعب الكردي بكامل حقوقه القومية الديمقراطية ضمن إطار وحدة البلاد وتحقيق التغيير الديمقراطي.

 
 هذا في الوقت الذي كان على النظام أن يتجاوب مع مطالب المجتمع الدولي في توفير الحريات العامة وحقوق الإنسان في سوريا، وفي الإقدام على الإصلاحات السياسية والاقتصادية وتقبل التعددية القومية وتنظيم الحياة الحزبية ، وإطلاق سراح السجناء السياسيين وسجناء الرأي والضمير خاصة بعد إقرار المحكمة الدولية تحت البند السابع ، (وهذه المحكمة تتسارع الخطى الآن بشأن انعقاده مما تفتح باباً ربما يودي بالوضع برمته في سوريا ولبنان )، أي أنه كان من المفترض أن يتوجه النظام نحو الوضع الداخلي وفتح المجال أمام القوى السياسية  و إشراكها في القرار السياسي و إجراء مصالحة مع الشعب و حل المشاكل الداخلية وخاصة القضية الكردية، بغية تنمية المجتمع وازدهاره وبناء وحدة وطنية متماسكة لتعزيز استقلال البلاد واستعادة أراضي الجولان المحتل.
أما بالنسبة إلى وضع الحركة الكردية فقد أثنى اجتماع المجلس المركزي على الدور الذي قام به حزبنا والجهود التي بذلها خلال الأشهر الماضية مع الأطراف الكردية الأخرى للوصول معا إلى صياغة رؤية مشتركة لوحدة الموقف والخطاب  السياسيين ، ورغم الاتفاق على ” الرؤية الكردية المشتركة للحل الديموقراطي للقضية الكردية في سوريا ” فإن عدم إعلانها حتى الآن يعبر عن عدم جدية بعض الأحزاب، ويتحمل مسؤولية هذا الجانب بعض الأحزاب بعينها وليس جميعها ، آملين مع ذلك أن تتوصل الجهود المبذولة إلى الإسراع في إعلان الرؤية المشتركة المتفق عليها بين الأطراف الثلاثة (لجنة التنسيق الكردية، الجبهة الديمقراطية الكردية، التحالف الديمقراطي الكردي) وتأطير الفعل الكردي من خلال تشكيل مرجعية كردية حقيقية تستند إلى أسس موضوعية، في مواجهة استحقاقات المرحلة الراهنة وتحقيق الحقوق القومية الديمقراطية لشعبنا الكردي في كردستلن سوريا والتي يرتبط وجودنا بها أصلا .


   أما على الصعيد الحزبي والتنظيمي فقد أبدى الاجتماع ارتياحه للحالة التنظيمية والتي تتطور نحو الأفضل، وقد اتخذ تدابير من أجل تعزيز المسيرة التنظيمية وتطويرها، وقد ثبت الاجتماع في هذا المجال التوجه التالي : ” إن المجلس المركزي وانطلاقا من المسؤولية الملقاة على عاتقنا كإطار سياسي يهدف إلى الارتقاء بالآليات التنظيمية وأدواته السياسية بغية تفعيل الوضع الداخلي في مواجهة استحقاقات المرحلة ندعو الرفاق الذين انقطعوا عن الآليات التنظيمية لسبب أو لآخر سواء في الداخل أو الخارج العودة إلى صفوف الحزب بغية تكاتف الجهود للقيام بالمهام الملقاة على عاتقنا ” آملين من رفاقنا جميعا التجاوب بروح المسؤولية الوطنية والقومية لأداء مهامنا بالشكل المطلوب .
 
  أواخر تموز 2007 

المجلس المركزي لحزب آزادي الكردي في سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…