الثورة الإيرانية مستمرة وانتصارها مؤكّد

عبدالرحمن مهابادي*
مرت عدة أيام على قيام انتفاضة الشعب الإيراني الشجاعة ولا زالت مستمرة، ارتعدت أطراف أركان هذا النظام من الخوف والرعب و هناك أخبار عن هروب رؤوس هذا النظام إلى الخارج ويصل لمسامعنا أخبار عن انهيار القوات واستسلامها للثوار. الدعم الدولي لثورة الشعب الإيراني بازدياد والشعب وقيادته مصممين أكثر من قبل على متابعة الطريق للوصول للهدف بإسقاط الديكتاتور المذهبي الحاكم في إيران.
خلال الأيام الماضية أكثر من 50 شهيد و أكثر من 4000 معتقل من قبل القوات الحكومية ويعتبرون في خطر حقيقي.وتهديدات القوى الثلاثية الحكومية ليس فقط لم تنجح في وقف تقدم الشعب بل زادته إصرارا. لأن الخضوع لمدة 4 عقود في سجن اسمه إيران ولم يبق لهم شيء ليخسرونه.
انهم وقبل كل شيء يريدون الحرية والتوظيف وقوت اليوم وما يثقل همومهم أعزائهم الذين فقدوهم إما بسبب سياسة القتل الجماعي لهذا النظام أو لأن النظام أجبرهم على مغادرة البلاد وهم يستعينون بالصبر لإسقاط هذا النظام وإنقاذ شعبهم ووطنهم.
وحشية النظام أدت إلى التحامهم ببعض، أي ان الشعب الذي نزل حاملا روحه بين يديه إلى الساحات والمؤسسات المنظمة وذات الخبرة في تجاوز الأحداث لعشرات السنوات وبعد التقديم الكثير من الشهداء والغالي و النفيس سيصلون إلى إيران الحرة بهذا الاندفاع سيحررون وطنهم من براثن هذا المستبد المذهبي لأربعة عقود.
حتى الآن، على الرغم من أن نتائج هذه الانتفاضة الحية هي كثيرة، ولكننا سنعرض قليلا من نتائجها، حتى ننتهز فرصة أخرى لذكرها كاملة. هذه الانتفاضة التي حصدت هكذا نتائج وأشعلت هكذه شعله في حين ان النظام يملك هكذا سوابق وتاريخ مضطرب ومختل. تماما كما لوانها وضعته في سياق الاستهداف وحددت مسارا واضحا ومحددا لذالك. إن لم يكن الامر كذلك لما خطف الخوف من هذه الانتفاضة انفاس النظام الامر الذي دفعه للقتال على الاراضي الفرنسية ولم يكن ضروريا أن يفتح المسؤولون الصغار والكبار في هذا النظام أفواههم ضد المقاومة الإيرانية وقوتها المركزية، اي منظمة مجاهدي خلق، ولما ضجوا بكلمات وعبارات التهديد والوعيد.
وبصرف النظر عن أي تقلبات من صعود وهبوط في طريق هذه الانتفاضة، لكنها باعتمادها على مثل هذه القوة، فإن النصر النهائي لهذه الانتفاضة هو امر مكفول وسيكون من حليفها ولا يوجد حل آخر لقضية إيران. ولأن انتفاضة الشعب الإيراني ودور المقاومة المنظمة فيها قبل اي طرف اخر هي حقيقة لا جدال فيها، ونظام الملالي على علم ودراية بذلك، لكنه يحاول بلا جدوى ان يخدع الرأي العام بسيناريوهات خادعة ومؤامرات ملونة.
والحقيقة هي أن هناك فرقا كبيرا بين الانتفاضة الأخيرة وغيرها من الانتفاضات التي وقعت في إيران على مدى العقود الأربعة الماضية. والفرق هو أن المطالب الاقتصادية والاجتماعية الشعبية مع إمكاناتها السياسية، ومدى توسع وسرعة الانتفاضة، والوضع الحالي للمقاومة الإيرانية في داخل إيران وعلى الصعيد الدولي هي من الاوجه المميزة لهذه الانتفاضة، وبعبارة أخرى، أصبحت الآن الظروف الموضوعية والنفسية للمجتمع واستعداد القوى القيادية والبدائل الديمقراطية للنظام جاهزة للوصول إلى نقطة الهدف النهائية.
ولذلك، لا ينبغي أن يكون هناك شك في أن المسالة الإيرانية تاخذ منحا ومدارا جديدا. وسوف يستمر تقدم الشعب والمقاومة الإيرانية في داخل حدود إيران وخارجها. وما سيكون متوقعا ولا يمكن إنكاره هو التراجعات المستمرة للنظام داخل إيران وخارجها، وفي الوقت نفسه، سوف ينهار نظام الملالي إلى أقصى حد ممكن.إن الأمر يتعلق بالمجتمع الدولي وخاصة الحكومات الإقليمية التي تساعد الشعب والمقاومة الإيرانية.
وإذا كان القلب ينبض لمصير شعب سوريا والعراق واليمن ولبنان والبلدان أخرى، وإذا كانت العيون ترتقب تدمير الإرهاب والجماعات الإرهابية، وإذا كان السلام والأمن والاستقرار مرغوبا فيه في المنطقة، فإن السبيل الوحيد هو حماية الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية. ممثلة بالسيدة (مريم رجوي). وكما لا بد من الاعتراف بها رسميا وعدم التردد في ذلك.
ولا ينبغي أن ننسى أن أي طريقة أخرى باستثناء هذا الحل هو تجريب للمجرّب وتكرار للمكرّر!
 
*کاتب و محلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
Abdorrahman.m@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…

شيركوه كنعان عكيد تتميز سوريا كما يعرف الجميع بتنوعها القومي والديني وكذلك الطائفي، هذا التنوع الذي استطاعت السلطة البائدة أن تبقيه تحت السيطرة والتحكم لعقود طويلة في ظل سياسة طائفية غير معلنة، ورغم أن علاقة الدين بالدولة بقيت متشابكة، إلا أنها لم تصل إلى حد هيمنة العقلية الدينية أو الطائفية على مؤسسات الدولة بصورة صريحة. أدى ذلك الوضع تدريجيًا إلى…

علي جزيري نشرت جريدة قاسيون، في الخميس المصادف في 17 نيسان 2025 مقالاً تحت عنوان: “لماذا نحن ضد الفيدرالية؟” انتهج القائمون عليها سياسة الكيل بمكيالين البائسة بغية تسويق حجتهم تلك، فراحوا يبرّرون تارة الفيدرالية في بلدان تحت زعم اتساع مساحتها، ويستثنون سوريا لصغر مساحتها…! وتارة أخرى يدّعون أن سويسرا ذات (أنموذج تركيبي)، يليق بها ثوب الفيدرالية، أما سوريا فلا تناسبها…

صلاح عمر منذ أن خُطّت أولى مبادئ القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ترسخ في الوعي الإنساني أن الشعوب لا تُقاس بعددها ولا بحدودها، بل بكرامتها وحقها في تقرير مصيرها. ومنذ ذلك الحين، أُقرّ أن لكل شعب الحق في أن يختار شكله السياسي، وأن ينظّم حياته وفق هويته وتاريخه وثقافته. هذا المبدأ لم يُولد من رحم القوة، بل من عمق…