زاكروس عثمان
بعد المقاومة الاسطورية لثوار وحدات حماية المرأة والشعب YPG û YPJ للغزو الاستعماري التركي- الارهابي لكانتون عفرين فكرت في معركة شبيهة لها في التاريخ الحديث فلم اجد اقرب إليها من معركة ديان بيان فو في فيتنام وقبل الحديث عن التشابه بين ديان بيان فو فيتنام وديان بيان فو كوردستان اقدم تعريف وجيز لمعركة ديان بيان فو فيتنام.
قبل قدوم الامريكيين الى الهند- الصينية كانت معظم بلدانها خاضعة للسيطرة الفرنسية ونتيجة الحروب و الاوضاع المعقدة فيها سميت قوس الأزمات.
وكانت المقاومة الفيتنامية بقيادة الحزب الشيوعي(جبهة فييت مينه) اعلنت الثورة المسلحة ضد القوات الفرنسية لتحرير بلادها ونيل حق تقرير المصير
وخاض ثوار فيتنام مواجهات عنيفة ضد الفرنسيين ولكن القيادة الفيتنامية توصلت الى قناعة انه لا يمكن كسب الحرب ما لم يتم دحر الجيش الفرنسي في منطقة “قرية” ديان بيان فو وكان الفرنسيون في 1953 اسسوا قاعدة لجيشهم حول القرية التي تقع في شمال غربي ڤيتنام وتحولت الى مركز ثقل التواجد العسكري الفرنسي في فيتنام وكذلك في الهند- الصينية خاصة انها احتوت مطار حربي وكان غرض الفرنسيين من بناء القاعدة في بيان ديان فو هو تعطيل حركة قوات الثوار الفيتناميين، وعلى ضؤ ذلك قرر الفيتناميون خوض معركة مصيرية وتم التخطيط والاستعداد لها وبدات أحداث المعركة في مارس 1954، حيث شنَّ حوالي 50,000 مقاتل ڤيتنامي هجومًا على القوات الفرنسية في القاعدة وعددهم يزيد على 10,000 جندي، وتمكن الفيتناميين سريعًا من تدمير مطار ديان بيان فو لقطع خطوط الإمداد عن القوات الفرنسية تاركينهم بدون مؤن كافية، وقاوم الفرنسيون على الرغم من قلة عددهم الهجوم الفيتنامي لمدة 56 يومًا، ولكنهم أُجبروا على الاستسلام في 7 مايو 1954، وانتهى القتال واسفرت المعركة عن نتائج تركت تاثيرا كبيرا في الوضع الدولي، ولهذا اصبحت مادة دسمة درسها الخبراء العسكريون بغية الاستفادة من براعة القيادة العسكرية الفيتنامية في التخطيط للمعركة، ويقول الباحثون الذين تناولوا هذه المعركة أن الجانب الفرنسي أراد استدراج القوات الفيتنامية الى تلك المنطقة التي تضم حامية ضخمة من حيث الحجم والتسليح الحديث، ولكن الجنرال الفيتنامي نجوين جياب حشد قوات متفوقة في العدد وفي الروح المعنوية حول التلال المحيطة بالمنطقة واستعان بعنصر الطبيعة المحيطة من اشجار كثيفة ومناطق وعرة في اخفاء قواته وسلاحه وهو ما ادى الي تضليل الغارات الجوية الفرنسية، وعندما بدأت المعركة وجدت القوات الفرنسية نفسها محاصرة، ومع تعذر الحصول علي امدادات عن طريق البر لجأت فرنسا إلى انزال مظليين عن طريق الجو و هو الاسلوب الوحيد الذي توفر لها لنقل الامدادات، وعندها خرجت المدافع المضادة للطائرات من مخابئها لتحصد الطائرات والمظليين وتضيق الخناق على القوات الفرنسية، واتسم التكتيك الفيتنامي بالتحول من قتال سريع لتحقيق نصر سريع الى قتال بثبات لتحقيق تقدم ثابت.
وتعتبر معركة ديان بيان فو التي وقعت عام1954 من أهم المعارك العسكرية في القرن الـ20 نتيجة لما ادت اليه من نتائج سياسية انعكست آثارها علي ساحة العلاقات الدولية واستمر تأثيرها حتى اليوم فقد تخلت القوات الأمريكية عن فرنسا في فيتنام ثم تدخلت في المنطقة عسكريا وسياسيا في عام 1964 ، وكان من النتائج المباشرة لتلك المعركة ان انهت فرنسا استعمارها لفيتنام ولمنطقة الهند الصينية باسرها حيث نالت بلدانها الاستقلال.
حسب المعطيات الميدانية من اليوم ال1 الى اليوم ال 6 من العدوان التركي- الارهابي على عفرين تؤكد وسائل إعلام شبه محايدة او موالية للتحالف الارهابي ان الغزاة من الجيش التركي ومرتزقة الجيش التركسوري الارهابي والفصائل الارهابية الدولية عجزت عن كسر صمود YPG وفشلت في إحراز اي تقدم في ارض عفرين وليس هذا فحسب بل الطامة الكبرى ان سلطان الارهاب الدولي اردوغان يكاد يصاب بسكتة قلبية جراء الخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي يتكبدها جنوده حيث اثبت له المقاتلون الكورد انهم من قبل صادوا ضباعه القذرة في كوباني والجزيرة والرقة ولا اسهل عليهم من القبض على ثعالبه المخنثة، اردوغان مذعور من التكتيك العسكري الذي يتبعه قادة السباع الكورد والمسكين يتلقى صدمة تلو صدمة من المفاجأت التي تخرج له من باطن الارض والتي تسحق مزيدا من ثعالب العثمانلي وبات اردوغان قلق على مصيره خشية لبوات YPJ ان يضعن غصن من كل شجرة زيتون في دبره ، هذا التكتيك القتالي يذكرنا بالجنرال الفيتنامي الفذ، والروح المعنوية العالية للمقاتل الكوردي تجسد الروح القتالية للثوار الفيتناميين، كما ان عنصر المفاجئة والتسبب بصدمة لقادة العدو وجنوده وضباطه متوفر لدى مقاومة عفرين كما توفرت في معركة ديان بيان فو.
بقي ان نذكر ان ثوار فيتنام تفوقوا عدديا على الجنود الفرنسيين وانهم تلقوا دعم عسكري وغطاء سياسي- دبلوماسي من موسكو وبكين، فيما الثوار الكورد في عفرين اقل بكثير من عدد قوات التحالف الارهابي” جنود اتراك . مرتزقة الجيش التركسوري. مجاميع ارهابية سورية واجنبية” ما مجموعهم يفوق 40 الف ارهابي من ضمنهم جنود ثاني اكبر جيش في حلف النيتو، إضافة الى دعم روسي وبريطاني وصمت اوروبي وشلل امريكي، وفي هذه الناحية فان مقاومة عفرين تتفوق على ثوار فيتنام كون المقاتل الكوردي وحيدا يخوض معركة ضد تحالف شرير وبنفس الوقت يخوض معركة سياسية ضد مخططات عواصم اقليمية تقف خلفها عواصم دولية، بمعنى آخر المقاومة البطولية لا تحارب ارهاب الدولة التركية فحسب بل كذلك تحارب تحالف دولي نذل وقذر مصالحه تدفعه الى الوقوف خلف الدول المحتلة لكوردستان ولهذا فان المقاومة في عفرين تستحق ان تسمى مقاومة العصر.
ومع ذلك ما زالت حفنة قذرة فاسدة من السياسيين الكورد يعادون قيادة هذه المقاومة العظيمة حيث موقفهم العملي من حزب الاتحاد الديمقراطي PYD نسخة من الموقف التركي.