القصف الغاشم: النظام السوري ألقى على سوريا قرابة 70000 برميل متفجر

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً بعنوان “القصف الغاشم” وثَّقت فيه إلقاء طيران النظام السوري قرابة 70000 برميل متفجر منذ تموز 2012.
وجاء في التقرير أنَّ استخدام سلاح البراميل المتفجرة من قبل جيش النِّظام السوري، يُشكِّل واحداً من أشدِّ أصناف الخذلان الدولي الفاضح للشعب السوري، فلم يعد هناك أية إدانات أو استهجان من تكرار استخدام هذا النَّمط البربري من الأسلحة مؤكداً على ضرورة التَّشكيك في إمكانية قبول نظام سياسي يقوم بإلقاء براميل غوغائية على بلده بأي شكل من أشكال التسوية السياسية، ما عدا تسوية سياسية تُعيد تأهيله، وتقبل بتسليم وزارات شكليَّة خدمية لبعض المعارضين.
وأضاف فضل عبد الغني رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“لقد شكَّل الاستخدام المتكرر لهذا السلاح المرتجل العشوائي ضدَّ التَّجمعات السكنية رسالة إلى المجتمع السوري مفادها أن حماية المدنيين والقانون الدولي مجرد أوهام، وأنه يتوجب عليكم الاستسلام ثم التسليم مجدداً للنظام الذي يقوم بقتلكم، لا بُدَّ من إعادة إحياء مجلس الأمن من جديد لاتخاذ موقف حاسم من استخدام النظام السوري لهذا السلاح الفوضوي على هذا النطاق الواسع والكم الكثيف، وعلى المبعوث الأممي أيضاً أن يلعب دوراً أكثر فعالية في وقف هطول البراميل المتفجرة على سوريا”.
وثَّق التقرير حصيلة استخدام قوات النظام السوري لسلاح البراميل المتفجرة منذ أول استخدام له في تموز/ 2012 حتى كانون الأول/ 2017 وما ترتَّب على هذا الاستخدام من ضحايا واعتداءات على مراكز حيوية مدنيَّة، وركَّزَ على فكرة أنَّ هذا الاستخدام لم يتوقف في أي شهر من الأشهر، بما فيها الأشهر التي شهدت اتفاقيات خفض التَّصعيد، أو محادثات جنيف.
استند التقرير على عمليات التَّوثيق والرصد والمتابعة اليومية، وعلى روايات لناجين وشهود عيان ونشطاء إعلاميين محليينَ واستعرض 9 منها، إضافة إلى تحليل عدد كبير من المقاطع المصورة والصور التي نُشرت عبر الإنترنت.
 
وتحدَّث التقرير عن ماهية البراميل المتفجرة والطرق التي اتبعها النظام السوري لتصنيعها ونوع العبوات والمواد المتفجرة التي استخدمها، وما أُضيف لها من مواد كيمائية أو حارقة، كما استعرض عدة مناطق استخدم فيها النظام السوري البراميل المتفجرة بكثافة في إطار التَّقدم العسكري كمدينة داريا وبلدة خان الشيح بريف دمشق ومدينة الميادين في دير الزور.
 
سجَّل التقرير ما لايقل عن 68334 برميلاً متفجراً ألقتها طائرات مروحية أو ثابتة الجناح تابعة للنظام السوري منذ أوَّل استخدام موثَّق لها في تموز/ 2012 حتى كانون الأول/ 2017 تسبَّبت في مقتل 10763 مدنياً، بينهم 1734 طفلاً، و1689 سيدة (أنثى بالغة)، كما تم تسجيل ما لايقل عن 565 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية تسبَّبت فيها البراميل المتفجرة بينها 76 حادثة على مراكز طبية، و140 على مدارس، و160 على مساجد، و50 على أسواق.
وبحسب التقرير فإنَّ العدد الأكبر من البراميل المتفجرة سقط على محافظات دمشق وريفها ثم حلب فدرعا في حين أنَّ العام الذي شهد أكبر استخدام لهذا السلاح كان عام 2015، الذي سجَّل التقرير فيه إلقاء قوات النظام السوري ما لايقل عن 17318 برميلاً متفجراً.
اعتبر التقرير أنَّ قرار مجلس الأمن رقم 2139 شكَّل أملاً للمجتمع السوري؛ لأنَّه قد ذكر البراميل المتفجرة بالنَّص، وتوعَّد باتخاذ إجراءات رادعة في حال لم يتم التَّنفيذ، لكن بحسب التقرير فإنَّ وتيرة استخدام هذا السلاح لم تتغير بعد صدور القرار، ووزَّع التقرير الحصيلة الكلية لاستخدام البراميل المتفجرة قبل القرار وبعده حيث سجّل ما لايقل عن 20183 برميلاً متفجراً منذ تموز/ 2012 حتى صدور القرار 2139 في 22/ شباط/ 2014 في حين تمَّ توثيق ما لايقل عن48151 برميلاً مُتفجراً بعد صدور القرار حتى كانون الأول/ 2017.
ووفق التقرير فقد تم توثيق87 هجمة ببراميل متفجرة تحوي غازاً ساماً، و4 هجمات ببراميل متفجرة تحوي مواد حارقة جميعها كانت بعدَ صدور قرار مجلس الأمن رقم 2139.
 
أكَّد التقرير أن الحكومة السورية خرقت قراري مجلس الأمن رقم 2139 و2254، واستخدمت البراميل المتفجرة على نحو منهجي وواسع النطاق، وانتهكت عبر جريمة القتل العمد المادة السابعة من قانون روما الأساسي كما انتهكت أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يحمي الحق في الحياة وباعتبار أنها ارتكبت في ظل نزاع مسلح غير دولي فهي ترقى إلى جريمة حرب.
وأوضح أنَّ القصف بالبراميل المتفجرة هو قصف عشوائي استهدف أفراداً مدنيين عزل، وألحق ضرراً كبيراً بالأعيان المدنية، وكان الضرر مفرطاً جداً إذا ما قورن بالفائدة العسكرية المرجوة.
ووفق التقرير فقد انتهك النظام السوري عبر استخدامه البراميل المحملة بالغازات السامة قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي و “اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية” وجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبشكل خاص 2118 و2209 و2235 كما أنَّ استخدام الأسلحة الكيميائية يُشكل جريمة حرب وفقاً لميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وجاء في التَّقرير أن قوات النظام السوري استخدمت براميل متفجرة محملة بمواد حارقة دون وجود أي مبرر عسكري ودون اتخاذ أية احتياطات للتقليل من الضرر اللاحق بالمدنيين وبالمنشآت المدنية.
 
طالب التقرير مجلس الأمن أن يضمن التنفيذ الجِدّي للقرارات الصادرة عنه وأوصى، الدول الأربع الدائمة العضوية بالضغط على الحكومة الروسية لوقف دعمها للنظام السوري وضرورة فرض حظر أسلحة عليه، وملاحقة جميع من يقوم بعمليات تزويده بالمال والسلاح؛ نظراً لخطر استخدام هذه الأسلحة في جرائم وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
 
حثَّ التقرير مجلس الأمن على إحالة المسألة السورية إلى المحكمة الجنائية الدولية، وأن يقدم كل التسهيلات ويقوم بفرض السلم والأمان والبدء بمقاضاة كل من ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وطالب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بدعم الآلية الدولية المحايدة المنشأة بقرار الجمعية العامة رقم 71/248 الصادر في 21/ كانون الأول/ 2016 وفتح محاكم الدول المحلية التي لديها مبدأ الولاية القضائية العالمية، وملاحقة جرائم الحرب المرتكبة في سوريا.
وشدَّد التقرير على أهمية التَّحرك على المستوى الوطني والإقليمي لإقامة تحالفات لدعم الشعب السوري، وحمايته من عمليات القتل اليومي والسعي إلى ممارسة الولاية القضائية العالمية بشأن هذه الجرائم أمام المحاكم الوطنية.
كما أكد على ضرورة الضغط على الحكومة السورية للانضمام إلى البروتوكول الثالث بشأن الأسلحة التقليدية والامتثال لقيوده.
دعا التقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، وخاصة بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر اتفاقية الجامعة العربية ثم خطة السيد كوفي عنان وما جاء بعدها من بيانات لوقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانة، وبالتالي لا بدَّ بعد تلك المدة من اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومازال مجلس الأمن يعرقل حماية المدنيين في سوريا.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…