عمر ملا
في أوقات المحن تتعاظم المسؤوليات و تكبر و تصبح لأهميتها على قدر كبير من التحقيق إن لم نقل واجبة و في الأوقات العصيبة يجب أن ينبري من له حس مرهف للتعامل مع تلك المسؤوليات المستجدة و محاولة القيام بفعل إيجابي درءا للعواقب.
في واقع نعيشه اليوم تبدو كوردستان بحاجة ماسة لمن يتعامل مع المسؤوليات المستجدة نتيجة المجريات و الأحداث التي شهدتها و تشهدها كوردستان مؤخرا و التطورات المتسارعة التي تعصف بها.
تواجه كوردستان خطرا حقيقيا يتمثل في ارتفاع صوت البعض للمطالبة بالاستقلالية في التبعية نظير تلك الأحداث العاصفة و هو ما يمثل تحديا غير مسبوق في تاريخ كوردستان منذ أكثر من عقدين تقريبا بل و يفتح سجلات من تلك المجريات المؤلمة للماضي المثقل بالهموم و المشاكل لمزيد من الفجوات و الهوات المهددة لها و هو ما يستدعي تدخلا عاجلا لاحتواء ذلك و وقف الانفراد بالقرار و فرض الشراكة و التوافق حتى لا يتحلل الجسد الكردي و يتفتت.
إن أطرافا لا داعي لتسميتها يحلو لها ما يجري في كوردستان اليوم و تترقب وضعا أكثر مأساوية وضعت ملامحه من قبل و تتطلع إلى أن يترجم في أقرب فرصة ممكنة و على الرغم من البون الشاسع بين كوردستان الأمس و كوردستان اليوم و بالرغم من الخلافات السياسية الشديدة إلا أن ذلك الهاجس الذي يجد له أنصارا داخليين ممولين خارجيا لا زال يواجه بالرفض المعلن و القاطع من الكوردستانيين.
بإعتقادي يبدي الكوردستانيون امتعاضا لما يجري حيث لا سابق له في تاريخ معايشتهم للحياة السياسية أوصل بعضهم لفقدان الثقة في كثير من التيارات السياسية إلا أنه لم يصل بهم الحد لأن يتمنوا رؤية وطنهم ممزقا و متشظيا و هو ما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن الروابط المبنية على المبادئ القومية هي من تلعب لعبتها و تعمل بشكل كبير على ردم الفجوات التي تخلفها الممارسات السياسية لبعض التيارات و الأطراف في كوردستان .
إن زيارة بعض الأطراف الحزبية منفردة إلى بغداد بذريعة التباحث حول مستحقات شعب كوردستان المالية ما هي إلا شماعة لغسل عار تخازلهم و تآمرهم على شعبهم و كسب نقاط إضافية تحضيرا للإنتخابات البرلمانية القادمة في كوردستان و العراق ككل و من الممكن أن يستجيب العبادي لهم من خلال ضخ رواتب موظفي كوردستان في الفترة القادمة خاصة و أنه يتعرض لضغوط دولية كبيرة لدفع مستحقات كوردستان ليعطي انطباعا عن مدى مصداقية هذه الأقلية الخارجة عن الصف الكوردستاني و حرصها على شعب كوردستان و هنا يقفز السؤال التالي بنفسه لماذا لا تستجيب حكومة بغداد الطائفية لدعوات حكومة كوردستان للجلوس على طاولة الحوار للتباحث حول جميع المشاكل و في مقدمتها المستحقات المالية لشعب كوردستان..؟!الأحداث التي طفت على السطح في كوردستان مؤخرا أنتجت لاعبين جدد في ملامح التكوين السياسي تنتظر فرصة مواتية لتثبيت وجودها و لكن كان لزاما عليها أن تحسم مواقفها لصالح اللحمة الكوردستانية في هذه الأوقات العصيبة التي تمر على كوردستان من حظر و حصار و عدم دفع مستحقات مالية ناهيك عن التهديدات العسكرية التي تطلقها حكومة بغداد الطائفية بين الحين و الآخر إلا أن أولئك المنتهزين للفرص سيواجهون برأيي رفضا شعبيا غير مسبوق لكل ما يرسمونه و يعمدون لتحقيقه من حين لآخر.
يبرهن شعب كوردستان العظيم على رباطة جأشه و قدرته الفائقة لمواجهة التحديات و تحمل تبعاتها آملا أن لا يستمر مسلسل استنزاف وطنه و تفويت فرص التوافق على تسيير شؤونه و الحفاظ على كيانه واحدا موحدا و يتطلع لرؤية ذلك اليوم الذي ينتزع حريته..
حري بجميع الأحزاب و التيارات أن يلتفوا حول الحكومة الحالية بقيادة السيد نيجيرفان البارزاني الذي يبذل جهودا جيدة مع فريقه الحكومي للحفاظ على مكاسب شعب كوردستان و تحصيل مستحقاته حتى الوصول لإنتخابات برلمانية قادمة و أن يضعوا في اعتبارهم حب الكوردستانيين لوطنهم و يستشعروا ذلك بضمائرهم بعيدا عن المعطيات السياسية ذات الآفاق المحدودة للغاية انطلاقا من مبدأ لا للتشتت و لا لمن يدعو إلى لذلك..!