الائتلاف الوطني يجني ما زرعه! و المجلس الكردي يحصد السراب !

محمد خير بنكو

تشكل الائتلاف الوطني لقوى الثورة و المعارضة  في العاصمة  الدوحة في 11 تشرين الثاني لعام 2012  و انتخب الشيخ معاذ الخطيب رئيسا له . كان ذلك البداية التفاؤلية للمعارضة السورية التي ضمت في ذلك الوقت مجموعة من المعارضين بالإضافة إلى إخوان المسلمين و ممثلين عن إعلان دمشق و الحراك الثوري و الذين كانوا أغلبهم ممثلين في المجلس الوطني السوري آنذاك . بعد حوالي سنة تكللت الحوارات و اللقاءات بينه و بين المجلس الوطني الكوردي بالنجاح و انضم إليه المجلس الوطني الكوردي  ليعطي شرعية أكثر كونه أصبح الإطار الذي يشمل كافة مكونات الشعب السوري و الذي اعترف به أكثر من 120 دولة ، لكن لم يكن انضمام المجلس الوطني الكوردي إليه سهلا جوبه بالكثير من الاعتراض و الممانعة من قبل بعض الكتل و الشخصيات و لكن يبدو أنه كان انضمامه مقررا من الدول الداعمة و الراعية للائتلاف آنذاك و ذلك لإضفاء الشرعية له بإضافة تمثيل الشعب الكوردي. 
تنظيميا كانت تلك الفترة العصر الذهبي للائتلاف ، لكن سياسيا و عمليا ظل الائتلاف يفتقر إلى مشروع وطني يتضمن في طياته طموح ومصالح و حقوق كافة مكونات الشعب السوري فبدى مفككا تنظيميا و سياسيا، تنظيميا ظل مشغولا بالصراع على النفوذ و القيادة و استثمر جل وقته في التكتلات الانتخابية و لم يستطع ان يرتقي الى يبني مؤسسات لتوزيع المهام و سياسيا ظل يفتقر إلى المشروع السياسي الوطني الذي يلبي طموحات الشعب السوري من جهة و يزيل مخاوف المكونات القومية و الطائفية وباقي الأقليات من جهة أخرى، و كل ذلك كان السبب في الإخفاقات و التراجعات اللاحقة.كما أسلفنا قبل قليل كانت تلك المرحلة العصر الذهبي للائتلاف و تبلور ذلك واضحا من خلال النشاط الدبلوماسي الذي وصل إلى أن يلتقي معه و للمرة الوحيدة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الدعم المالي الوفير و كانت الذروة في جنيف 2014 حيث كان العمود الفقري والمكلف بتشكيل الوفد المفاوض كما استطاع أن يضغط على الأخضر الإبراهيمي و يلغي الدعوة الموجهة لإيران لحضور فعاليات مونترو حيث كان انتصارا سياسيا و دبلوماسيا في ذلك الوقت ، لكن هذا الإطار لم يستطع الاستمرار بنفس السوية فبدلا من أن يتطور و يتقدم نحوالمزيد من النجاح بدء يتراجع يوما بعد آخر و يدخل إلى المزيد من الصراعات التنظيمية و بدء التيار الإسلامي الأستلاء على أغلب مراكزالقرار و بالتالي تهميش الآخرين و زيادة الشرخ في صفوف هذا الإطار و التهرب من التزامات الائتلاف ومنها على سبيل المثال تم وضع الوثيقة الموقعة بين الائتلاف وا المجلس الوطني الكوردي على الرف و لم يتم تنفيذ أي بند من بنودها، و ظهر هذا التراجع جلياً في تعامل الدول معهم ( مصر الاردن قطر السعودية تركيا ) من قطع التمويل إلى عدم استقبال إلى منع الدخول إلى حجز الأعضاء في المطارات وكانت الصورة أوضح في جنيف 3 حيث التراجع في التمثيل و تشكيل كيان آخر في الرياض كإشارة واضحة على تراجع مكانته و اهتمام الدول به ولم يتوقف الموضوع عند ذاك الحد بل تراجعت الأصوات المعتدلة في الائتلاف أمام ازدياد نفوذ حزب إخوان المسلمين و التيارالإسلامي المتطرف فبدأت الاستقالات هنا و هناك و كان آخرها تيار المواطنة و النتيجة أصبحت واضحة اكثر في جنيف 4 حيث تراجع التمثيل بشكل ملحوظ لصالح الفصائل الاسلامية و الشخصيات الأقرب إلى النظام منها الى المعارضة و بذلك فقد الائتلاف دوره الريادي في تشكيل الوفد مقارنة مع الجولات السابقة و تلاها رياض حيث اصبح جزأً من مجموعة قوى تدعي المعارضة و لربما سيتوسل بعض الدول لتمثيله في المحافل الدولية القادمة.
كورديا  يمارس الائتلاف نفس الدور الذي مارسه دعاة الشيوعية و دعاة الإسلام في تأجيل كل ما يتعلق بقضية الشعب الكوردي كقضية شعب يعيش على أرضه التاريخية و له كل الحق في تقرير مصيره بنفسه حسب المواثيق و الأعراف الدولية و قوانين الأمم المتحدة . وكما يقال ذاب الثلج و بان المرج عندما كشرت تركيا عن انيابها و أعلنت الحرب على عفرين بحجة ب ك ك تسارع الائتلاف الى إصدار بيان بكل وقاحة يؤيد دخول جيش دولة جارة الى مدينة سورية و هو الذي اختبر الحرب و الدمار الذي يخلفه الحرب ، فلا توجد حرب نظيفة . يبدو ان الائتلاف إما نسي ما حصل لحمص و غيرها من المدن السورية جراء القصف و الحرب و إما انه يعلم ولكنه لا يأبه لان المدينة كردية و فيها يشفى غليل شوفينيتهم و عنصريتهم الكريهة. كانت عفرين آمنة و مأوى لآلاف السوريين الهاربين من جحيم الحرب لكن كرديتها لم يمنحها تعاطف الائتلاف. انه مبرر وقح و عذر أقبح من الذنب ألم تكن أغلب المدن تحت حكم الإرهابيين باختلاف أسمائهم و على رأسهم النظام لم نجد يوماً دافعت تركيا عن اية مدينة بشكل جدي رغم كل خطوطهم الحمر بدءاً من حلب . مارس الائتلاف الازدواجية فطالب و يطالب بوقف القصف في الغوطة رغم معرفته بوجود الفصائل الإرهابية فيها و يزور جبهات الارتزاق في أطراف عفرين مؤيداً و مصفقاً لدمار القرى و البلدات و تدمير المعالم الاثرية فيها، فأي عبر سياسي يمارسونه أليس حري بهم ( لو كانوا حقاً من أبناء سورية و غيورين على أهل سوريا دون تفرقة ) الم يكن حري بهم ان يطالب تركيا بعدم التدخل بحجة ب ك ك و حل مشكلتها مع ب ك ك بعيداً عنا ، لكن و للأسف ما زال يمارس اللف و الدوران و اللعب بالورقة الوطنية و يجد المبررات الفارغة لالهاء المجلس الوطني المريض و طمس الحقوق الكردية كما حصل في رياض ١ مسفيداً من وجود المجلس الى جانبه لاضفاء الشرعية الى وجوده و يمارس نفس الدور الذي يمارسه النظام البعثي مع حليفه ب ي د في مسألة اللعب على الوقت و الاستفادة من الوجود الكوردي الى جانبه حتى يقف على رجليه. 
همسة للمهتمين : ما يزال المجلس الوطني الكوردي يظن بأنه يكسب الشرعية من الائتلاف ناسياً بأنه هو من يعطي الشرعية للائتلاف فبدون تمثيل الشعب الكوردي لن يكون الائتلاف ذو شرعية .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري ‎‎‏ الشعوب بكل تعقيداتها وآمالها وتطلعاتها. وما القضية الكوردية إلا نموذج صارخ على معاناة شعب يناضل من أجل الاعتراف بهويته وحقوقه المشروعة على أرضه. منذ عقود، عانى الكورد من التهميش والإقصاء، حيث تم طمس هويتهم الثقافية ومنعهم من ممارسة حقوقهم الأساسية. لكن إرادة الشعوب لا تُكسر، بل تزداد قوة مع الظلم والقهر. إن القضية الكوردية تتجاوز كونها مجرد…

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…