حاوره: ماجد ع محمد
صحيحٌ أن طبول الحرب كانت تدق منذ شهور على تخوم عفرين، إلاّ أن الفعاليات المجتمعية والسياسية في عموم المنطقة لم تستطع إيجاد أو خلق آلية ما لسد الفراغ الذي قد يحصل في أي لحظة، والتحضير لهذا اليوم الكارثي الذي غدت عفرين تعاني من وطأته، حيث أنها حالياً تشكو من كل شيء، وتحتاج كل شيء، بعد أن انسحب منها في اللحظة الأخيرة مَن كان يتحكم بمصيرها منذ سنوات، تاركاً أبناء المنطقة يواجهون مصيراً مجهولاً في كل نواحي الحياة الطبية والصحية والغذائية والأمنية، وأمام هذه الحالة الطارئة كان لبعض النشطاء دور مهم لإعادة تنظيم الصفوف وتشكيل الخلايا الإسعافية لتلبية احتياجات أهالي المنطقة المنكوبة، وبهذا الخصوص كان لنا الحوار القصير مع محمد يوسف المشرف العام على لجان الإغاثة العربية الكردية.
ــ عفرين تعيش أيام كارثية لذا سندخل مباشرةً في صلب الموضوع، ماذا تفعلون الآن وما الذي استطعتم القيام به؟
رغم أننا صراحة كنا ومنذ التأسيس في مدينة حلب، لجنة إغاثية مهمتها مساعدة العوائل الفارة من بطش قوات النظام في مناطق حمص وحماة وغيرها من المحافظات التي كان القصف الهمجي يتسبب بتهجير ونزوح المدنيين منها ولجوئهم إلى مدينة حلب، إلاّ أننا اليوم نعمل في الجانب المتعلق بإعادة المهجرين من قرى وبلدات عفرين إلى قراهم أكثر من الجانب الإغاثي نفسه؛ وقد استطعنا من خلال علاقاتنا مع بعض فصائل الجيش الحر تأمين عودة آلاف النازحين إلى عفرين وقراها.
ــ هل للجنتكم أي علاقة باللجان التي تشكلت عقب مبادرة إنقاذ عفرين؟
لا طبعاً لا علاقة للجنتنا بتلك اللجان المنبثقة عن مؤتمر عنتاب، والتي ستذهب إلى عفرين وتعمل هناك، ومع أننا حالياً نعمل بشكل شخصي، تطوعي مع الاخوة في مبادرة إنقاذ عفرين، ولا نبخل بكل ما نستطيع تقديمه للاخوة في مجلس عفرين المنتخب، ولكن كما أسلفت فحالتنا هي حالة إسعافية صرفة وستنتهي مهمتنا فور بدء عمل اللجان المحلية على أرض الواقع في عفرين اثر إعادة الحياة الطبيعة للمنطقة.
ــ كيف تستطيعون مساعدة الناس في الداخل وما نعرفه أن معظمكم بات في المغتربات؟
صدقاً ومن غير مبالغة أن لبعض الاخوة معنا في اللجنة دور فعال في عودة آلاف الأهالي إلى قراهم من مناطق نبل والزهراء والشهباء ربما أكثر من ألاحزاب التقليدية بأكملها في الداخل، وذلك من خلال معارفنا السابقة بقادة بعض فصائل الجيش الحر المتجاوبين معنا، وذلك عبر الاتصال بهم والتواصل مع القوافل التي تخرج من مناطق سيطرة النظام أو سيطرة (ب ي د) في منطقة الشهباء باتجاه عفرين، وهذا كله يتم من خلال الواتس أب والتلفونات التركية التي تعمل في أماكن لا بأس بها في المنطقة.
ــ في سوريا الحالات المرضية القائمة على الاستحواذ والمنفعة الشخصية طالت حتى قضايا توثيق الجرائم، فهل ترى بأن تلك الحالة المرضية لم يصل مدها إلى أحد من أعضاء هذه اللجنة؟
حقيقةً منذ ما يقارب الشهر ونحن نعمل جميعاً دون كلل أو ملل، وكل غايتنا هو إنقاذ شعبنا في عفرين وقراها من هذه الكارثة بأقل الخسائر الممكنة، ونعلن الآن من خلال هذه المقابلة كما أعلنا مراراً من قبل في وسائل التواصل الاجتماعي بأن هذه اللجان هي مؤقتة، وستحل نفسها فور استلام المجلس المدني في عفرين لمهامه، ولا زلنا على قرارنا هذا فليس لنا في هذه اللجان المؤقته أي مكسب أو منفعة شخصية، وسينتهي عمل اللجنة فور انتهاء الأزمة في عفرين وبلداتها وقراها.
ــ في الشرق أصعب التشكيلات هي التي تكون في أوج الأزمات فكيف استطعتم التخلص من كل العقبات بسرعة والمباشرة بالعمل؟
لا جدال أنه من السهل جداً تشكيل أطر وتنظيمات ولجان على اختلاف اختصاصاتها في أيام السلم، بينما في الظروف العصيبة فليس من اليسير تشكيل ولو فريق صغير يكون قادر على التحرك والاستجابة السريعة؛ ولكن الذي ساعدنا على المباشرة بالعمل هو أننا جميعاً، أي جميع من كان في اللجنة لا يزال كما هو ومستعد لتقديم ما يقدر عليه سواء أكان في الداخل أو الخارج، وثانياً لم تحدث أية شروخات بيننا منذ البداية، وذلك باعتبار أنه ما من أموال أو مناصب حتى نختلف عليها، فروح وعقلية العمل الجماعي لا تزال متوفرة لدى أغلب من عمل معنا في لجان الاغاثة منذ الوقت الذي كنا فيه نعمل تحت القصف بمدينة حلب، فهذه الأسباب مجتمعة ساعدتنا على المباشرة بالعمل وعدم التلكؤ.
ــ هل تعرّض فريقكم للمضايقات من قبل أية جهة مسلحة على الأرض؟
نعم للأسف فقد تم ومنذ عدة أيام اعتقال المصورة والناشطة في لجان الاغاثة العربية الكردية دلشان قره جول من قبل عناصر أحد فصائل الجيش الحر بعفرين، ونحن من خلال التواصل مع الشرفاء في الجيش الحر نعمل جاهدين من أجل الإفراج عنها، علماً بأن دلشان قره جول ليس لها أي نشاط سياسي، كما ثمة إشكالية أخرى آلمتنا حيث وردتنا أنباء عن أن بعض الوشاة ممن يعملون مع الجيش الحر قاموا بوشاية كاذبة ضد زميل لنا في لجان الإغاثة ألا وهو الفنان الكاريكاتيري دارا ئستري، والمفارقة التي أريد تذكيرها ههنا أن نظام بشار الأسد كان قد حرق منزل أهل الفنان دارا في حي الصاخور بمدينة حلب، بينما بعض الحمقى من عناصر الجيش الحر قاموا بهدم منزله في قرية كفرووم بمنطقة عفرين بناءً على وشايات ملفقة، والجدير بالذكر أن أغلب الوشاة والعواينية الحاليين ممن يعملون مع الجيش الحر كانوا أنفسهم وشاة وعواينية لدى أفرع مخابرات نظام الأسد في السابق!.
ــ سؤال كان من المفروض أن أسألك إياه في البداية، إلا أني تركته للأخير، فحبذا لو تعرّفنا بهذه اللجنة الإغاثية؟
لجنة الإغاثة العربية الكردية تشكلت في الشهر الرابع في عام 2012 من مجموعة من الشباب الكرد والعرب والمسيحيين والجركس، وبقيت تعمل على إيصال المساعدات للبيوت المحتاجة في المدينة إلى أو اخر عام 2014 ، حيث كنا نعمل في حي الأشرفية والسكن الشبابي وبني زيد وهلك وبعيدين، وبقينا نعمل على الأرض حتى نهاية عام 2014، وقدمنا عدد من الشهداء أثناء قيامنا بالعمل الإغاثي نذكر منهم: حسن هنيدي من مدينة حمص وأحمد عثمان وإيبش بكر وأحمد الحسن وشخص آخر اسمه إيفان؛ وهذه اللجنة توقفت عن العمل تماماً منذ 2015 فيما أعيد إحياؤها لضرورات المرحلة منذ أكثر من شهر، ونحن كما كان تشكيلنا كحالة إسعافية في البداية بحلب، اليوم كذلك عدنا للعمل كحالة إسعافية علّنا نخفّف العبءَ عن كاهل أبناء عفرين المهجرين حالياً إلى بلدتي نبل والزهراء ومنطقة الشهباء.