قهرمان مرعان آغا
يبدو أن فريق الرئيس الأمريكي ترامب في طور اكتمال الدائرة مع تعيين السفير جون بولتون السياسي و الدبلوماسي و المحامي البارز، الذي شغل منصب ممثل الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن الدولي في عهد الرئيس جورج بوش الابن في الفترة (أغسطس/2005 ـ ديسمبر/ 2006)، صحيح أنَّ أمريكا هي دولة قائمة على المؤسسات ولكن، للأشخاص القائمين عليها أدوار مختلفة تبعاً لأسلوب إدارتهم وقوة شخصيتهم وقدرتهم على اتخاذ القرار من عدمه في تلك المؤسسات، بما يفيد تقدير مصالح بلادهم كقوة عظمى مؤثرة في القرار العالمي، وبالتأكيد وجود مثل هذه الشخصيات في مركز القرار يسهل قدرة الرئيس في اتخاذ ما يناسب بشأن معظم الملفات في الوقت المحدد وخاصة فيما يتعلق بالسلم العالمي و نشر قيم الحرية و الديمقراطية و مواجهة الطغاة، على اعتبارها تمثل زعامة العالم الحر، بعيداً عن الهيمنة ومصطلحات الإمبريالية العالمية التي لصقها الجانب الآخر من العالم الأيديولوجي الدكتاتوري في سياق سباق تبادل التهم التي لم تعد لها وجود بعد مرور عقدين من الألفية الثالثة ، حيث تغيَّر العالم .
جون بولتون ، أردوغان ، بوتين :
يعتبر بولتون أحد رموز التشدد من بين المحافظين وكان له دور مؤثر في سقوط نظام البعث الصدامي في العراق، نيسان /2003 من خلال تجاوز مجلس الأمن ، عندما وقف عائقاً أمام فرض الحلول بسبب ( الفيتو )، مثل الذي حصل للقضية السورية بسبب التعنت الروسي وتدخله المباشر في الحرب لصالح نظام الأسد في مواجهة الشعب السوري مما جعل من سوريا خلال سبع سنوات من الاحتراب ساحة مستباحة و مناطق نفوذ للقوى الدولية والإقليمية والتنظيمات الإرهابية المسلحة .
بماذا نفسر عدم استجابة (أردوغان /تركيا و بوتين/روسيا ) لـ قرار مجلس الأمن الدولي / 2401 / 24 فبراير/شباط 2018 بوقف القتال في سوريا و بالنتيجة احتلال منطقة كورداغ (عفرين) وسقوط الغوطة ، مقارنة مع توجهات المستشار جون بولتون عندما يدعوا إلى التصرف خارج أروقة الأمم المتحدة، عندما تستدعي الضرورة ذلك، وإذا كان الكثيرين يصفون السفير جون بولتون أنه يمثل الجانب المغامر في تنفيذ السياسات الخارجية الأمريكية ولديه نزعة التدخل العسكري المباشر والفعل الاستباقي، فماذا نسمي (بوتين و أردوغان) الذين يتواطئون مع ايران والنظام الأسدي في سوريا في قتل الشعب السوري ولا يخفي الأخير نزعته العنصرية في مواجهة تطلع الشعب الكوردي نحو الحرية والحل الفيدرالي لشكل الحكم في سوريا المستقبل، و يتبجح ليلاً نهاراً بالأمن القومي لبلاده ، متذرعا وجود مناصري حزب العمال الكوردستاني على حدود بلاده، الذين استقدمهم حليفه النظام الإيراني لصالح الموصى به النظام الأسدي. وإذا قارنا أناقة بوتين وأردوغان مع لامبالاة جون بولتون، من حيث المظهر، فإن الحقيقة الواضحة تتبدى في كارزميته أكثر من إخفاء الشر والإجرام في شخصية وسلوك الأولين، لهذا فإن أمثال هؤلاء و(معممي إيران) منتجي الدكتاتورية والإرهاب قد أصابهم التوجس و القلق من عودة ظهور بولتون المفاجئ ومن المفيد التذكير أنه يناصر حقوق الشعب الكوردي و يشيد بتجربة إقليم كوردستان للارتقاء نحو الاستقلال كواحة لنمو الديمقراطية والسلم الأهلي والتعايش المشترك في جوار إقليمي عنفي غير مستقر ، عنصري و طائفي مُستعِر .
بالتأكيد جون بولتون يعلم جيداً ما يريده الرئيس ترامب، لهذا فهما ليسا بحاجة إلى توافق ، ما دام تصريحاتهما تصبان في المغذى ذاته فيما يخص الاتفاق حول الملف النووي الإيراني و حسب المتوقع لن يمر شهر أيلول المقبل، موعد اللقاء بخصوص إنهاء الخلاف مع كوريا الشمالية، سواء سلباً أم إيجاباً، دون وضع إستراتيجية التخلص من النووي الإيراني ووضعه قيد التنفيذ والمواجهة ، الأولويات هنا مزدوجة تأتي بالتناوب المكاني و الزماني لأن حجم التهديد الأمريكي يفوق مجرد تعديل الاتفاق، بل إلى إلغائه .
لربما يكون الشرق الأوسط والأدنى على موعد حدوث زلزال الفعل المتأخر الذي سيحدثه قوة فريق الرئيس ترامب بعد غلق دائرته ، على جغرافية إيران يفوق بمقدار الضعفين مقياساً للرصد الجيولوجي الذي يحدثه عادةً الزلازل الطبيعية في إيران (الجمهورية الإسلامية) .
24/آذار/2018 .