لماذا نحصد (كحركة) الخيبة والفشل..؟!

م. محفوظ رشيد  
لأننا لم ولا نمارس السياسة..
لأننا نزاول الحزبية، والخصومة المزمنة، والانتقام المتراكم..
لأننا نبتغي جمع الثروة واعتلاء المناصب وكسب الشهرة..
لأننا لم نملك أنفسنا وأحزابنا وأنصارنا وشعبنا..
لأن الاملاءات والولاءات والاغراءات توحدنا، والولائم والتمائم والعمائم تجمعنا، والايديولوجيات والسلوكيات والآليات تفرقنا..
لأننا سلمنا إرادتنا وقرارنا لأخوتنا الكبار، الذين أدخلونا في صفقاتهم وتصفياتهم، وفي أنفاقهم المظلمة والخطيرة.
لأننا تركنا شعبنا يواجه مصيره، وينزح إلى الشتات، ويغرق في المحيطات، ويُختطف في الطرقات، ويُحجز في المعتقلات، ويُقتل بالتفجيرات..
لأننا نتسابق في النفاق والارتزاق والشقاق..
لأننا نرضى بأميين وأصوليين ومتخلفين وانتهازيين وفاسدين..ليكونوا قادة ومسؤولين وممثلين لنا..
لأننا لم نقرأ تاريخنا، ولم نتعظ من تجاربنا، ولم نتعبر من دروسها الكثيرة والمريرة.. 
لأننا لا نميز بين أصدقائنا وأعدائنا، ولا نعرف من بيده الحل والربط، ولا نفرق بين الخطير والأخطر، وبين صانع القرارات ومدير الأزمات ومنفذ الأجندات..
لأننا مازلنا نراهن على الأنظمة الشوفينية المستبدة المقتسمة لأوطاننا..
لأننا نحارب المثقف ونؤازر المسخف، ونبعد الفاعل وندعم الخامل، نقصي الوفي النزيه ونبقي على الخائن السفيه، ونهمل الصادق ونشجع المنافق..
لأن ذاكرتنا ضعيفة ووقتية ومثقوبة، تملؤها الأحداث والوقائع وتغزوها الحذف والتحريف والنسيان ..
لأن العواطف تسوقنا، والضمائر تؤرقنا، والأحلام تغرقنا، والثقات تسرقنا..
لأننا تربينا على التبعية والدونية واطاعة الاستخبارات والأجهزة الأمنية والقمعية..
لأننا تعودنا على تضخيم التناقضات البينية، واغفال المهام الأساسية، واهمال الصراعات الأساسية مع الشوفينيين والمستعمرين، المستبدين والفاسدين من أجل الحرية والديموقراطية والسلام..
لأننا تعلمنا أن نكون شموليين وأمميين أكثر من أن نكون قوميين ووطنيين نحافظ على خصوصيتنا واستقلاليتنا..
لأننا نتجنب الواقعية والموضوعية والعلمية في نقاشاتنا وتحليلاتنا وصناعة قراراتنا..
لأننا نحب التمسك بالقديم والتكرار والتقليد، ونكره التطوير والاصلاح والتجديد..
لأننا نفضل المصالح الشخصية والروابط العائلية والعشائرية والمناطقية على القضايا العامة والمصيرية..
لأننا نختزل قضية الأرض والشعب في حزب أو حركة، ونقمصها في شخص القائد الضرورة والزعيم الأوحد، ونضعه في قفص حديدي أو ذهبي ، ليكون الآمر والناهي، ويكون الرمز في الهزائم والانتصارات..
لأننا غادرنا نضال الخنادق وتركنا الحماية والادارة والبناء، وتحولنا إلى ثوار الفنادق..
لأننا دوماً نهرب إلى الأمام ونتبرأ من الواجبات والاستحقاقات، ونعشق الاخفاقات والانشقاقات، ونرفض المساءلات والتحقيقات، ونرضى بالاختراقات والسرقات والاختناقات ونبررها بالمعيقات والموبقات..
لأن الأنانية والانتهازية معشعشة في عقولنا وقلوبنا ثقافةً وممارسةً. 
لأن  كلاً منا  سوبرمان يحمل في داخله دكتاتوراً وزعيماً بكامل الأوصاف والصلاحيات والقدرات لايقبل التنازل والتبادل والتداول، ويهون عليه التضحية بالمقدسات والمحرمات..
5-1- 2018
———— لم تنته ————

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

زاكروس عثمان ما كاد الكورد ينتشون بهروب الرئيس السوري السابق بشار الاسد وسقوط نظام حكمه الدكتاتوري، حتى صدموا سريعا بمواقف و تصريحات مسؤولي مختلف اطراف ما كانت تسمى بالمعارضة السورية والتي غالبيتها بشكل او آخر تتبنى الموقف التركي من قضية كوردستان ڕۆژئاڤا و هو الرفض والانكار. السوريون من الدلف إلى المزراب: اذ بعد هيمنة هيئة تحرير الشام على…

شكري بكر لو أردنا أن نخوض نقاشًا مستفيضًا حول الواقع السياسي لحزب العمال الكوردستاني، يمكننا إعطاء صورة حقيقية لكل ما قام ويقوم به الحزب. سنجد أن الأمور معقدة للغاية، ومتورطة في مجموعة من الملفات الدولية والإقليمية والكوردستانية. يمكن تقريب الصورة عبر معركتي كوباني وشنكال، حيث يتضح أن “كل واحد يعمل بأصله”، دون الدخول في تفاصيل وقوع المعركة في مدينة كوباني…

في اللقاء الأول بعد سقوط الاستبداد ، والأخير للعام الجاري ، للجان تنسيق مشروع حراك ” بزاف ” لاعادة بناء الحركة الكردية السورية ، تم تناول التطورات السورية ، وماتوصلت اليها اللجان مع الأطراف المعنية حول المؤتمر الكردي السوري الجامع ، والواردة في الاستخلاصات التالية : أولا – تتقدم لجان تنسيق مشروع حراك ” بزاف ” بالتهاني القلبية الحارة…

بعد مرور إحدى وستِّين سنةً من استبداد نظام البعث والأسدَين: الأبِّ والابن، اجتمعت اليوم مجموعةٌ من المثقَّفين والنّشطاء وممثِّلي الفعاليات المدنيَّة الكرديَّة في مدينة «ڤوبرتال» الألمانيّة، لمناقشة واقع ومستقبل شعبنافي ظلِّ التغيُّرات السياسيّة الكُبرى التي تشهدها سوريا والمنطقة. لقد أكَّد الحاضرون أنَّ المرحلة الحاليَّة تتطلَّب توحيدالصّفوف وتعزيز العمل المشترك، بعيداً عن الخلافات الحزبية الضيِّقة. لقد توافق المجتمعون على ضرورة السّعي…