عفرين فخ الذئاب

الأمازيغي: يوسف بويحيى
كل من يتمنى سقوط عفرين في يد الجيش التركي فهو واهم و لا يفهم في السياسة و أبعادها الفكرية إلا ما يفهم الفخار في تجارة الحرير ،حيث قبل هذا قال الرئيس المصري “انور السادات” بأن أي ثورة في سوريا هي رسالة واضحة إلى تركيا.
إن ما يجري في عفرين هو عدوان تركي في حق الشعب الكوردي بغض النظر عن كل الأسباب المأخودة كذرائع لهذا الحرب الغير المشروعة ، لكن من جهة أخرى من منظور فكري و عقائدي و سياسي تبقى قضية عفرين فقط طعم لإصطياد تركيا في مستنقع حرب لامتناهية ،علما أن المخططات السياسية للدول الكبرى في الشرق الأوسط تعتمد على حساسية القضية الكوردية و الشعب الكوردي حافزا لمشاريعها ،هذا الشيء الذي لم يستغله قادة و ساسة الكورد لصالح شعبهم و قضيتهم بشكل إيجابي بٱستثناء القلة القليلة كقاضي محمد و مصطفى البارزاني و الإبن مسعود بارزاني.
إن مخطط تركيا في التوسع على حساب عفرين يدخل في مخطط إعادة مجد الإمبراطورية العثمانية الإسلامية ،حيث تهدف إلى إقتطاع عفرين و مايليها و إلحاقها إلى جغرافية تركيا و تشريعها كمناطق تركية عن طريق البرلمان التركي ،كما أنها تهدف إلى قطع الطريق أمام الكورد لعدم وصولهم البحر كمخاوف إسترتيجية و حماية العمق التركي من الزلزال الكوردي.
إن المخطط التركي مرفوض قطعا من طرف امريكا و إسرائيل و إيران و روسيا لأسباب فكرية و عقائدية ،لكن كل ما يلاحظ على الساحة يبقى بمثابة اللعب فقط على أوتار السياسة و الإقتصاد ،كدليل على هذا يكفي التمعن فقط في حرب داعش التوسعية التي تم صنعها من طرف تركيا بدعم الدول العربية السنية حيث إنتهت داعش و لم تستفد تركيا و لا اي دولة عربية من ذلك ،لسبب واحد هو أن امريكا و اروبا و إسرائيل و إيران لن يسمحوا أبدا بالتوسع العربي و السني بشكل عام.
عفرين لن تسقط أبدا أولا لمقاومة أهلها ،ثانيا لأن أمريكا بدورها لن تسمح لتركيا أبدا بالتقدم شبرا واحدا عن حدودها داخل عفرين كون الإدارة الأمريكية تعلمت الكثير و خسرت إمتيازات عدة عندما سمحت للحشد الشعبي بإحتلال كركوك.
أمريكا و روسيا أعطوا الضوء لتركيا فقط لتوريطها ،لأن الجميع يعلمون أنها حرب خاسرة للطرف التركي و النتائج توضح ذلك بالملموس ،علما أن حرب عفرين هي فقط بداية لمؤامرة دولية ضد تركيا و المستقبل يحمل توقعات كارثية للنظام التركي ،بداية لتمرير شرارة الأزمة و الثورة داخل تركيا مع العلم أن حساسية القضية الكوردية ستكون حافزا لكل المخططات.
إن قضية عفرين أثبتت ان الشرق الأوسط مازال في بداية لهيبه ،و ان الحرب الثانية بعد حرب داعش الأولى لم تبتدئ بعد ،بداية من العراق إلى سوريا إلى اليمن….إلى تركيا ،كل ما يجري في عفرين على يد الجيش التركي فقط هي فتنة إيرانية مع غمزة امريكية روسية ستفهم معانيها لأردوغان لاحقا.
من جهة أخرى للمعرفة فقط ففي إنتفاضة إيران كانت بمثابة لي الأذرع و ليس لإسقاط نظام ولاية الفقيه ،لأن أمريكا و أروبا و حتى إيران كل إهتماماتهم إسقاط تركيا اولا لأسباب جغرافية و فكرية و عقائدية ،لذلك كل الأعين موجهة إلى تركيا عاجلا أم آجلا.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…