التقرير السياسي الشهري للحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا / تشرين الثاني 2017

ما تزال الجهود والمساعي الدولية متواصلة لاستمرار مؤتمر جنيف8 رغم مناورات النظام السوري ومحاولاته المتكررة للتهرب من استحقاقات عملية السلام بعد أن تلمس الإصرار على الحل السياسي للأزمة السورية لدى المجتمع الدولي والمعارضة السورية على حد سواء، خصوصا بعد أن انتهى مؤتمر رياض2 بمخرجات توحيد وفد المعارضة ورؤاها واعتبار بيانه الختامي المستند على جنيف1 والقرارات الدولية ذات الشأن ولاسيما القرار 2118 و2254 أساسا لمفاوضات مؤتمر جنيف المذكور، هذا ناهيك عن أن النظام بالأصل لا يميل إلى الحل السياسي السلمي إلا بغرض المناورة وإطالة الأمد لبقائه، بل الحسم العسكري كان خياره الوحيد منذ اندلاع الثورة وحتى الآن، خصوصا بعد التدخلات العسكرية لبعض القوى الدولية والإقليمية لصالحه ولاسيما روسيا وإيران، لكن يبدو أنه (النظام) يتعرض هذه المرة لضغوط دولية من شأنها إرغامه على الاستمرار في جنيف8 بغية مواصلة الحوار والمفاوضات ومحاولة تحقيقها بشكل مباشر بين الجانبين (وفد المعارضة ووفد النظام ).
لكن في جميع الأحوال من غير المتوقع أن ينتهي مؤتمر جنيف8 بمخرجات من شأنها وضع الحلول السياسية المنشودة لهذه الأزمة المستعصية طالما أن الدول المساندة للنظام تظل مستمرة في دعمها له، وتسعى للشروع في عقد محافل موازية لجنيف أو بديلة عنه كمساعي روسيا نحو المؤتمر المزمع عقده في مدينة سوتشي الروسية معظم أطرافه موالية للنظام، أسمته (مؤتمر المصالحة الوطنية أو مؤتمر الشعوب السورية ..الخ) بزعم أنه دعم لجنيف لكنه في الواقع التفاف عليه وعلى القرارات الدولية في هذا الشأن، ومواصلة من جانب روسيا لدعم مباشر لتوجهات النظام ومراميه.
على العموم هناك مؤشرات حصول تطورات سياسية هامة على الوضع الإقليمي من شأنها تصعيد الصراعات القائمة لاسيما بعد بناء تحالف عربي واسع يشمل (السعودية، مصر، السودان، الأردن، المغرب، الإمارات العربية) في مواجهة المد الإيراني المتزايد في المنطقة العربية بشكل سافر ولاسيما ميليشياته وأذرعه في كل من اليمن ولبنان والعراق وسوريا ..الخ وجاءت استقالة رئيس حكومة لبنان (سعد الحريري ) كإحتجاج على تجاوزات حزب الله اللبناني في هذا السياق، وفي غمرة هذه الصراعات جاء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس واعتبارها عاصمة لدولة إسرائيل الأمر الذي زاد الوضع تأزما، ومن جانب آخر تسعى تركيا نحو تعزيز علاقاتها مع روسيا وبعض الدول العربية، كما لم تتورع عن ترتيب العلاقة مع النظام السوري من جديد بغية التغلغل العسكري المتزايد في استهداف للمناطق الكردية بشكل خاص وتظهر بوادر هذه العلاقة المريبة من خلال قصفها المتواصل لمنطقة عفرين والمناطق الكردية الأخرى ما يثير الاستهجان والاستنكار الشديدين. 
وعلى صعيد العراق وكردستان، من الملاحظ أن حكومة العراق بدأت تراجع حساباتها بعد افتعالها الأزمة مع إقليم كردستان، حيث رأت أن النتائج لم تتقدم حسب ما كان مخطط له، فقد فشلت في تقسيم الإقليم وفي مساعيها لتأليب القوى والمكونات الكردستانية ضد بعضها البعض كما تعثرت جهودها في كسب المساندة اللازمة لها من بعض القوى الدولية المتواجدة في المنطقة وخصوصا أمريكا، هذا ناهيك عن تفاعل وتصعيد الصراعات بين القوى العراقية المختلفة ذلك مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية المزمع إجراؤها في شهر أيار القادم كحد أقصى، بالإضافة إلى بروز ظاهرة الفساد المالي والإداري التي تشمل شخصيات من مستويات سياسية رفيعة كنواب رئيس الجمهورية الثلاث وغيرهم من مختلف المستويات السياسية والإدارية، هذا فضلا عن تفاقم الوضع الاقتصادي والمالي جراء العجز الواضح في الميزانية العامة للدولة، ما يعني أن وضع العراق يزداد ارباكا وتعقيدا، والمسؤولية أولا وأخيرا تقع على عاتق الحكومة العراقية، وما عليها إلا إعادة الترتيب لمجمل الأوضاع والسعي الحثيث والجاد إلى تسوية العلاقة مع إقليم كردستان عبر الحوار والتفاوض بغية عودة المياه إلى مجاريها والعدول عن مواقفها السلبية حيال كردستان، وعليها احترام إرادة شعبها في حقه بتقرير مصيره بنفسه ..
أما إقليم كردستان، فيبدو أن الخط البياني لتفاهمات القوى والمكونات الكردستانية في صعود، ما يعني أن الاهتمام ينصب بشكل أساسي على ترتيب الوضع الكردستاني الداخلي من جديد والسعي الحثيث نحو قطع دابر التفاعلات المريبة للحد من التدخلات الإقليمية، كما يبدو الاهتمام المتزايد بفعاليات البيشمركة الباسلة من حيث العتاد والإعداد للمرحلة القادمة خصوصا بعد أن دخل بأسلوب جديد ساحات المعارك القائد المناضل مسعود بارزاني ما عزز تلك الفعاليات وزادها همة واقتدارا حينما رأت القائد إلى جانبها، هذا ولم تدخر قيادة الإقليم المساعي والجهود الدبلوماسية في التواصل مع أصدقاء الشعب الكردي دوليا وإقليميا بغية تعزيز العلاقات وتطويرها بما يخدم تطلعات شعبنا الكردي في حقه بتقرير مصيره أسوة بالشعوب والأمم الأخرى.
ومن الجدير ذكره أن تصريحات هامة وملفتة للنظر من بعض قيادات الإقليم مؤخرا وفي المقدمة منهم القائد البارزاني حينما قال ومن منطلق القوة والتحدي ما معناه أن نتائج الاستفتاء لا أحد يستطيع إلغاءها، ما يوحي أن الاستفتاء غدا أمرا فوق الحوار والتفاوض كونه التعبير الأقوى عن إرادة شعب كردستان بمكوناته وانتماءاته القومية والسياسية والدينية، ذلك مثار الارتياح والعزم على المضي قدما على نهج الكوردايتي نهج البارزاني الخالد نحو تحقيق المشروع القومي الكردستاني المنشود.
وفي كردستان سوريا ، ما زال حزب الاتحاد الديمقراطي ( p.y.d ) يسير على منواله في التعاطي مع الشأن السياسي رغم ما يدور حوله من تطورات هامة لا تخدم توجهاته أو أنها على النقيض تماما من سياسته وتطلعاته المتعارضة مع الوضعين السوري عموما والكردي خصوصا، تلك السياسات والممارسات التي جعلته في فلك يدور حول نفسه ويضعه في عزلة عن الوضع السياسي العام دوليا ومحليا، دون أن يتنبه إلى متطلبات المرحلة ومقتضياتها، فهو يزعم أحيانا دعوة وحدة الصف الكردي ووحدة موقفه السياسي وفي ذات الوقت مستمر في معاداته للمجلس الوطني الكردي في سوريا وأحزابه السياسية ومكوناته المجتمعية والثقافية، بل يزيدها ضراوة وعنجهية، من ملاحقة واحتجاز المزيد من قيادات وكوادر أحزاب المجلس وخصوصا حزبنا (الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا) وملاحقة الشباب لتجنيدهم الإجباري، وما تزال مكاتب المجلس ومكاتب ومقرات أحزابه مغلقة، فضلا عن المداهمات للمنازل بهذه الحجة أو تلك، وممارسة المزيد من القمع والتعسف حيال نشاطات المجلس وأحزابه وآخرها منع انعقاد المؤتمر الوطني الرابع للمجلس بمداهمة المكان عنوة وتحت التهديد بالقوة وإطلاق العبارات البذيئة لأعضاء المؤتمر ولرموز شعبنا الكردي، كل ذلك في سعي لاستهداف الحياة السياسية في كردستان سوريا ، متناسيا أن القادم من الأيام ستؤكد أن زمن التفرد بالحياة السياسية والحزب الواحد قد ولى دون رجعة.
أما المجلس الوطني الكردي بأحزابه ومكوناته، فيؤكد يوما بعد آخر أن تلك الممارسات القمعية الممتلئة حقدا وضغينة لن تنال من عزيمته وإرادته ولن تثنيه عن العمل والنضال بل تزيده قوة وعزيمة لمضاعفة الجهود والمساعي السياسية على مختلف المستويات محليا وكردستانيا وإقليميا ودوليا، وتبدو نشاطاته وفعالياته عبر الاجتماعات المتواصلة لأحزابه وهيئاته التنظيمية واللقاءات الجماهيرية من خلال التظاهر والاعتصام في العديد من المناسبات، والسعي لتوسيع العلاقات مع القوى والفعاليات الكردستانية وتعزيز العلاقات النضالية مع قيادة إقليم كردستان العراق، كما لم يدخر المجلس جهدا في حضور المحافل الإقليمية والدولية وآخرها حضوره المتميز مؤتمر رياض2 الأخير وبتمثيل أوسع، وهكذا حضوره عبر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة مؤتمر جنيف8 ، ولقاءاته في الأروقة والكواليس مع العديد من الشخصيات السياسية الهامة أبرزهم المبعوث الدولي ستيفان دمستورا سواء بشكل مباشر أو عبر ممثلية أوربا للمجلس، ذلك بعد تنظيم تظاهرة احتجاجية أمام مقر التفاوض في جنيف للاهتمام بالقضية الكردية في سوريا وحلها وفق العهود والمواثيق الدولية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…