هل تسمعون أصوات طقطقة عظام الدكتاتور ؟ نظرة الى مواقف خامنئي الاخيرة فيما يتعلق بانتفاضة الشعب الإيراني

عبدالرحمن مهابادي*
حسب شهادة التاريخ ففي كل مكان عندما يسمع الدكتاتور الحاكم في دولة ما اصوات معارضيه ويعترف بهذه الاصوات أو يقوم بتجهيز عدة سناريوهات غير متوقعة ضد رغبات ومطالب الشعب فان اصوات طقطقة عظامه يسمعها الدكتاتور نفسه قبل الجميع. 
إيران خاضت هذه التجربة اثناء فترة حكم الدكتاتور محمد رضا شاه بهلوي في شهر نوفمبر ١٩٧٨ وهذا قبل شهرين فقط من فراره خارج إيران حيث ألقى خطابا اعلن فيه للشعب الإيراني المنتفض قائلا: “لقد سمعت رسالة ثورتكم”
منذ وقت ليس ببعيد، على الرغم من السيناريوهات التي تأتي على وجه السرعة سقط نظام الشاه في ١١ فبراير من عام ١٩٧٩ على يد الشعب الإيراني لان ما كان قد كان والشعب الإيراني لم يكن ليرضى باقل من سقوط نظام الشاه. 
والآن، إذ نذكر بهذه التجربة من التاريخ الإيراني، دعونا ننظر إلى الانتفاضة الأخيرة للشعب الإيراني. في انتفاضة متناغمة ومنظمة في اكثر من ١٤٢ مدينة، لم تتردد أصوات مطالب الشعب الإيراني الاساسية المتركزة على اسقاط النظام الدكتاتوري لولاية الفقيه في انحاء إيران فقط بل جاب صداها كل انحاء العالم.  رؤوس النظام ومنهم المرشد الاعلى ورئيس جمهورية الملالي -اي علي خامنئي وحسن روحاني- في تلك الايام أشاروا الى العنوان الرئيسي لقيادة الانتفاضة الا وهو المقاومة الإيرانية الان هم يقولون “لقد سمعنا أصوات الشعب”.
ولكن مسؤولي النظام سعوا في الاسابيع الاخيرة عن طريق اتباع انواع مختلفة من السناريوهات بهدف اطفاء هذه الانتفاضة ولكن الانتفاضة الإيرانية لم ينطفئ بل دخلت مرحلة جديدة بحيث أزالت أي خلفية لبقاء هذا النظام.
الان في مثل هذا المسار الذي لا رجعة فيه، ففي يوم ١١ فبراير ٢٠١٨ اي بعد ٤٥ يوم فقط من بدء الانتفاضة الاخيرة أقدم روحاني على اجراء غير متوقع مستندا به على المادة ٥٩ من دستور نظام الملالي أراد اجراء الاستفتاء.
ولكن روحاني معروف في اوساط الشعب الإيراني المنتفض بغوغائيتة وجنونه وكما انه كان دائما في السجل الاسود ل ٣٩ عاما من حكم الملالي و أحد فقرات عمود النظام القمعي.
في ذاك اليوم وفي كلام فضفاض واضح منه أظهر نفسه بكل دجل كأنه عنصر معارض (!) للنظام اراد بذلك شراء المزيد من الوقت لبقاء النظام و حرف المطالب الاساسية للشعب الإيراني المتمحورة حول اسقاط نظام ولاية الفقيه وذلك عن طريق اتباع سناريوهات محروقة مثل (اجراء استفتاء). 
الان وبعد ما أصبح اسقاط النظام الدكتاتوري الحاكم في إيران المطلب الرئيسي للشعب الإيراني في انظار العالم، فإن أي سيناريو أو تصميم، إن وجد ومن أي طرف كان، لا يكون قائما على الإطاحة بالنظام الإيراني، فهو عمل خادع وسيلغى مسبقا من وجهة نظر الشعب الإيراني. 
لان هذا النظام في الاساس هو نظام غير شرعي ودستوره هو دستور معادي للانسانية ومعادي للاسلام ومعادي للحضارة الانسانية والديمقراطية. 
لكن ما هو اكثر من محاولات روحاني البلهاء والتي تظهر بوضوح تكسر عظام نظام الملالي هي تصريحات علي خامنئي الولي الفقيه للملالي الحاكمين في إيران.  ففي يوم الاحد ١٨ فبراير ٢٠١٨ بسبب خشيته من استمرار الانتفاضة الشعبية العارمة والغاضبة قال : ” نحن متخلفون جدا في موضوع العدالة ، وليس هناك شك في ذلك ابدا ، نحن انفسنا نعترف بان لدينا مشكلة في موضوع العدالة ، ويجب أن نعتذر الى الله سبحانه وتعالى والى شعبنا العزيز”. 
فاذا كان سماع اصوات الشعب المنتفض من قبل الدكتاتور السابق (اي الشاه عندما قال “لقد سمعت رساله ثورتكم “) في عام ١٩٧٨ مكنه من تجنب سقوط نظامه فعندها لابد من أن اعتذار خامنئي سيمكنه من انقاذ النظام الدكتاتوري لولاية الفقيه من السقوط.  ولكن هذا لم يحدث ولن يحدث.
والحقيقة هي : أن إيران في ظل حكم الملالي وكل هذه الصراعات والمعارك بين الاجنحة والفصائل في داخل هذا النظام لا علاقة لها بالشعب الإيراني.  ان كلا من الجناحين الحاكمين كان له دور جدي وفعال في السجل الاسود ل ٣٩ عاما من حكم الملالي واياديهم ملطخة حتى المرافق في سرقة ونهب أموال الشعب الإيراني وفي انتهاك حقوق الانسان والارهاب وتصدير التطرف والاصولية والتدخل في امور الدول الاخرى وقتل شعوب المنطقة ولهذا السبب فان ابرز واعمق الشعارات التي نادى بها الشعب الإيراني في الانتفاضة الاخيرة هي ” أيها الاصلاحي وأيها المحافظ لقد انتهى الأمر” والان لا اعتذار خامنئي ولا استفتاء روحاني سيداوي ألم هذا النظام واسقاط كامل هذا النظام يلوح في الأفق و عاجلا غير آجل سيشهد سكان العالم كيف ستركع أعظم دكتاتورية عرفها القرن على ركبتيها وتأول للسقوط.
لذالك فقط للتسجيل في التاريخ ومن اجل اي شخص يملك ذرة من الغموض حول غباء وخداع (اعتذار) و (استفتاء) قادة هذا النظام يجب أن يقال : هؤلاء الجناة والمجرمون -أي خامنئي وروحاني وبقية قادة هذا النظام – لو كانوا يقولون الحقيقة ولو ليوم واحد فقط ليوقفوا كل عمليات الاعتقال والتعذيب والاعدام والذبح والارهاب والتدخل في شؤون الاخرين حينها سوف يرون كيف يتمكن الشعب الإيراني من أن يكنس كل اركان هذا النظام ويلقيهم في مزابل التاريخ.
الشعب الإيراني قال كلمته الأخيرة في الانتفاضة الأخيرة وفي شوارع إيران:  هذا النظام يجب أن يرحل! 
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
abdorrahman.m@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…