الرياض 2 هل من حل لمعاناة السوريين

افتتاحية جريدة ( المساواة) *
مع نهاية شهر تشرين الثاني 2017 انتهى مؤتمر الرياض (2) الذي ضم حوالي 140 مندوبا وجميع منصات المعارضة إضافة إلى شخصيات معارضة مستقلة , وبعدها بدأت جولة جنيف الثامنة بعد توقف دام عدة شهور شهدت خلالها الساحة الميدانية تطورات هامة , اندحرت فيها داعش أو توارت من مناطق تواجدها الهامة , الأمر الذي أزاح احد أسباب إدامة الأزمة السورية , واستحوذت المزيد من الجهد والاهتمام , وإذا تميزت رياض (2) بأنها أبعدت بعض الشخصيات المعارضة عن المشهد فأنها تميزت أيضا بأنها نأت بنفسها عن الخطاب العروبي والإسلامي الذي اخذ عليه كثيرا وجعل من المعارضة اقرب إلى النظام في تصوره لسوريا المستقبل وبما لا ينسجم مع ما ثار من اجله السوريون وقدموا في سبيله من تضحيات .
ورغم أن ما صدر عنه من محددات لم يرق إلى مستوى تطلعات أبناء الشعب الكردي في سوريا وما ناضل في سبيلها طويلا , ورغم ملاحظات أطراف أخرى أيضا , إلا أن مؤتمر رياض (2) قدم طروحات جديدة تجاوز بها إشكاليات عديدة حالت دون توافق الأطراف , في المقدمة منها هوية الدولة السورية التي حددتها ( كدولة متعددة القوميات والثقافات) وأقرت بالحقوق القومية للكرد والمكونات الأخرى وان بصياغات عامة ( يضمن دستورها الحقوق القومية لكافة المكونات من عرب وكرد وتركمان وسريان وأشوريين وغيرهم واعتبار القضية الكردية هي جزء من القضية الوطنية السورية وضرورة إلغاء جميع السياسات التمييزية والاستثنائية التي مورست بحقهم ) ومع اعتماد هذه المحددات التي وردت في البيان الذي أصدره المؤتمر كمرجعية للتفاوض في جنيف فإنها تكون قد وضعت القضية الكردية كإحدى الأوراق التي يجب التباحث بشأنها وضرورة إدراجها على جدول العمل .
ومهما حظي به مؤتمر الرياض (2) بما سجله وبما سجل عليه , فانه يعد محطة هامة وانعطافا نحو الأفضل , وان ترجمة ما تناوله من نقاط مرهون بحرص مكوناته على وحدة الموقف والسعي الجاد لإنجاح المفاوضات وتحقيق طموحات السوريين في بناء دولتهم التي جعلت سوريا ساحة للظلم والقهر وساهمت في إنتاج الاستبداد وصبغت البلاد بلون واحد .
وبقدر أهمية ومسؤولية المعارضة في دفع عملية السلام يأتي مسؤولية المجتمع الدولي والدول الراعية لها مضاعفا بوضع حد لتسويف هذه المحادثات , وإضافة أرقام وتعدادات جديدة لجنيف خاصة في ظل المستجدات والتمدد الإيراني المفتوح والعابر للحدود , ووضع حد لمعاناة السوريين الذي لم يعد يطاق ومساعدتهم في تجاوز محنتهم وتحقيق ما ضحوا في سبيله , الحرية والكرامة .
* الجريدة المركزية لحزب المساواة الديمقراطي الكردي في سوريا / العدد (506)

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين نحن في حراك ” بزاف ” أصحاب مشروع سياسي قومي ووطني في غاية الوضوح طرحناه للمناقشة منذ اكثر من تسعة أعوام ، وبناء على مخرجات اكثر من تسعين اجتماع للجان تنسيق الحراك، وأربعة لقاءات تشاورية افتراضية واسعة ، ومئات الاتصالات الفردية مع أصحاب الشأن ، تم تعديل المشروع لمرات أربعة ، وتقويم الوسائل ، والمبادرات نحو الأفضل ،…

أحمد خليف أطلق المركز السوري الاستشاري موقعه الإلكتروني الجديد عبر الرابط sy-cc.net، ليكون منصة تفاعلية تهدف إلى جمع الخبرات والكفاءات السورية داخل الوطن وخارجه. هذه الخطوة تمثل تطوراً مهماً في مسار الجهود المبذولة لإعادة بناء سوريا، من خلال تسهيل التعاون بين الخبراء وأصحاب المشاريع، وتعزيز دورهم في دفع عجلة التنمية. ما هو المركز السوري الاستشاري؟ في ظل التحديات…

خالد ابراهيم إذا كنت صادقًا في حديثك عن محاربة الإرهاب وإنهاء حزب العمال الكردستاني، فلماذا لا تتجه مباشرة إلى قنديل؟ إلى هناك، في قلب الجبال، حيث يتمركز التنظيم وتُنسج خططه؟ لماذا لا تواجههم في معاقلهم بدلًا من أن تصبّ نيرانك على قرى ومدن مليئة بالأبرياء؟ لماذا تهاجم شعبًا أعزل، وتحاول تدمير هويته، في حين أن جذور المشكلة واضحة وتعرفها جيدًا؟…

عبدالحميد جمو منذ طفولتي وأنا أخاف النوم، أخاف الظلمة والظلال، كل شيء أسود يرعبني. صوت المياه يثير قلقي، الحفر والبنايات العالية، الرجال طوال القامة حالقي الرؤوس بنظارات سوداء يدفعونني للاختباء. ببساطة، كل تراكمات الطفولة بقيت تلاحقني كظل ثقيل. ما يزيد معاناتي أن الكوابيس لا تفارقني، خصوصًا ذاك الجاثوم الذي يجلس على صدري، يحبس أنفاسي ويفقدني القدرة على الحركة تمامًا. أجد…