ظواهر كُردية حصرية

حسين جلبي
1. الرجل المناسب في المكان المناسب
يفشل رئيس الحزب المتواضع الإمكانيات أصلاً؛ فشلاً ذريعاً في قيادة الحزب، يتشتت حزبه في عهده ويُفقده بطريقة إدارته العقيمة كل عوامل قوته. يصبح الحزب من الضعف؛ بحيث يعجز عن الدفاع عن نفسه ووقف إنهياره، ومنع اختطاف أعضائه واحتجازهم، ومن ثم تحريرهم؛ أو حتى تنظيم إحتجاج متواضع على إخفائهم، أو الإعتراض على ذلك. ينحدر الحزب إلى أن يصبح عاجزاً عن حماية  مقراته ومنع الإعتداء عليها وحرقها، ويفشل في إعادة ترميمها وافتتاحها بعد ذلك، لدرجة يصبح معها عقده إجتماعاً حزبياً متواضعاً في مكانٍ خفي؛ وتحت جنح الظلام عملاً بطولياً، ويصبح إصداره بياناً بكلمات مرتجفة، لا تخفي توسلاً أمراً تاريخياً. بعد كل ذلك كله ينتخب رئيس الحزب العتيد بالإجماع؛ في إجتماع سري بمكان خفي، رئيساً للمجلس الوطني الكُردي!
2. الإعلام الكُردي
بلغ “الإعلام الكُردي” من البؤس مبلغاً بات معه يخترع الشائعات، ويسوقها بإعتبارها خبراً حصرياً وسبقاً صحفياً له، ليعود في اليوم التالي، أو الذي يليه إلى نفي خبره ـ إشاعته؛ بإعتبار الأمر مرة أُخرى سبقاً صحفياً له، وصل إليه ثانيةً من خلال مصادره الخاصة التي يمتنع عن ذكرها، رغم أن لا أحد سواه تداول الخبر ـ الإشاعة في المرة الأولى أو الأخيرة، لا نقلاً عنه، ولا كمصدر نقل عنه!
شاهدت قناة فضائية تورد خبراً عن مطالبة الولايات المتحدة الأمريكية المعارضة السورية القبول بمشاركة قوت سوريا الديمقراطية “قسد” في مفاوضات جنيف، وبعد التطبيل والتزمير للخبر، والقيام بالمقابلات ونشر البهارات، قامت القناة ذاتها بعد يومين؛ بإجراء لقاء مع الناطق باسم وفد المعارضة إلى مفاوضات جنيف، والذي نفى علمه بالطلب الأمريكي العتيد، قائلاً بأنه يسمع به من القناة لأول مرة، هذا بالإضافة إلى عدم صدور أي شئ من السلطات الأمريكية، يدل على وجود مثل ذلك الطلب!
أحد مذيعي القناة المشار إليها، كاد أن يصعد على الطاولة؛ ويعقد الدبكة خلال نشرة الأخبار فرحاً، وهو يذيع خبراً عن “شتيمة” وجهها رئيس وفد نظام الأسد لمرسل القناة، بعد أن طرح سؤالاً عليه، وكأن بشار الجعفري علق وساماً على صدر القناة!
3. الأسد الكاذب والأسد الصادق
إما إن رئيس النظام السوري بشار الأسد كاذب على طول الخط أو صادق. أما أن يعتبره البعض كاذباً أحياناً، وصادقاً أحياناً أُخرى بشكل إنتقائي، فهذا ما لا يستقيم مع العقل السليم.
لكن الكُردي شخص انتقائي بطبعه؛ يأخذ من الأشياء ما يناسب رأيه المسبق المبني على عواطفه، والذي يستحيل عليه التنازل عنه؛ ما دام من يقابله في الرأي الآخر كُردي مثله. عندما قال بشار الأسد قبل مدة بأن نظامه زود وحدات حماية الشعب التابعة للبيدا بالسلاح، وبأن تلك الوحدات تتعاون معه، كذَّب الكُردي رئيس النظام؛ معتبراً إياه شخصاً كاذباً ومجرماً لا يتمتع بالمصداقية، ولكن عندما يقول الأسد اليوم بأن تلك الوحدات خائنة، يعتبر الكُردي كلامه هذا شهادة حسن سلوك لها!

4. عضو مجلس الأمناء الأُمي!
بعد ثلاثة عشر عاماً فقط من النضال، إكتشفت فجأةً منظمة حقوقية كُردية سورية؛ تعرف نفسها بأنها من أهم المنظمات المختصة بتوثيق انتهاكات حقوق الانسان؛ إكتشفت ـ أو كشفت للجمهور ـ بأن أهم أعضاء مجلس الأمناء فيها وأنشطهم؛ شخص أمي لا يعرف كتابة اسمه وقراءته!
والأمية المقصودة هنا ليست كناية عن الجهل، بل أمية حقيقة بكل معنى الكلمة، وهي في الواقع حقيقة لم تكن خافية على أحد، رغم ذلك “لم يعلم بها” زملائه في مجلس أمناء المنظمة؛ التي من أمامها التحقيق الدقيق للوصول بطرق إحترافية إلى إنتهاكات حقوق الانسان. ورغم ذلك فقد ناضل عضو مجلس الأمناء ذاك في الساحة الأوربية لمصلحة المنظمة، فعقد النشاطات المختلفة؛ وإلتقى جهات حكومية مهمة ومنظمات من المجتمع المدني الأوربي، وكذلك مسؤولين على مستوى عال وأخذ معهم صوراً، كما كان مقدم البرنامج في ندوة ثقافية؛ عقدت في البلد التي يقيم فيها، وذلك على شرف “كاتب كُردي مهم”، إذ عرف بالكاتب وبنتاجه، ثم ألقى الكاتب نفسه محاضرة في الحضور؛ وهو يجلس في صدر الجلسة إلى جانبه. بعد ذلك عُقد مؤتمر رابطة كُردية ثقافية مهمة برعاية عضو مجلس الأمناء المغضوب عليه نفسه، إذ كان أبرز الحضور والناشطين في المؤتمر، ودفع أجور نقل البعض على حسابه، كما دفع ثمن “البتزا” التي أكلها المؤتمرون في نهاية مؤتمرهم!
لم تراعي المنظمة المشار إليها وضع عضو مجلس أمنائها التعليمي المشار إليه، فأصدرت بياناً طويلاً بفصله؛ بعد أن قالت بأنها كانت قد جمدته؛ رغم أنه لن يستطيع قراءة حرف واحد من البيان، وقال مجلس الأمناء بأنه لجأ إلى ذلك الإجراء نتيجة تصرفاته؛ التي ختمها “بالاستيلاء على ختم المنظمة وشعارها، وعقد مؤتمر عائلي باسمها” حسب قوله. وظاهرة احتجاز الختم، والاستيلاء على اسم الحزب والمنظمة واللوغو والايميل؛ ومن ثم عقد مؤتمرات باسمائها، بحيث يصبح الشخص الفهلوي في نهاية المطاف أميناً عاماً أو رئيساً، هي ظاهرة كُردية بامتياز، قد ألجأ إليها أنا أو أنت أو هو أو هي، إذا ما أتيحت لأحدنا الفرصة لذلك، لنصبح رئيساً، كما تؤهلنا لذلك مؤهلاتنا!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…