أديب سيف الدين
لو حملت العقرب على ظهرك ودرت به الكون لن تستسلم من لسعته المسمومة القاتلة , فالذي يجري الغدر والتامر والعنف والنجاسة في عروقه لايمكن أن تتأمل منه العدل أو السلم أو الأمان حتى خيره ” شر ووباء ” .. لا يوجد من خدم العرب والإسلام أكثر من صلاح الدين الأيوبي الكوردي الذي حرر العرب ووحدهم وقضى على الخلافة الفاطمية الشيعية في مصر التي دامت أكثر من “٢٥٠” عاماً . فلولاه لكانت هذه الخلافة باقية على قلوب العرب إلى يوم القيامة ، ولكان المصريون يتكلمون الفارسية بدلاً من العربية ، وللأسف الشديد حارب الصليبيين إلى أن حرر القدس . ومع ذلك الكثيرين منهم يشتمونه ويُخونونه وينكرون عليه فضائله وكورديته ولو أستطاعوا لحفروا قبره وعبثوا بعظامه .. وكذلك أقليم كوردستان كان حضناً دافئاً وبيتاً سعيداً وملتقى لأغلب هذه القيادات العراقية المنحرفة المشهودة لها بالغدر والنفاق ، أنقلبت على الكورد بعد أن وصلوا إلى سدة الحكم .
بغداد لم تكنْ يوماً منفذاً استراتيجياً للشعب الكوردي ولم تعترف لحظة بالشعب الكوردي بل كانت وماتزال الباب الأكثر مضايقة وفتنة وتشدداً
وتآمراً على الشعب الكوردي ..
عندما تم نقل السلطة للحكومة العراقية برئاسة اياد علاوي، وانهاء الاحتلال الامريكي للعراق في ٢٠٠٤ أستبشرنا خيراً .. لكن جرت رياح الغدر كعادتها فخابت آمالنا . وصحتْ توقعات السياسيين الكورد وقتها في أقليم كوردستان ومخاوفهم من نشوب خلافات سياسية وصدامات مسلحة بين العراقيين العرب الشيعة والسنة .. وبين الشيعة أنفسهم .. وبين العرب والكورد في كركوك .. وكانوا حذيرين ولا يتوقعون منها شيئاً .. وهذا ماحصل فعلاً .. ولهذا قالوا لايوجد أمامنا إلا الإستقلال .
ستمر العراق بأزمات سياسية مستعصية لامثيل لها في أي مكان .. والانتقام والثأر سيكون سيد المواقف .. و ستتمدد الطائفية إلى الخارج لإن كل طائفة لها حضن في الخارج فالسنة بعرب السنة في الوطن العربي والشيعة بايران .
المرجعيات الدينية هي التي تتحكم بالعمود الفقري وشرايين الحياة في العراق .. فهي الآمر والناهي .. ولها نفوذ وتأثير روحي على الشعب ..
فتوى واحدة من رجل دين يكسر رأس أكبر مسؤول سياسي ويطيح به .. وينزع منه صفة الدين والاسلام .. وتقلب الحكومة رأساَ على عقب .
لن تتعافى العراق من السرطان الطائفي البغيض .. فمنذ معركتي الجمل وصفين بعد وفاة الرسول ( ص ) لم تهدأ الخلافات والنزاعات والحروب الأهلية والصراعات المذهبية والطائفية الدموية بين الشيعة والسنة في العراق .. بل أصبحت وراثية وثأرية تنتقل من جيل إلى جيل .. وكانت سبباً في سقوط بل تسليم موصل وأخواتها من المدن بمساحة ثلث العراق لتنظيم الدولة الاسلامية (داعش ) سنة ٢٠١٤. فلايمكن ان تستقر العراق الا بتقسيمها إلى ثلاث مناطق كونفدرالية كردية .. وسنية .. وشيعية .
نحن الكورد بعيدين عن هذا الصراع الطائفي المدمر الذي يمزق المجتمع ويزرع الفتنة والتطرف .. وهذا يسجل لنا .. ويدركه العالم الخارجي .. وأقليم كوردستان خير شاهد و نموذج رائع من التسامح والمودة للعيش المشترك بسلام وأمان .. فلا فرق بين المسيحي والمسلم .. ولا بين الكوردي والعربي .. ولا بين السني والشيعي .. هذا الصراع الذي يحمل في طياته مفردات ومصطلحات دينية : السلفي .. الإباضي .. الحنبلي الشافعي .. السني ..الشيعي ..الوهابي .. الإسماعيلي ..الصوفي .. الزيدي .. . بل نحن متمسكون بالبعد القومي الذي يجمعنا لتحقيق تطلعاتنا وأهدافنا لنعيش بكرامة في وطننا كوردستان .. دون أنْ نلحق الأذى بغيرنا .