لتكون عفرين ملحمة الصمود

 افتتاحية جريدة المساواة العدد 508 *
في ظل جغرافية تعدد مناطق النفوذ على مساحة سوريا، بقيت عفرين الكردية منطقة رمادية ربما لخصوصيتها القومية والجغرافية لتدخل في إعادة ترتيب التموضعات في هذه المناطق والمساومات التي ستحصل  لاحقا مثلما حصلت كما رآها المراقبون ، بين حلب ومنطقة الباب لتكون هذه المرة بين مناطق من ادلب وعفرين  التي ارَّقت بخصوصيتها الدولة التركية وزادت من حساسيتها أيضا استحواذ pyd  إدارتها بلونه وإيديولوجيته الأمر الذي اتخذتها تركيا ذريعة لتزيل رمادية عفرين وتدخلها بالقوة تعويضا لها عن خسارتها في ما استحوذ عليه من نفوذ اضعف واقل من بين المزاحمين الآخرين رغم ما ترى في نفسها من دور في المعادلة السورية وذلك أمام غض الطرف والتسويف من الفرقاء الآخرين ،
 فروسيا الاتحادية سحبت قواتها المتمركزة في نقاط هناك وأمريكا التي استقوت بها قوات قسد كحليف لها وحاربت وطردت داعش تحت رايتها من الرقة ودير الزور .نأت بنفسها بلغة الترقب وضبط النفس ، وبين هذا وذاك علت أصوات المدافع وهدير الطائرات واحترقت حقول الزيتون وسقط شهداء كثر .جلهم من المدنيين وتهدمت القرى والقصبات وزاد المشهد السياسي تعقيدا بمشاركة فصائل عسكرية محسوبة على المعارضة تخلت عن مهامها الأساسية في مقارعة النظام لتواجه أبناء بلدها ببندقية فقدت هويتها.
إن تركيا بغزوها هذا تحاول أن تفرض نفسها طرفا مهما في خريطة التوازنات وجغرافية النفوذ وتحاول أن تقطع أوصال المناطق الكردية وتجعل كل منها تحت مرمى تهديداته المستمرة وتجعل من الكيان الكردي الذي تزعمه هاجسا لتبرير ما تفعله والأنكى من ذلك تهديدها بتوطين ملايين اللاجئين السوريين لديها في هذه المنطقة لتغيير ديمغرافيتها .
لم يعد بالإمكان تجاهل حقيقة ما أصبحت إليه الأمور على الساحة السورية من إن أي تحرك أو تغيير لا يكون بعيدا عن التوافقات أو التفاهمات بهذا القدر أو ذاك بين القوى التي تواجدت على الأرض وتتحكم بمناطق النفوذ ، وان حصلت بعض الأشكال هنا وهناك . وعليه فإن الحكمة السياسية تقتضي عدم المراهنة على تباين مواقف هذه القوى، وضرورة فهم طبيعة هذا التباين بمنطق المصالح الإستراتيجية لها.وإذا كان مقاومة العدوان والدفاع عن الأرض والعرض حق مقدس لم يبخل الكرد يوما في تقديم قوافل الشهداء ويمتلكون إرثا كبيرا من التضحيات ودروسا يعتبرون منها . فإن ما يعاد تلاوته كآية ، من ضرورة وحدة الموقف والصف الكرديين وتوفير المناخ لذلك، ووحدة القرار وعدم الاستفراد به دروس يجب الالتزام والعمل بها من اجل أن تكون عفرين ملحمة الصمود لدحر من يستهدفون أبناء الشعب الكردي وحريته.
* الجريدة المركزية لحزب المساواة الديمقراطي الكردي

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…