التغيير في إيران يقترب بسرعة

عبدالرحمن مهابادي* 
نظرة إلى تغيرات وتطورات العام الجديد في إيران من وجهتين اثنتين النظام ومعارضته 
عدة ايام مضت منذ بدء العام الإيراني الجديد. ما يبرز في رسالة علي خامنئي زعيم نظام الملالي النوروزية و أيضا في رسالة رئيس جمهورية المقاومة الإيرانية (السيدة مريم رجوي ) هو عبارة عن تطور مقبل فيما يخص إيران. تطور عظيم إلى درجة في البداية من الصعب تصديقه! وهناك البعض لم يصدقوا هذا الامر وهناك بعض آخر يفرون وينكرون هذه الحقيقة. والبعض الاخر وقعوا تحت تأثير الخوف من دعايات متبعي سياسات المساومة والاسترضاء في الغرب ولوبيات النظام. 
الكاتب لا يريد هنا إلى تناول كل اللاعبين الرئيسيين في هذا المشهد ماعدا النظام الحاكم والمقاومة الإيرانية وذلك لان المواجهة الرئيسية بين هاتين القوتين المتخاصمتين استمرت لما يقارب ال ٤٠ عاما والان قد وصلت إلى مراحلها النهائية. 
علي خامنئي في خطابه المجبول بالخداع والكذب حاول أن يبعد انتفاضة الشعب الإيراني عن واجهة الوضع الحالي في إيران واراد أن يظهر بذلك أن الوضع في إيران يجري على الطريقة المعتادة. وهو حتى انسحب من خطابه السابق فيما يخص موضوع الانتفاضة الاخيرة واعطى علامة النجاح لسجل النظام الاسود في جميع المجالات. قال : ” في بلدنا حرية الفكر وحرية التعبير وحرية الاختيار موجودة و قد تم انجاز الكثير من الاعمال فيما يتعلق بباب العدالة والوضع في إيران افضل بكثير من الدول الاخرى. بلد يتمتع بالاستقلال ولاتوجد دولة اليوم تتمتع بالاستقلال بحجم إيران ولا يوجد أي شخص في الجمهورية الاسلامية يتعرض للملاحقة أو الضغوط بسبب كونه معارض بالفكر والرأي مع الحكومة و التباعد الطبقي في إيران قد تناقص كثيرا وقد تناقص من اكثر من ٥٠ بالمئة في الحكومة السابقة إلى اقل من ١٠ بالمئة اليوم ! ” .
تصريحات الولي الفقيه الحاكم في إيران تضاعف مئة مرة ضرورة استمرار الانتفاضة وازدياد شدة ضراوتها وانتشارها. وذلك لانه ليس في مقدور نظام الملالي الحاكم الاستجابة على شئ من مطالب الشعب الإيراني. الشعب الإيراني لم يندفع إلى الشوارع للسعي وراء تحقيق مطالبه ققط وانما انتفضوا من اجل اسقاط هذا النظام واستبداله بنظام شعبي الامر الذي اوقع خامنئي وملاليه برعب شديد في بداية العام الجديد. 
الخامنئي في خطابه لم يتطرق عامدا ذكر موضوع الانتفاضة. لانه كان في رعب من أن ينزل الشعب الإيراني في الايام الاولى من العام الجديد إلى الشوارع مرة اخرى. أظهر الشعب الإيراني في الخطوة الاولى لانتفاضتهم عدم شرعية نظام الملالي بشكل صحيح. وقد وصلت رسالة الشعب الإيراني إلى كل العالم. الشعب الإيراني لا يريد نظام الملالي هذا النظام الدكتاتوري و القمعي. و باسقاط نظام الملالي يريدون أن يضعوا بلدهم في مكانه الحقيقي في المجتمع البشري المعاصر. 
ولكن العام الإيراني الجديد في حديث السيدة مريم رجوي التي تمثل المقاومة الإيرانية هو عام الوحدة والتنظيم من اجل الوصول إلى الحرية والنصر. وقد اكدت في العام الجديد على استمرارية الانتفاضة مع التركيز على دور شباب الانتفاضة العظيمة في جميع انحاء إيران. 
اشاره السيدة رجوي هي لهؤلاء الشباب الذين لعبوا دورا خلابا في الخطوة الاولى للانتفاضة خلال الاشهر الثلاثة الماضية. هؤلاء الشباب في الحقيقة هم شتلات بذور زرعتها المقاومة الإيرانية ونمت بالدم والتضحيات في أرض إيران منذ اربعين عاما وسعى النظام في العقدين الماضيين لتغييبها عن طريق اتباع سناريوهات مختلفة في سجل القتل العام وجرائمه المرتكبة بحق الشعب والمعارضة الإيرانية. ومن هنا يعتبر نظام الملالي حضورهم النشط والفعال في مشهد الانتفاضة مؤشرا خطيرا جدا على بقائه .والان هذه القوى الشابة قد نظمت في مراكز للثورة وكل يوم تزداد اعداد هذه المراكز التي هي العمود الرئيسي للانتفاضة. 
وبناءا عليه فان بزوغ هذه البراعم وتنظيمها نحو توجيه الخطوات القادمة للانتفاضة لم يكن امرا عشوائيا. وكما أن لكل بناء (بنّاء) ولكل بستان (بستاني) فان لانتفاضة الشعب الإيراني واسقاط نظام الملالي الدكتاتوري ايضا استراتيجية واحدة ومخطط استراتيجي ماهر واحد استطاع من اجل البديل الديمقراطي الذي تأسس قبل ٣٦ عاما أن يوجد أذرعا فولاذية في قلب المجتمع الإيراني لاسقاط نظام الملالي. البديل الديمقراطي سيكون له اكبر وافضل امكانية وارضية للتحقيق في العام الإيراني الجديد. هذا ما قد ادركه جيدا زعيم الملالي قبل الجميع وهذا ما اعترف به في حديثه يوم الاحد ١٨ فبراير بان قوة الانتفاضة العظيمة على ثرى ارض إيران هي منظمة مجاهدي خلق وانها قد قامت بالتجهيز والدعوة لها قبل عدة اشهر. 
الان في العام الإيراني الجديد نرى ان النظام الديكتاتوري الحاكم يقف في اضعف النقاط. لايملك القدرة على الاستجابة لمطالب الشعب المعيشية ولايملك القدرة أن يقف في وجه الانتفاضة التي تتجه مطالبها نحو الاطاحة بالحكومة. هذه هو المأزق الذي يقع فيه النظام الذي هو سبب استمرار الانتفاضة من اجل اسقاط النظام. هذا النظام في نهاية عامه ال ٣٩ هو عبارة عن حكومة مشلولة ومفلسة بشكل كامل. وذلك لانه في هذا الوقت موائد طعام الناس خالية واموالهم ودمائهم مستباحة والحجاب مفروض عليهم بالاجبار والمواطن الإيراني محروم من ابسط مقومات الحياة الاساسية. في حين ان الاسلام يتعارض وبشدة مع كل هذه الجرائم. 
مريم رجوي في خطابها النوروزي للشعب الإيراني وللانتفاضة العظيمة قالت : ” نحن نمر في عام حاسم. هذا العام هو عام الالتزامات الكبيرة. حرية إيران هي امر متاح. الحصول عليها امر ممكن فقط بايدينا وارادتنا. ” وطالبت السيدة مريم رجوي دول العالم في العام الجديد : اخراج النظام من المنطقة و ايقاف البرنامج الصاروخي وبرنامج تخصيب اليورانيوم لنظام الملالي وأيضا قطع ايدي الملالي من النظام البنكي العالمي فورا و التخلي عن سياسياتهم الرثة والقديمة المتبعة في العقود الماضية والوقوف بجانب الشعب والمقاومة الإيرانية بحيث يتمكن الشعب الإيراني من الوفاء “بالتزام الكبير” في العام الجديد في أقرب وقت ممكن!
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
@m_abdorrahman

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…