الأمازيغي: يوسف بويحيى
لا تناقش شخصية المرء لأنك لن تعرفها أبدا ،فقط إقرأ له فكرته التي هي بحوزتك ،أخاطب من له عقل سديد ان يفرز معاني الحروف ،نبتغي من خلالها معرفة الحق و قوله ،فمن لا يركض وراء الحقيقة لن يصل إلى معنى الوجود و الحياة ،وتحمل الحقيقة بمرارتها و إنعكاسها على خلفياتنا السابقة نضج و بداية لرؤية أبعد و أعمق.
تقزيم القلم في منظومة البارزانية و الأوجلانية آفة بالنسبة لمن يرى نفسه مثقفا ،تماشيا مع حقيقة الواقع فالبارزاني أفق لا يمكن تجاوزه كرديا ،كذلك أوجلان زعيم كوردي لا يمكن نسيانه و نكرانه ،لكن ماذا بعد؟؟ ،أليس من حق العقل الإنساني إنتقاد فكرة حزب أو تيار أو حركة!! ،كما يحق لنفس العقل أن يؤمن ببعض الأفكار لنفس الحزب و الحركة و التيار!! ،أم أن هذه المعادلة كتب عليها حل واحد هو إما أن نؤمن بالكل أو نكفر بالكل!! ،هل أصبح كل من مارس النقد عرضة للتقزيم و الإختزال في بوتقة معينة ضيقة لا تليق بفعل شساعة القضية الكوردية!!.
القضية الكوردية ليست بارزاني و ليست أوجلان ،بل هي تاريخ و جغرافية و ثقافة لشعب كوردي مضطهد ،قلت التاريخ لأن أي مشروع شعب إن لم ينبني على التاريخ فنهايته الزوال ،و إن لم يكن المشروع على حدود جغرافية تاريخية حقيقية فأكيد نتيجته التفكك ،جل الأمبراطوريات إنهارت لعدم توافق تاريخها و طموحاتها الجغرافية.
الحياة نسبية و الإنسان نسبي الوجود و التفكير و الإحساس ،لذلك فمهما كانت الفكرة مطلقة فالعقل يراها نسبية ،وجود الله يبقى وجودا أزليا للمؤمن ،لكن أحيانا ما يرتبك ذلك اليقين شكا إذا حكر العقل في التنقيب على أصل الله ،كذلك ينطبق على أي فكرة نؤمن بها و نناقضها مع الوقت لأسباب مخلوقة فينا بفعل الشك و المنطق.
النهج البارزاني أراه يتبنى ثقافة الإعتدال و الوسطية التي يمتاز بها الشعب الكوردي ،بالإعتماد على التاريخ و الجغرافية لنسج خيوط المشروع بما لا يعاكس اي ركن أساسي لذلك ،زيادة إلى الفلسفة التي يتبناها تجد نفسها في عقلية و نفسية الشعب الكوردي.
مفهوم القومية لدى النهج البارزاني مداها يمكن فهمه فقط من خلال الواقع المعاش في إقليم باشور مع كل القوميات المختلفة ،لذلك فآفة النهج القومي لا يكمن في الوعي به بل في التطرف و التعصب له (النازية،الفاشية…) ،لذلك فالنهج البارزاني لا ينكر قوميته الكوردية المقيدة بالتاريخ و الجغرافية ،كما أنه لا يسعى لفرضها على غيره المختلف سواء في كوردستان او خارجه ،لهذا فلسفة أل بارزاني لا يمكن أبدا إتهامها بالرجعية لأنها تمشي وفق ما ينبع من الذات.
النهج الأوجلاني يتبنى الفلسفة الستالينية و ليس الماركسية اللينينية هذه الأخيرة لا تختلف و لا تفسد في قضية الكورد شيئا لأنها علمية النظرة و التطبيق ،عكس الأولى تعتمد منطق الشمولية و التطبيع…،فقط في حالة تم نقض مفهوم التاريخ و الجغرافية و القومية من المنظور الستاليني فأكيد لن يحدث هناك اي صدام فكري و سياسي بين القومي و الشيوعي ،بلا إفراط و لا تفريط فنهج تحرير الشعب يستلزم الإيمان و ترسيخ ثقافته الأم في كل مرافق الحياة ،و إنكارها هي بداية طمس الذات.
تواجد ألاف المعتقلين الكورد في سجون ذوي التوجه الستاليني فقط بسبب الإختلاف دليل على أن هذا الفكر لا يصلح لحياة شعب يطمح إلى الحرية مادام أن الكوردي يعتقل به ،كما أن تخلي البعض عن مرجعية التاريخ و الجغرافية كأسس تنبني عليها عمليات التحرير بمثابة قفزة مجهولة لن تفي بالغرض أبدا.
لكل قضية خلافاتها و إختلافاتها لكن يبقى المشروع المنبثق من ارض و ثقافة الشعب هو الأجذر لنيل رضا العقل الإنساني في الأخير.