كوهْدرز تمر
خيبة أمل أردوغان في حلفائه الغربيين بعد إسقاط الطائرة الروسية و بعد اعتماد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية شريكة تركيا في حلف الناتو بالاعتماد على وحدات حماية الشعب الكوردية في محاربة تنظيم داعش الإرهابي ، و تطوير تلك القوات إلى قوات سوريا الديمقراطية و دعمها أمريكياً ، دفعت بالرئيس التركي إلى تغيير استراتيجية تركيا لثلاثة أرباع قرن و التقارب مع روسيا خصم الناتو ، و شراء منظومة الدفاع الصاروخية من روسيا و شراكتها في إدارة الملف السوري عبر مؤتمرات الآستانة وسوتشي مع إيران دلائل واضحة .
و بعد ست سنوات من سيطرة وحدات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي (جناح العمال الكوردستاني في سوريا) الذي تعتبره تركيا إرهابيا ، بدأت بالتهديد و الوعيد و اجتياح منطقة عفرين الكوردية الخاصرة الرخوة للاتحاد الديمقراطي و الكورد في كوردستان سوريا ، المنطقة التي تقع في زاوية يحدها تركيا من الشمال و الغرب ، و تحدها إعزاز التي تسيطر عليها كتائب تابعة لتركيا من الشرق و أخرى مع جبهة النصرة في الجنوب الغربي مع شريط ضيق يوصلها بمناطق النظام في حلب و بمنطقة منبج التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية نفسها .
و لأن روسيا هي التي تسيطر عملياً و تركّز جلّ اهتمامها على غربي الفرات فالرئيس التركي مطمئن البال من قبول الحليف الجديد لعمليته العسكرية في هذه المنطقة ، عكس شرقي الفرات من كوباني الى نهر دجلة وحدود إقليم كوردستان حيث التركيز و التواجد الأمريكيان و خمس قواعد عسكرية و مساحة شاسعة و حدود طويلة .
روسيا التي تمتلك قوة عسكرية في عفرين لم ترفض الى الان التحضيرات التركية و القصف المدفعي على عفرين ، و ايران عبر رئيسها حسن روحاني عبر عن تفهمه للمخاوف التركية و امتعاضها من قوة الحدود التي تزعم أمريكياً إنشاءها بالاعتماد على الوحدات الكوردية ، في لقائه مع رئيس برلمان النظام السوري أول أمس .
أما نظام الأسد المأمور إيرانياً روسياً فقد صرّح عبر نائب وزير خارجيته المقداد مهدداً بإسقاط أي طائرة تركية و كأنّ مضاداته الأرضية منتشرة في كل سوريا أو أنه سبق و أسقط طائرات إسرائيلية أو تركية أو أمريكية تجوب و تقصف منذ سنين ، و هو بالتالي تصريح عابر و لكسب عواطف الكورد و إظهار حرصه على سوريا و أرضها ليس الا ، و حينما تقرر إيران و روسيا فليس أمامه سوى الطاعة ، و ليس مخفياً على أحد ذلك .
كذلك المعارضة المتمثلة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة و المعارضة السورية و الذي يتخذ من استنبول مقراً له و يدار من قبل تركيا و قطر بات يصفق للحرب التركية على عفرين الكوردية السورية و تعلن كتائب و قوى تابعة له استعدادها للمشاركة في العملية ضد حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يشكل خطراً على تركيا كما يزعمون مرارا !!
التقاء النظام و المعارضة العدوين اللدودين عبر ايران و تركيا بشكل غير مباشر ، يمكن أن نسميه اتفاقاً من تحت الطاولة على ضرب أي تحرر كوردي و ليس لغاية حزب العمال الكوردستاني أو عداء الحزب للمعارضة خاصة ، و تجربة الأشهر السابقة و اتفاق تركي و ايران على الوقوف في وجه استفتاء استقلال إقليم كوردستان الذي دعا إليه مسعود بارزاني كان الكشف المبكر لما يجري من معاداة لأي مكاسب كوردية من قبل الدولتين .
ما يجري من تقاطع و تلاقٍ بين النظام و المعارضة السورية التي يسيطر عليها إخوان أردوغان يذكرنا بما جرى في إقليم كوردستان و تطابق رؤية المعارضة الشيعية الخامنئية الحاكمة حالياً مع رؤية النظام البعثي الصدامي الزائل و رفضهم لأي حق كوردي امتنع صدام عن منحه كالمناطق المتنازع عليها في كركوك و خانقين و شنكال رغم الموافقة المبدئية وفق الدستور العراقي و المادة 140 منه ، حيث كان الحكام الجدد ضعفاء عند سقوط الطاغية !!
الهجوم التركي على عفرين بمساندة كتائب درع الفرات من الجيش الحر المنحل و التابع للائتلاف سيكون بمثابة قطع شعرة معاوية ، و سيخلق شرخاً كبيراً بين الكورد و المعارضة و لن يبقى للمجلس الوطني الكوردي و ممثلو الكورد الآخرين مكان في الائتلاف ليصبح تركياً إخوانياً بامتياز .
كما سيعمق الخلاف التركي الأمريكي أكثر و يقرب تركيا لحلف إيران و روسيا التي تستمر في صمتها لعلها تحصل على مزيد من التنازلات من تركيا التي تنتظر تحتاج لغطاء جوي لهجومها أو يتقبل حزب الاتحاد الديمقراطي مرغماً تسليم عفرين لنظام الأسد تجنباً لحرب و دمار.
كاتب وناشط سياسي سوري