لماذا تم إعدام كل هؤلاء؟

بقلم: المحامي عبد المجيد محمد 
Abl.majeed.m@gmail.com
إن نظام الملالي المعادي للإنسانية والبشرية، مع استمرار عمليات الإعدام، ولا سيما إعدام الأحداث والمراهقين والنساء، ونشر مناخ الخوف والذعر، یحاول من أجل مواجهة الانتفاضة الشعبية التي هزت ركائز حكم الملالي. 
وفي 28 يناير / كانون الثاني، أعدم سجينان في سجن أروميه المركزي. وفي 30 كانون الثاني / يناير، شنق علي كاظمي، شاب يبلغ من العمر 22 عاما اعتقل في الخامسة عشرة من عمره، في السجن المركزي في مدينة بوشهر (جنوب إیران). 
وفي اليوم نفسه، أعدمت امرأة شابة كانت سجينة في سجن نوشهر (شمال إیران) بعد أربع سنوات من السجن. وقبل ثلاثة أسابيع، أعدم أمير حسين جعفربور، الذي كان يبلغ من العمر 16 عاما وقت ارتكاب الجريمة، في سجن غوهردشت. 
وأصدرت منظمة العفو الدولية بيانا يدين بشدة فيه وفاة علي كاظمي. وجاء في البيان: 
يعتبر إعدام السيد كاظمي “انتهاكا كاملا لحقوق الطفل، وهذا ما يؤكده أيضا القانون الدولي؛ والقوانين التي تطالب صراحة برفض تنفيذ أحكام الإعدام بحق المتهمين بارتكاب جريمة دون سن الثامنة عشرة”. 
نظام ولاية الفقيه يملك أعلى معدل إحصاء لعمليات الإعدام في العالم بالنسبة لعدد السكان. وقد انتقدت منظمات حقوق الإنسان دوما النظام من أجل الانتهاكات المنتظمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات الإعدام والقتل الجماعي خارج نطاق القانون وخارج نطاق القضاء، وقد أدانت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا النظام 64 مرة. 
إن النظام الاستبدادي الديني الذي يحكم إیران ومن أجل البقاء في السلطة وخوفا من الإطاحة به فقط في صيف عام 1988، في إجراء لا سابقة له وفي عمل غير مشروع وغير قانوني وفي انتهاك للبروتوكولات المعتادة للإجراءات القضائية وإجراءات المحاكمة العادلة، قتل ٣٠ الفا من السجناء السياسيين المجاهدين. 
إن هذا الفعل هو بلا أي ترديد احد الأمثلة المؤكدة و دليل واضح على جرائم النظام ضد الإنسانية. 
السؤال هنا ألا يعلم هذا النظام أنه سيصبح منبوذا ومعزولا عن طريق كل هذه الإعدامات من وجهة نظر سياسية ومن وجهة نظر الرأي العام الداخلي والدولي ؟؟ 
والجواب هو أن نعم يعرف، ومن أجل هذه المعرفة يدفع الثمن من وجهة نظر سياسية. 
في نظام ولاية الفقيه، تنفيذ عقوبات الإعدام العشوائية دون قيد أو شرط وباستمرار هو أمر لابد منه،  وإذا تخلى النظام عن هذا السلاح واذا فقد الشعب المعترض شعور الخوف من عمليات الاعتقال والإعدام، فإن هذا النظام لن يكون قادرا على الاستجابة للمطالب السياسية للشعب. 
والواقع أن عمليات الإعدام هذه ما هو الا وسيلة لتوسيع القمع والاضطهاد وأحد أدوات الحكومة الرئيسية من أجل الحفاظ على بقاء ولاية الفقيه. 
وأثبتت الانتفاضة الأخيرة للشعب الإیراني في مدن مختلفة صوابية حديث وتصريحات المقاومة الإیرانية حول أن عمليات الإعدام هذه ليست نوعا من أنواع العقوبات وإنما وسيلة للتخويف والقمع لتكثيف الاضطهاد والحفاظ على السلطة. 
إن المقاومة الإیرانية أشارت دائما إلى أن بقاء حكم ولاية الفقيه يقوم على أساسين اثنين ألا وهما: 
الأول هو القمع الداخلي والثاني هو تصدير الأزمات وحماية الإرهاب، وإذا ما تم سحب هذين السلاحين من يد هذا النظام الفاشي فلن يكون بمقدوره الاستمرار في الحكم وسيكون آيلا للسقوط في اي وقت. 
إن شعب إیران، وعلى لسان متحدثيه، طالب دائما من بلدان العالم، ولا سيما البلدان الأوروبية، التي هي من الشركاء التجاريين الرئيسيين للنظام وتتعامل معه، أن تجعل علاقتها مع النظام رهنا باحترام حقوق الإنسان، بما في ذلك التخلي عن عقوبة الإعدام. 
ومن بين عمليات الإعدام التي ینفذها نظام الملالي، والتي هي أكثر الأعمال وحشية هي إعدام الأحداث المراهقين والشباب والنساء. 
والسبب وراء عمليات الإعدام هذه هو خوف النظام من الإمكانيات والطاقة الكامنة الهائلة التي يمتلكها الشباب والنساء في المجتمع الإیراني. 
وفي ردود مختلفة للنظام على الانتفاضة في الأيام الأخيرة من كانون الأول / ديسمبر الماضي، وفي كانون الثاني / يناير من هذا العام. 
أقرت عناصر مفصلیة حكومية مختلفة بأن القوة الدافعة الرئيسية للمظاهرات كانت في مدن مختلفة من الشباب والنساء. 
واعترف نائب قوات الحرس للشؤون السياسية بأن أكثر من 80٪ من المعتقلين تقل أعمارهم عن 30 عاما. 
كما اعترف معظم ائمة الجمعة فى صلاة الجمعة بان “متزعمي المشهد ومطلقي الشعارات الرئيسيين” في مظاهرات الشوارع معظمهم كان من النساء والشباب. 
عمليات إعدام نظام الملالي ليست موضع كراهية واشمئزاز الداخل فقط بل من وجهة نظر دولية فهي عمليات باطلة ومشينة جدا لأنه ينتهك الاتفاقيات والأعراف الدولية والقوانين الدولية، بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل. 
وأي علاقة مع النظام الحاكم في إیران يجب أن تكون مشروطة بتحسين حالة حقوق الإنسان في إیران، ولا سيما وقف عمليات الإعدام والإفراج عن المعتقلين. إن استمرار التعامل مع هذا النظام هو بمثابة استمرار تزويد وقود الاحتراق الى آلة القمع والتعذيب والقتل وتشديد حبل الخناق حول عنق الشعب الإیراني. 
ومن هنا يتطلب من جميع البلدان، وخاصة البلدان العربية في المنطقة، أن تقف إلى جانب المقاومة والشعب الإیراني، وعدم السماح لهذا النظام الفاشي والمنتهك لحقوق الإنسان بمواصلة حياته المشينة هذه. إن الإطاحة بنظام الطاغية هذا هو أمر متاح، وبالتأكيد سيتحقق من خلال دعم مقاومة الشعب الإیراني.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…