مقايضات – مناطق النفوذ – على الدم السوري

* افتتاحية جريدة المساواة العدد 509
تزامن التصعيد العسكري للنظام وهجومه على الغوطة الشرقية بشكل عنيف مستخدما كافة أنواع الأسلحة إضافة إلى استهدافه لمناطق من ادلب وتوغله في أماكن تواجد الفصائل المسلحة بتلاوينها المختلفة هناك، مع انسحاب بعض هذه الفصائل من المواجهة وانتقالها إلى مؤازرة هجوم الجيش التركي على طول حدود منطقة عفرين المتاخمة لها وقصفه للقرى والبلدات الكردية مخلفة دماراً هائلاً وسقوطاً للمئات من المدنيين والجرحى وتوغله في بعض المناطق وتمركزه فيها ، الأمر الذي زاد من مصداقية ما ذهب إليه البعض عن مقايضات في ترتيب جغرافية مناطق النفوذ بين النظام وتركيا وغض طرف أو توافق مع روسيا وربما آخرين، وكشف زيف ما ساقتها تركيا عن تهديد أمنها القومي من قبل وحدات الحماية الشعبية لتبرير عدوانها وهي تتناول قرية تلو الأخرى في قصفها واستهدافها.
ولم يأت عدم التزام النظام من جهة وتركيا من جهة أخرى بقرار مجلس الأمن الدولي 2401 الذي طلب فيه من جميع الأطراف وقف العمليات العسكرية في جميع أنحاء سوريا باستثناء تلك الموجهة ضد المنظمات المصنفة بالإرهاب لدى مجلس الأمن كانتهاك للمبادئ والعهود الدولية فحسب بل اتخذت من القرار غطاءاً لتزيد من عملياتها التي حصدت المزيد من الأرواح , في حين لم يتجاوز رد الفعل الدولي إزاءها حدود الدهشة وقراءة الأرقام الجديدة لعدد الضحايا وحجم الدمار.
إن ما يحصل الآن – بعد هزيمة داعش أو تواريه على الأقل – من تحديد مناطق النفوذ من قبل القوى الفاعلة والمؤثرة يكشف وهم ما يسمى بالمناطق المحررة وإداراتها المؤقتة هنا وهناك ويفسر أيضاً التلكؤ في مسار الحل السياسي والعقبات التي تعترض مسار جنيف وتأجيل الفرص وتسويفها.
ومع هذه الجغرافية المتحركة تحاول تركيا تسويق ما تدعيه بغرب الفرات وشرقه في محاولة لتقطيع أوصال المناطق الكردية بشكل يعيد بها إلى الذاكرة الكردية التقسيم المشؤوم لكردستان أرضاً وشعباً , هذا المصطلح الذي يرفضه أبناء الشعب الكردي في تقسيمه ويؤكد أن القضية الكردية في سوريا وحدة متكاملة كتكوين قومي أولاً وجغرافي مع باقي المكونات التي تشكل النسيج الاجتماعي والوطني فيها ثانياً .وان الحلول المجتزأة لهذه المنطقة أو تلك لا تخدم الحل السياسي المنشود الذي يسعى إليه السوريون ويسعى إليه أبناء الشعب الكردي في بناء سوريا ديمقراطية اتحادية يقر دستورها الحقوق القومية للشعب الكردي وحقوق باقي المكونات على قدم المساواة.
* الجريدة المركزية لحزب المساواة الديمقراطي الكردي

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…